يمكن تلخيص حالة الاتحاد الأمريكي فيما يتعلق بقضايا المنطقة بجملة من المتغيرات، هرولة باتجاه إيران، العدوة السابقة والصديقة حاليا، وتقاعس حيال الأزمة السورية، وتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة. هذه المتغيرات تجلت واضحة في خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس أوباما البارحة الأولى، حيث هدد ولأول مرة في هذا الخطاب والذي يعتبر عادة خارطة الإدارة الأمريكية حيال مواقف واشنطن في مجمل القضايا العالمية، بتعطيل أي قانون يفرض عقوبات يتم التصويت عليه ضد طهران في الكونجرس، عبر استخدام حق النقض الفيتو خلال فترة إجراء المفاوضات الدولية. ويبدو أن الملف الإيراني يعتبر الملف الأكثر إلحاحا في ولاية الرئيس الأمريكي الثانية، خاصة بعد التوصل بين طهران والقوى الكبرى إلى اتفاق تاريخي مرحلي، حول تجميد جزئي للأنشطة النووية، مقابل رفع جزئي للعقوبات. ومن الواضح أنه عندما ذهب روحاني الرئيس الإيراني إلى نيويورك، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم يكن يتوقع أنه سيتلقى مكالمة من الرئيس أوباما، وهو في طريق عودته إلى طهران في مغازلة واضحة لطهران. وبين ليلة وضحاها، تحولت إيران العدوة إلى الصديقة، وتغير الشيطان الأكبر (أمريكا) إلى الصديق الأكبر. ويبدو أن الرئيس أوباما كان يرغب آنذاك، برد إيجابي على الدعوة التي بعثتها طهران لكل زعماء العالم للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس المنتخب، ومن ضمنها أمريكا، والتي تعتبر الأولى لحضور مراسم احتفال تنصيب الرئيس الجديد، في سابقة لم تشهدها إيران منذ الإطاحة بالشاة وتقلد الخميني السلطة. ومن المؤكد أن التحول في تفكير وعقيدة الإدارة الأمريكية حيال إيران، هدفه الأساسي السعي لتحسين العلاقات مع طهران، التي لم تعدل من مسلكها السياسي حيال القضايا الإقليمية، خاصة الأزمة السورية، حيث تشارك قواتها في قتل الشعب السوري ودعم الجلاد ضد الضحية. الملامح التي ترسمها واشنطن مع إيران، لن تخدمها كثيرا في المنطقة، خاصة أن دول المنطقة تعلم علم اليقين أن برنامج إيران النووي ليس سلميا، ويهدف للهيمنة على المنطقة. بالمقابل، استفادت إيران من ذلك، لإعطاء الانطباع أنها دولة سلمية، وهي عكس ذلك، من خلال تدخلاتها في الشوؤن الداخلية لبعض الدول العربية والخليجية.