(تلك حياتي، لم تربطني شجرةٌ بوتدها، ولا رميتُ حبالي في بئر، نثرتُ زوّادتي ومضيتُ بثوبٍ واحد).
هذا هو أحمد المُلا بكل وضوح.. يزرع في كل بستان شتلة، ويمضي ميممًا نحو مساحة أخرى للغرس حتى تتضوع بإبداعه وحسّه الجمالي.. فمعه لا تستقيم المناهج البنيوية في (...)
في البدء كان الشعر.. ولما فاض اتخذ مسارب عديدة تلونت بقيمه وتمظهرت على شكل اجناس إبداعية مختلفة. فعلي الدميني الشاعر هو جميع ما مارسه من أعمال ومشاغل طوال حياته وإن تباعدت اتجاهاته بين هندسة الميكانيكا والصحافة والرواية.. فهي جميعاً تتقاطع في نقطة (...)
(إذا ضاق الصدر أكتب لك أشعار
أغني لك غزل وأعزف لك أوتار..)
هكذا هي نصوص الشاعر المخضرم جواد الشيخ، غنائيات رقيقة تتشكل صورها الشعرية وكلماتها من بيئته المحلية، ومتى ما أضفنا إليها محدداً آخر في مفهوم الفنون الشعبية والذي أشار إليه د.أكرم قنصو في أن (...)
عندما تصبح الثقافة الشعبية «معولمة»، حينها ستنهار آخر أسوار الممانعة في الحفاظ على التراث الشعبي للمجتمع وتتلاشى تلك المشتركات الجمالية والثقافية الناتجة عن بيئته ومعيشته اليومية. فجزء من ذلك فرضته طبيعة الاتصالات بوسائطها المتعددة والتي عملت على (...)
من المثير حقاً، وعند قراءتنا بعض الشروحات التي تحاول رسم ملامح لقصيدة النثر وتتبع قواعدها أن يتبدى لنا جانب مثير فيها ويمكن وصفه بعملية قراءة الكرة البِللوّرية الشهيرة! وأيضاً يصدق تماماً على بعض شعرائها وهم يجاهدون بلغة شعرية مشحونة بالمجاز (...)
التحولات الثقافية عند ما نرصدها بمنظور تقني، نجد أن لوسائط الاتصالات وبرامج التواصل الاجتماعية تأثيرها الذي لا يمكن تجاهله أو التقليل من شأنه في حدوث الكثير من التغييرات التي طالت العديد من مظاهر الحياة وأنماطها وأساليب التعبير فيها. فالأمثال (...)
عادة ما تشف الكلمات وترق متى ما كان موضوعها متصلا بعهد الصبا ومرح الطفولة. فالكتابة الإبداعية بذاكرة طفولية لا تقوى إلا أن تكون منقادة بعين ذلك الصبي الذي لا يكف عن رفع يده مندهشا ومستفزا لكل فراشة ملونة يشاهدها وهي تتنقل من شجرة إلى أخرى مشكلاً (...)
بجهد استقرائي بسيط، يمكن للراصد لساحتنا الأدبية، وبالذات الإبداع السردي، أن يواجه ظاهرة تداخل الأجناس الإبداعية وتلاشي الفواصل بينها وبالذات بين القصة القصيرة والقصيرة جدا أو الأقصوصة. وعندما نمعن في الاستقراء وتتبع الفارق بينهما، يقابلنا الجنس (...)
اصطحبني والدي في طفولتي المبكرة إلى مشاهدة عرض مسرحي، كان يقام على مسرح إحدى مدارس المنطقة، وشعرت ساعتها باضطراب كبير، فكيف لطفل صغير أن يفهم حقيقة انفعالات من هم على خشبة المسرح وانها مجرد تمثيل!؟ فهذا التداخل العجيب بين صورة الحدث اليومي الواقعي (...)
في ظاهرة ملفتة وتدل على اتساع مساحة «الخير» ونموه في مجتمعنا، تقدمت إحدى الجهات الصحية قبل سنة تقريبا بدعوة متطوعين للمشاركة في تنظيم فعالية توعوية ومهرجان يعنى بصحة الفرد، فما كان من قائمة الأسماء إلا وقد امتدت إلى الآلاف من الراغبين في المساهمة في (...)
ربما مقولة أن العالم أصبح بمثابة قرية لم تعد معبرة في ظروف هذا الحراك الهائل للوسائط الإلكترونية التي تفرعت كجداول من نهر تقنية الاتصالات الهادر. فإذا كانت برامج الاتصال كالإنترنت والإيميل وسكايب بي... هي من دفعت هذه المقولة إلى الواجهة، فبرامج (...)
كنتيجة لتفاعل التقنية بالثقافة، يراهن الناقد والفيلسوف الفرنسي ريجيس ديبريه على نتاج هذا المزيج ويوظفه في مشاريعه الثقافية تحت عنوان عريض هو «الميدلوجيا». فمن امتزاجهما معا (ثقافة - تقنية) نحصل على تقليد ثقافي يستوعب الابتكار التقني «ويُمكن أن ينتج (...)
في مجال رصد آثار الحداثة المادية على المجتمعات، يُنظر إلى العوامل «الغير» ثقافية مثل دخول الآلة أو إحداث تغيير في طبيعة الارض وفضائها، على أن له انعكاسا مباشرا وملحوظا على طبيعة العيش وأساليب الحياة وثقافة البشر.
ونحن، وبعد عقود من تماسنا مع الحداثة (...)
لم يبرح المشفقون على مكانة الشعر في عصرنا الحديث يتوجسون الخيفة وتستفزهم مقولة إن الشعر في طريقه إلى الانحسار بعد جدية منافسة الرواية له وذلك قياساً على جاذبية الرواية بالنسبة إلى دور النشر وميول القراء وتفضيلاتهم.
فهذا الهاجس يأتي مدفوعاً بكتابات (...)
لطالما مثل العيد بعدا وجدانيا هاما للفرد بالإضافة إلى جوانبه الروحية الإيمانية وكذلك الاجتماعية. فهو محطة رئيسية تستوقف الذات في لهاثها المستمر وانشغالها بهموم اليومي والعادي لتمنحها الفرصة للقيام بالتفافة سريعة على كل ذلك وتوقفه باتجاه الروح وحدها، (...)
في سعيه لإبراز أهمية الخيال بالنسبة إلى الفكر البشري، يقدم جان لاكان المحلل النفسي الفرنسي لبحثه بهذه المسلمة: «الخيال ليس مماثلا للوهم»، بعدها يرتفع بالخيال إلى درجة ملفتة حيث يعتبره الفاعل الرئيسي والمنظم لعملية وعينا بالعالم ومن ثم اسباغ المعنى (...)
حين الحديث عن البدايات في قصيدة النثر، نشير دوماً إلى تلك اللحظة الزمنية التي ترجم فيها أنسي الحاج وأدونيس فصولاً من رسالة الدكتوراة المعدة من قبل سوزان برنار عن قصيدة النثر الفرنسية عام 1958، أما عن حقيقة تأثرنا بالأدب الإنجليزي فهو ما زال مفتقداً (...)
ليس من مهمات القصة القصيرة، وبخلاف الرواية، أن تتبع كل حدث في الشخصية لتضيئه وتكشف عن تفاصيل الظروف التي أحاطت به، إنما القصة القصيرة ومضة يشعلها السارد في لحظة زمنية مقتطعة من مسيرة حياة كاملة ليبرز الجزء الذي يراه القاص حقيق بالعناية والانكشاف. (...)
«أقراك في شوف العيون.. اغترابي
وأشوفك..«سنين الغلا».. بس ما أقراك»
كلمات مفتاحية:
أقراك = أتمثلك
وأشوفك = واقعك الماثل أمامي
غياب في الحضور، وليس المعنى الذي قصده الشاعر محمود درويش في رائعته «في حضرة الغياب»، إنما هو ذلك التباين في الرؤى: فعندما (...)
أين يمكن أن تُوجد السحرية في قصص الميثولوجيا القديمة، هل هي في الأشخاص الخارقين أم في الثقافة المولدة لهاتيك الأفكار؟ لا يساورنا الشك بالطبع في أن ظاهرة السحرية تعتبر كانعكاس مباشر لفهم الشعوب القديمة ورؤيتها للعالم وللظواهر الطبيعية، وكان هذا (...)
تفترض الباحثة في آلية عمل العقل سوزان غريفيلند أن العقل البشري يمتلك خاصية التأقلم مع ظروف الحياة ومعطياتها، وعليه تسحب هذه المسلمة إلى معالجة تأثير التقنية الرقمية على الدماغ وكيف تترك بصماتها عليه. ولعل المثير حقا هو القسم الذي ناقشت فيه مشكلة (...)
كما كانت الجداريات، والكتابة على الأسوار في الأماكن العامة تقرأ باعتبارها لوناً من اللغة الخاصة أو اللغة المشفَّرة التي يستخدمها البعض للتواصل وتعبر عن ثقافة مدنيّة معاصرة، كذلك هي «القصة القصيرة جداً» بعد أكثر من ثلاثة عقود زمنية استغرقها عامل (...)
للمراقب أن يلحظ تطورا مهما أتى في لحظة إبداعية فريدة عندما تقاطعت قصيدة النثر مع لون جديد من الجنس السردي أُطلق عليه مسمى «القصة القصيرة جداً»، وأنبه إلى مفردة «لحظة إبداعية» حتى أخرج عن إطار الزمن في البدايات وأسبقية أي جنس أدبي منها في الريادة. (...)
يكتسب الجسد بعدًا ثقافيًا هامًا في أدب الحداثة وما بعدها، فهو «الذهن الكبير» كما عبر عنه نيتشه، وليس مجرد (مركبة الكائن في هذا العالم) كما يصفه موريس ميرلوبونتي. لذا يمكن النظر إليه باعتباره نقطة التقاء الروح بالمادة وليس مجرد آلة وظيفية (...)
لطالما استفزت هذه العبارة مشاعر المبدعين وهم يكشفون عن نوازعهم العاطفية ورؤاهم عن الحياة والكون والإنسان ولحظتها لا يتخيلون ولو لوهلة إلا صورة الخلود لأعمالهم ومنجزاتهم الأدبية؛ فما أصعب اضمحلال الحلم وتلاشيه. فعملية (إحلال اللغة محل من كان مالكها) (...)