ليس من مهمات القصة القصيرة، وبخلاف الرواية، أن تتبع كل حدث في الشخصية لتضيئه وتكشف عن تفاصيل الظروف التي أحاطت به، إنما القصة القصيرة ومضة يشعلها السارد في لحظة زمنية مقتطعة من مسيرة حياة كاملة ليبرز الجزء الذي يراه القاص حقيق بالعناية والانكشاف. لهذا تأتي شخصية «الأخت المستضعفة» في عمل القاصة شروق الخالد «نميمة» لتعالج مظهرًا اجتماعيًا وإنسانيا تتوقع حدوثه كأحد افرازات المجتمعات المنغلقة على ممارسات استوعبتها بالوراثة والمحاكاة خارج قوانين الدين والفطرة الأخلاقية السوية لتبرر التسلط والمهانة لفرد من أفرادها بدون سبب قوي سوى مقدرتها على ذلك وعدم خشيتها من العقوبة. القاصة شروق وظفت هذا المعنى بتركها عمدًا للأسباب المنطقية والمقدمات التي جعلت الشخصية الرئيسية حتى يُمارس عليها جميع أصناف الذل والمهانة وكذلك التعسف في تسخير عائلتها لها من أجل الخدمة والقيام بالأعمال المنزلية بشكل يبعدها عن أن تحلم بتذوق الحلويات التي تعدها للعائلة أو الطعام الشهي الذي تطهوه لها. فمنذ يفاعتها وهي لم تختبر شيئا من نشاطات الحياة سوى الخدمة لأخواتها وإخوانها وزوجاتهم بطريقة مذلة: (جاء ساحبا شعرها بعد أن دسه بين أصابعه بلفتين متتاليتين... وقادها لمطبخ بيته لتمارس خدمة زوجته). بالطبع، نجد هذه «الحكاية» مؤلمة للضمير ونشقى بسماعها وقراءتها، لكن ترتفع إلى مهارة سردية «وقصة» عندما تنتقل القاصة شروق من صوت الراوي العليم إلى السارد المؤول، وتبث قليلاً من رؤيتها بشكل حاذق ومنسجم مع تحرك الأحداث. أخيراً، نجد أن النهاية التي اختارتها القاصة كانت متوافقة مع النسق الاجتماعي بالهروب والانكفاء كنمط عام تغيب عنه المقاومة، وهذه النهاية أيضاً كانت موفقة لأن القاصة لم تحبذ ممارسة الدور الثوري في القفز بالأحداث إلى نهايات قلما يؤمن المجتمع بها وليس لها أثر في حياتنا الواقعية إلا ما ندر.