نحن اليوم نشهد سباقًا يسبق الريح في نهضة تاريخية، يقودها مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، إنها قفزة نوعية رائعة في جميع المجالات، ولله الحمد، ومنها الإدارة وفنها. ومع ذلك، لا تزال بعض الوزارات تعاني من وجود موظفين مترهلين، فاقدي الإنتاجية، ممن أسهمت ظروف معينة أو المحسوبيات مع مرور السنين، في حصولهم على امتيازات لا تتناسب مع قدراتهم العلمية أو العملية، هؤلاء لم يحققوا أي قيمة تُذكر لسنوات، بل أصبحوا عبئًا على مؤسساتهم، مما يجعل أي عمل يشرفون عليه محكومًا عليه بالفشل، بل قد يلحق الضرر بالجهة التي ينتمون إليها، لأنهم ببساطة ليسوا أصحاب كفاءة أو تخصص. هذه الفئة من المترهلين غالبًا ما تلجأ إلى الأساليب غير المهنية، وتُعدّ من أكثر الفئات التي تعيق التطور والتميّز، فهم كما يقول المثل المصري: «بتاع كله»، بلا تخصص حقيقي، يسعون لاستقطاب القيادات الرخوة وضمان بقائهم بعيدًا عن رياح التغيير التي قد تكشف محدودية إمكاناتهم. إنهم أذكياء في التكيف مع الأوضاع، ويتقنون أساليب التملق والتلاعب، ما يستدعي من القادة الحذر الشديد عند التعامل معهم. لكن رسالتي لهؤلاء: اربطوا الأحزمة! قطار التغيير انطلق بسرعة الصاروخ، ولن يتوقف عند أحد، فقد بدأ الوطن مرحلة جديدة من الإنتاجية الحقيقية، وتوديع زمن المحسوبيات والامتيازات غير المستحقة. سيأتي اليوم الذي نقول فيه: «كان هنا مترهل»! وهنا، لا بد أن نؤكد على مسؤولية القيادات المهنية في هذا الوقت الحاسم، فالقيادة الإدارية يجب أن تكون على مستوى عالٍ من المهنية والعلمية، تقود مؤسساتها نحو النهوض والإنتاجية الفعالة، وتعتمد على الكفاءات الحقيقية دون مجاملة أو عاطفة. من يتولى منصبًا قياديًا يجب أن يستشعر عظم الأمانة التي يحملها، ويتقي الله في إنصاف كل موظف تحت إدارته، فلا يفضل غير المستحقين على الأكفاء، ولا يمنح متسلق فرصة لإدارة من آتاه الله سمة الإخلاص والتفاني والجد والاجتهاد وحسن العمل. ويتذكر أنه محاسب أمام الله في أي تقصير أو إهمال في حق العاملين تحت إدارته. الإدارة فن وعلم وفكر، فمن يتقن الإدارة قولًا وفعلًا، يذوب أمامه المغتاب والنمام والمترهلين والمنافقين والمنتفعين، ويصعد معه كل مخلص وصادق وكفوء، ويأتي الإنتاج، ولديه لا تحكم العواطف بل الواقع. يقول الخليفة معاوية بن إبي سفيان: ما أحسنَ العدلَ والإنصاف من عَمَلٍ وأَقبحَ الطيشَ ثم النَّفْشَ في الرجُلِ نسأل الله أن يحفظ وطننا، وولاة أمرنا، وأن يوفق الجميع لما فيه الخير والعدل والإصلاح.