«أقراك في شوف العيون.. اغترابي وأشوفك..«سنين الغلا».. بس ما أقراك» كلمات مفتاحية: أقراك = أتمثلك وأشوفك = واقعك الماثل أمامي غياب في الحضور، وليس المعنى الذي قصده الشاعر محمود درويش في رائعته «في حضرة الغياب»، إنما هو ذلك التباين في الرؤى: فعندما أقترب من واقعك أجد الألم والمعاناة، وعندما أجردك من صورتك المحسوسة أراك تحتل كل معنى جميل في حياتي! والمفارقة تكمن في (بس ما أقراك). هنا يعيدنا المعنى ولوهلة إلى نقطة من اليقين تعادل الصفر الحسابي، فصورة الحياة التي يرغبها الشاعر ويراها جديرة بالعيش فقط في حضور الحبيبة، أما غيابها فصورة أخرى للحياة والبديل المر وهو أن يمضي في الحياة كحالة قدرية مفروض عليه أن يعتاشها عندما ترحل. لذلك استخدم الشاعر مفردة «الطعن» في البيت الثاني لأنه يستشعر معاناته كوحش كاسر لا ينفع معه التسويف.. إنما البتر، ويدعو محبوبته لحسم الموقف المتذبذب لأن المبادرة في كلا الخيارين بيدها: «أما تعال.. واطعن أقسى عذابي وإلا تعال.. ودلني.. كيف بنساك..!» هذان البيتان يربكان جميع الجهود في تقسيم الشعر إلى نخبوي وشعبي. فمصطلح «شعبي» في النقد الثقافي هو: الثقافة المتبقية بعد أن قررنا ما هي الثقافة الرفيعة، حسب تعريف جون ستوري، حيث «النصوص والممارسات التي أخفقت في تحقيق المعايير المطلوبة للتأهل كثقافة رفيعة». وهذا ما يجعلنا نميل بعد قراءة هذين البيتين إلى اعتناق فكرة ما بعد الحداثة في مفهوم الفنون جميعها على أنه لم يعد هناك فارق مميز بين جميع الألوان التعبيرية حاليا وانتهاء صفة النخبوية التعسفية للثقافة. ملاحظة: فشلت جهودي في معرفة اسم الشاعر.