أين يمكن أن تُوجد السحرية في قصص الميثولوجيا القديمة، هل هي في الأشخاص الخارقين أم في الثقافة المولدة لهاتيك الأفكار؟ لا يساورنا الشك بالطبع في أن ظاهرة السحرية تعتبر كانعكاس مباشر لفهم الشعوب القديمة ورؤيتها للعالم وللظواهر الطبيعية، وكان هذا التصور مجرد محاولة لتفسيرها. فبانحسارها، أي السحرية في عصرنا الحالي، يمكن لها أن تُفقد الكثير من قصص الأطفال عنصر الإثارة فيها لأنها ساهمت في تشكل المادة الرئيسية في معظم حكاياتها، ويمكن أن ينسحب ذلك على مقدار الخيال باعتبار تنميته ضرورة تربوية وثقافية للأطفال. لذلك، وعند بداية القرن الماضي، كان القاص يشطح بخياله ليستثير عقول أطفال جيله ويحثهم على الابتكار تعويضاً عن مفهوم السحر، (فكل ما يستطيع أن يتخيله إنسان، يمكن لآخرين تحقيقه) كما يقول الروائي الفرنسي جول فيرن. بينما في عصرنا الحالي وفي خضم التسارع الهائل في الاختراعات والمنجزات العلمية، يرى البعض أن التحدي المعاصر في أدب الأطفال يكمن في تعريفهم بالمنجزات الحديثة باعتبارها تجمع بين الخيال المحرض والثقافة العلمية. فهذه الرؤية بالتحول في أدب الطفل من الميثولوجي إلى العلمي، نجد لها حضورا آخذا في التسارع كعمل القاصة كفاح البوعلي «تعال معي يا جدي»، حيث بعد تراث بشري طويل موغل في القدم عن الحكايات الشعبية والأحاجي كمواد ترفيهية وثقافية تُحكى للأطفال؛ فيها كتائب السحرة ممسكون بعصيهم وبلوراتهم السحرية عندما يقومون بأعمال خارقة للطبيعة، تستبدل فيها القاصة «الجنيات» بالتقنيات العلمية الحديثة. فالطفل في هذه الحكاية هو الراوي وخطابه موجه إلى الجد في تبادل مواقع يشي بمقدار المسافة الفاصلة في التقنية بين أجيال. وتكتسب القصة أهميتها في تقديمها لتقنية صناعة السيارات الهجينة والمسّيرة بالوقود والكهرباء معاً كوعي بيئي وتربوي أخلاقي كما حرصت عليه القاصة.