شهدت أيام عيد الفطر المبارك وما تلاه من أيام قليلة مضت عددا كبيرا من احتفالات الزواج التي ما يزال كثير منها يحظى بطقوس وعادات مناطقية ذات خصوصية في بعض المناطق، ففي المنطقة الشرقية، وكذلك في عدد دول الخليج، ما زالت ليلة «الجلوات للعروسة» من العادات المتأصلة والمستمرة منذ قرون، دون أن تطرأ على تفاصيلها الخاصة تغيرات كثيرة وإن كانت قد شهدت بعض التحديثات المتعلقة تحديدا بتوقيت الجلوات، فبينما كانت هذه العادة تسبق ليلة الزفاف، باتت الآن مدرجة ضمن خيارات أخرى، مثل أن تتم بعد مناسبة الزفاف، وتضم معها عادة الاستقبال لتقديم التهاني، أو قد تكون قبل ليلة الزفاف، على أن يكون بينها وبينه فاصل ليلة واحدة بمثابة الاستراحة. طقوس المشامر المذهبة من أهم طقوس «ليلة الجلوات» هو لبس العروسة للمشامر المذهبة حيث يتغنى الحضور بأهازيج فلكلورية في الوقت الذي تمسك بالمشمر «الرداء المذهب» عدة نساء، ويسقفون به رأس العروس، وهي جالسة في وسط مجلس الجلوات، فيما تقوم النسوة برفع وإنزال المشمر كأرجوحة تحمل الهواء، ويرددن مطلع الأهزوجة الفلكلورية بلحن وإيقاع معين مع تغيير المشمر حتى يصل للعدد السابع. ووفقا لما ذكر المهتم بالتراث والباحث عبد الرسول الغريافي «تُعد المشامر المذهبة المطرزة بنقوش ذهبية وألوان زاهية جزءًا أصيلاً من التراث الثقافي في منطقة القطيف، وتحديدًا في تقاليد الزفاف. ويمتاز هذا التقليد بجماله الفني وغناه الرمزي، حيث يُستخدم بشكل خاص خلال طقوس الزواج». الأصل هندي نقلا عن الغريافي يعود أصل المشامر إلى الهند، حيث كانت تُصنع هناك وتقدم كرمز للجمال والفخر. ومع مرور الزمن، وصلت هذه الصناعة إلى منطقة الخليج، بما في ذلك القطيف والأحساء. وقد تم تطوير بعض الأنماط لتتناسب مع الثقافة المحلية، مما أضفى طابعًا مميزًا على هذا التقليد. وأوضح «بدأ استخدام المشامر في القطيف والأحساء وغيرها من مدن المملكة منذ قرون طويلة كجزء من طقوس الزواج، حيث كانت تُعد رمزًا من رموز الفرح والاحتفال. وتوارثت الأجيال هذا التقليد لما يحمله من دلالات مجتمعية وتاريخية، مما جعله يتماشى مع روح الزواج في المنطقة». تعريف الجلوات عن الجلوات قال «هي عبارة عن موشحات تحمل طابعا إطرائيا ومديحيا، وتمزج بين الفلكلور والموشحات الدينية، وتتكون الجلوة من سبعة مقاطع، وكل مقطع يُمثل رفع الستار عن وجه العروسة. يتم تغيير المشمر عند كل جلوة، مما يعزز من جمال الحفل». وأكمل معرفاً «الجلوة في الأساس من مصدر جلا أي أزاح وهي كناية عن إزاحة الستارة أو ما تغطى به العروس، وقد اُستخدم لكل إزاحة أو جلوة مشمر واحد جديد مختلف ليكون رمزاً، وعند كل إزاحة يردد موشح فلكلوري، وعند بداية كل مقطع من المقاطع السبعة يستبدل مشمر جديد مختلف لونه، والجلوة في الأساس هي ما يعطيه الزوج عروسه وقت الزفاف، أو عند كشف وجهها، وعادة ما تلبس العروس وقتها المشمر المعروف بالترملي أو التمبيلي». المشمر الترملي أبان الغريافي: يعد مشمر «ترملي» أو «تمبيلي» من أشهر المشامر التي استخدمت قديماً في حفلات الزفاف وتحديدا الجلوات، ويتميز هذا المشمر بأنه أكثر سماكة من المشامر الأخرى، ويُعد رداءً هامًا يتماشى مع الاحتفالات. تقاليد عائلية من جهتها، ترى نجاة حبيب أن هذه العادات تساهم في الحفاظ على الهوية والاستمرار في نقل القيم الثقافية عبر الأجيال، مما يجعلها رمزًا للاحتفال بالمناسبات السعيدة. ولفتت إلى أنها تحتفظ بمجموعة من المشامر الملونة يصل عمرها إلى 31 عاماً استخدمتها لفتيات العائلة في مناسبات الزواج، وما زالت حتى الآن باعتبارها من العادات والتقاليد العائلية الجميلة. وأبانت «يتضمن طقس الجلوات التغني بالأهزوجات المعروفة لدى السيدات من كبيرات السن، وتحمل في طياتها كلمات جميلة تحتفي بالعروس وتصف زينتها، حيث تشير إلى الأزياء والمشامر والطرز، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من طقوس الفرح لتبقى المشامر المذهبة المطرزة جزءاً مهماً من التراث الثقافي في القطيف والخليج، تعكس الهوية والتراث المتجذر في المجتمع». زينة العروس فيما استرجعت أم عبدالله زينة عروس القطيف قديماً وأشارت إلى أنها تلبس سروالا مشجرا أو محجلا مزينا بالوريقات المطرزة باللون الذهبي، وهذا اللباس معروف بكونه لباسا للأغنياء والوجهاء والعروس، وعادة ما تلبس فوق السروايل المشجرة ثوباً مقلماً وفوقه لباس يعرف بالثوب الهاشمي، وفيه ألوان منقوشة بالزري والخيوط الفضية والذهبية الرائعة، وتصاحب طقوس زفاف العروس سبع مشامر مزركشة وهي قطع من القماش الحريري تسمى (ترملي وبيرسن) تُتورب بها العروس في ليلة التجليسة أو التوربة، والتوربة مصطلح قديم يقصد به تسقيف رأس العروس بالمشمر المذهب، وتكون ليلة الجلسة أو الجلوات بعد ليالي الحناء، وقبل ليلة الزواج. ومن نصوص الأهازيج المعروفة للجلوات: واتريمبوه وآنجومي واتريمبوه وآنجومي عروس إن عرست لا لوا عليها جيبوا الحناية تحني إيديها جيبوا الخضابة تخضب إيديها عروس إن عرست لا لوا عليها