أوضح إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور خالد بن سليمان المهنا -في خطبة المسجد النبوي- أن الله تعالى تفضّل على أهل هذه الأمة بفضائل لا تُحصى، وأنعم عليهم نعمًا لا تُستقصى، أكمل لهم دينهم، وأتمّ عليهم نعمته، ورضي لهم الإسلام دينًا، فما أوتي أحدٌ نعمةً -بعد الإسلام- خير من الثبات على الدين، ولُزوم السنّة. وقال: إنه لما كانت العبرة بالخواتيم، كان عباد الله المتقون وأولياؤه الصالحون، أخوفَ الناس من سوء الخاتمة، ومن الزيغ بعد الهدى، لا تغرُّهم طاعةٌ عملوها، ولا توبةٌ أحدثوها، أحوالهم مع ربهم بين خوفٍ بلا قنوط، ورجاء بلا إهمال. وحذّر من سوء خاتمة من زاغ بعمله عن المنهج القويم، قائلًا: كم من عامل بطاعة الله ختم له بخاتمة السوء نعوذ بالله، والله حكَمٌ عدلٌ، لا يظلمُ الناس شيئًا، ولكن الناس أنفسهم يظلمون، فذاك يعمل الطاعة، وجُلّ همّه نظر الناس إليه، وثناؤهم عليه، وآخر يستبطيء الحسنة على طاعته، يرجو بها عرض الحياة الدنيا، وثالث يُعجَبُ بعمله، وهلم جرا، وإنما حسن الختام لمن أحسن العمل، فإن الله تعالى هو الكريم الأكرم، الغفور الشكور، لا يخذل عبدًا عبَدَه مخلصًا له. وأكد أن للثبات على الحق حتى الممات، أسبابًا أرشد إليها الحقُّ المبين سبحانه، وعلّمها المُرسل رحمةً للعالمين أمته، وعمل بها سلفُ هذه الأمة وتمسكوا بها، فمن أجلها وأعظمها غناءً عن العبد، موضحًا أن أسباب الثبات على الحق تشمل ملازمة الدعاء بالهدى إلى الصراط المستقيم والثبات عليه. وتابع أن من أصول أسباب الثبات على الدين اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولزوم سنته، والاقتداء به، والحذر من تتبع الأهواء المُضلة، وظلمات البدع، مبيناً أن مما يُثبّت العبد على طاعة مولاه، دوام تذكُّر الآخرة، وما يُذكّر بها، من ذكر الموت، وزيارة القبور، لأنه يقصُر الأمل، ويبعث على حسن العمل، إضافة إلى صُحبة الأخيار الأتقياء، الذين يذكّرون بالله، ويهدون بأمره، ويتواصون بالحقّ. ودعا إلى التفكّر في فناء الدنيا وزوال نعيمها، وتغيّر أحوالها، وتقليب الفكر في معاني انقطاع لذاتها ومنعها، مبينًا أن من حِكمة ذلك تثبيت قلوب العباد على الرغبة في النعيم المقيم الذي لا يُدرك -بعد رحمة الله- إلا بالثبات على الحق والصبر عليه.