حوالي الساعة الحادية عشرة مساء 19 أغسطس 1941
لماذا لم أكتب في تلك اليوميات التي اصفر ورقها، (بعد أكثر من خمسين عامًا، ألا تريد أن يصفر ويصبح هشًا مثل حياتك نفسها، وتظل له مع ذلك سطوة؟)، لماذا لم أحبك.. كيف إنني واجهته في البداية بلكمة على فكه، (...)
السؤال عن دور الأدب قديم ومتجدد، ربما لأنه لا توجد إجابة قاطعة. فلم تقم هناك مجتمعات من قبل دون أن يكون للأدب دور فيها، ولكن ما أهمية وحدود هذا الدور؟ وما جدوى الأدب اليوم؟
دعونا نفكر قليلاً:
هل يمكن أن يختفي دور الكاتب أو الشاعر في المجتمع؟ ألا (...)
في 11/4/1990 "قُبض على محمد المهدي عيسى نصر 38 سنة وهو يعرض ابنه محمود المهدي 3 سنوات للبيع مقابل 20 ألف جنيه، وهو بواب بمنطقة الملك فيصل".
البواب الصعيدي بعمامته العالية البيضاء وشاربه الكث والتلفيحة الثقيلة على كتفيه يحمل ابنه المبتسم "الذي يربت (...)
كان يا ما كان، يا سعد يا كرام، في سالف العصور وغابر الأزمان - وحتى الآن - دبّ قطبي ابيض ناصع البياض يجوب السهول والأصقاع والرياض ويشق الثلوج ببدن ضخم واثق وقادر لا يقاومه مقاوم ولا يجرؤ على منازلته سبع ولا إنسان.
أعطيت "تيا" بنت ايمن، حفيدتي الصغيرة (...)
نحن، شئنا أم لم نشأ، اعترفنا أم أنكرنا، نعيش في قرية خلفية من قرى العالم المتحضر، الالكتروني، اللاهث هرباً من جلده، متفجراً بما يملؤه من "تقدم" تكنولوجي، منطلقاً نحو قشرة خارجية أخرى غير قشرته، نحو القمر والكواكب والمجرات الكونية، وما بعدها، وهي (...)
عندما نزلنا بمطار أكرا كان الليل الأفريقي قد حل.
أم هل كان ذلك في داكار؟
نزل الركاب القلائل على مدرج الطيران العريض المسفلت ثم مشينا على أقدامنا نحو مبنى المطار .. ساحة المطار مفتوحة تحت القمر المدور الواسع، محمر اللون قليلاً، يصعد بسرعة من الأفق. (...)
ماذا يفعل هذا الفتى النائم في عز الظهر تحت باب سينما الهمبرا المحترق، بجلابيته التي لا لون لها، كابية، قذرة، انسحرت عن رجليه العاريتين القشفتين السوداوين بالتراب القديم الجاف، أصابع قدميه ضخمة أطافرها كبيرة محشوة بالقذر المتحجر، ناتئة على رصيف (...)
خرجت من الفندق الصغير ونزلت مشياً على الأقدام، وذرعت شارعآً طويلاً أشبه بشارع 12 في راغب باشا، بيوته أليفة ومفتوحة الأبواب، دكاكين البقالين تذكرني بالبقال التركي في أول شارع راغب كان يوغوسلافياً يعني من البوسنة، كما عرفت فيما بعد ثم وقعت فجأة على (...)
العدوان على لبنان يؤكد الطبيعة الخاصة لدولة إسرائيل القائمة على العدوانية وانتهاك حقوق اللبنانيين والفلسطينيين معاً، وهذا ليس بجديد، وما يزيد الأمر سوءاً هو صمت النظم والدول العربية إزاء العدوان السافر الذي لا يحتمل السكوت، بل يتعين الوقوف أمامه (...)
من الحق ان كلمة "أزمة" أصبحت من الشيوع والانتشار حتى كادت تفقد وقعها. هناك على الأصح مشكلات للثقافة، لا شك في هذا. هناك أوجه تبشر بازدهار محتمل وهناك نذر توحي بأخطار ماثلة توشك ان تعوق الثقافة عن أداء رسالتها. وفي تقديري أن أزمة الثقافة - ان كانت (...)
إبراهيم فرغلي كاتب ينتمي إلى ما يسمى عادة جيل التسعينات - أو الحركة - الظاهرة أو اتجاه الكتابة التسعينية، وما بعدها. وفي كتابته تتضح ملامح هذه الكتابة، إن سلباً وإن إيجاباً على السواء، في الرؤية أو في الصوغ، وهل ثمة تفرقة ممكنة بينهما، ولكن له (...)
الروائي لورانس داريل صاحب "رباعية الاسكندرية" الشهيرة سيكون له جناح خاصّ في مكتبة الاسكندرية وفيه تعرض مخطوطات له وأشياء خاصة علاوة على كتبه. وكانت زوجته ايفا عشيقة مدينة الاسكندرية التي ولدت وتزوجت فيها الكاتب الشهير، هي التي وهبت المكتبة مقتنيات (...)
ما بقي في ذاكرتي من غسان كنفاني أمران: حس ناجع بمأساة شعبه والرغبة المستمرة في قهر هذه الفاجعة حتى لو كان الثمن هو تضحية بالحياة نفسها.
يبقى في ذاكرتي همّه المحرق بقضايا شعبه بحيث يترجم هذا الهم عن نفسه بعبارات قد تبدو مباشرة أو حارة أو ساخنة أو (...)
في مثل هذه الأيام منذ اثنين وخمسين عاماً كنت خرجت من معتقلات فاروق في الطور وابوقير، ضائعاً موزع اللب، وقد فقدت إيماني للمرة الثانية. وعندما رأيتك عندئذ - والآن - جميلة حتى مشارف الأمل، رهيفة ورقيقة ويانعة، ضربتني صاعقة الحب، ومازالت.
هل كنت ابتسمت (...)
ها أنذا بعد أكثر من نصف قرن، منذ أن رحلت عنا يوم 10 آب اغسطس 1949 - وكنتُ عندئذ معتقلاً في بقعة نائية مخوفة هي محجر الطور - أكتب إليك لأنك ماثل عندي لم تغادرني منذ وعيت كتابتك في أواخر الثلاثينات، ربّما. لأقول لك - وأنت لك حضورك بيننا نحن محبيّك (...)
بمعنى أنه إذا كان ارتحل عنا جسمانياً، فيزيقياً، فإن حضوره بيننا ماثل متفجراً بالحيوية، قادر على الالهام.
لم أكن دائم الصلة ببهجت عثمان - ما اقسى ما تتطلبه الحياة اليومية والروحية وظروف المعيشة - لكنني كنت وما زلت ازعم انني وثيق القربى منه.
مقاربة (...)
كنت قد استعدت بغموض ذكرى مارينا الطفلة ونحن في بيت عمتي ديماريس، أما الآن فهي قد نضجت ونهد صدرها الصغير وكانت عيناها الخضراوان النجلاوان تضربان قلبي. بحب لا يُرد. ولم أكن اتمالك نفسي عن الضحك - مع ذلك - وهي تحاول ان تقلد لهجة أهل البندر في اسكندرية (...)
أذكر أنه عند نشر مجموعتي القصصية "حيطان عالية" كانت هناك رقابة على الكتب قبل أن تنشر. اعترض الرقيب وكان ضابطاً مثقفاً ورقيقاً وعنده حس لغوي أيضاً، هو النوع نفسه من الضباط في كل مكان. في مثل هذا الموقع، اعترض على اوصاف وعبارات رآها إباحية. التزمّت (...)
جسده المضني انحسرت عنه سورات النشوات القديمة، التي لم يعرفها بعد، وكانت كامنة فيه. فجوة واحدة بين صخور الحبل الرمادي الحار، مفتوحة على سماء حجريّة لا استجابة منها، بيضاء غير صافية البياض، مشتعلة. شجرة الدوم نحيلة، عتيقة، عليها طبقة خفيفة من التراب، (...)
"منازل القمر" للكاتبة سمية رمضان، هي اماكن الروح، بحثت عنها، وتوقفت لديها وتأملت فيها.
لكنّ المكان - منذ الصفحة الاولى في هذا الكتاب - لا ينفصل في حال عن الزمان. "لكل حال من احوال الحياة - واقرأها "الروح" - ميقات، ولكل امرئ منزل يعود إليه"! فهل (...)
في "مائيات صغيرة 1989" وفي "مائيات صغيرة 2000" يواصل عدلي رزق الله رحلته، ولكنه هذه المرة ينصاع، ويعود ممتثلاً، الى هاجس قديم ظل يراوده سنوات طويلة، يتأبى عليه غالباً ويطاوعه قليلاً، أعني بذلك هاجس "النمنمة"، أو هاجس الوجازة والدقة ولا أقول غواية (...)
شمس بؤونة - كالمعتاد - تفلق الحَجر.
أخميم تتلظى بلهبها المحرق، السماء صفحة من رصاص حاد الزرقة إلى حد التوهج الأبيض تقريباً.
خلت الشوارع، أغلقت البيوت أبوابها، لاذ الناس بالغرف الظليلة البحرية المكنونة المطلة على الأحواش الداخلية والمناور والمنادر (...)
مؤلف رواية "أركيولوجيا الصِفْر" L,Archeologi du Zero آلان نادو كان، إلى عهد قريب، مسؤولاً عن النشر الفرنسي في تونس. وله، فضلاً عن "أركيولوجيا الصفر"، رواية في عنوان "الصحراء الفيزيقية" Desert physique وفيها علماء آثار يبحثون عن مكتبات سومرية مفقودة (...)