يروي الدكتور عوض القرني، استشاري طب العيون وزراعة القرنية، قصة إنسانية ملهمة حدثت في شهر رمضان الماضي في ولاية صغيرة من الولاياتالمتحدةالأمريكية. عندما توفي السيد «جون» عن عمر يناهز 73 عاماً، ترك وراءه وصية نبيلة بالتبرع بجميع أعضائه، حيث كان يؤمن بأن العطاء يستمر حتى بعد الموت، ليضيء شموع الأمل في قلوب الآخرين. وبعد وفاته، تمت إجراءات التبرع، ومن بين الأعضاء الموهوبة كانت القرنيتان اللتان تحوّلت لاحقاً إلى أمل جديد في المملكة العربية السعودية، حيث كان هناك مريضان يترقبان الأمل بقلوبٍ ملؤها الترقب، الأول شاب سعودي يبلغ من العمر 39 عاماً، يعاني من القرنية المخروطية التي أدت إلى تدهور شديد في قدرته على البصر وأصبح نظره ضعيفا جدا، والثانية سيدة سورية عمرها 45 سنة، تعاني من ندبات في القرنية نتيجة لخلل جيني وراثي لديها. بعد تقديم طلب للقرنيتين من بنك العيون الأمريكي، وصلت القرنيتان خلال أسبوع، وفي يوم العملية، اجتمع الدكتور القرني مع الفريق الطبي وأجروا العمليتين بدقة وإتقان، وبدأت الرؤية تعود لهما، وتجددت آمالهما في مستقبل أفضل. نقل القرنيات وعن آلية نقل القرنيات من الدول الأخرى إلى المملكة يوضح القرني أن استيراد القرنيات يتم عبر بنوك العيون الدولية المعتمدة، والتي تخضع للمعايير الطبية والأخلاقية الدولية مثل تلك التي تضعها منظمة الصحة العالمية. وتعتمد المملكة آلية تنظيمية من خلال الهيئة العامة للغذاء والدواء والمركز السعودي لزراعة الأعضاء (SCOT)، لضمان سلامة الإجراءات ومطابقتها للمعايير الشرعية والصحية. ويتم التنسيق غالباً من خلال قنوات صحية ومؤسسات طبية معتمدة مثل بنوك العيون الأمريكية، وتتم عمليات النقل عبر إجراءات رسمية تمر بالجهات الحكومية المختصة لضمان الامتثال الكامل للقوانين واللوائح. وأضاف أن زراعة القرنية متاحة لكل من يحتاج إليها طبيًا، سواء من المواطنين أو المقيمين، وفقًا لأولويات الحالة، ويتم إجراء العمليات في المستشفيات الحكومية مجانا، إضافة إلى القطاع الخاص برسوم أو بالتامين أو المؤسسات الخيرية حسب الحاجة. نسبة النجاح تتراوح نسبة نجاح عمليات زراعة القرنية بين 85 % إلى 95 %، وتعتمد على حالة المريض. تستغرق العملية بين 30 إلى 60 دقيقة، وتحتاج فترة الشفاء إلى عدة أسابيع أو أشهر مع متابعة طبية دقيقة. يختتم الدكتور عوض القرني حديثه بالشعور بالفخر لكونه سبباً في إعادة البصر لمرضى انتظروا طويلاً. ويقول: «التبرع بالأعضاء هو أعظم هدية يمكن منحها، فهو يمنح الحياة ويقلل من المعاناة». كما يبرز الدكتور القرني أن قصة السيد «جون» ليست مجرد حدث، بل دعوة للمجتمع السعودي لتقدير قيمة التبرع بالأعضاء. فكل عضو متبرع يمكن أن ينقذ حياة إنسان آخر ويعيد الأمل.