لطالما استفزت هذه العبارة مشاعر المبدعين وهم يكشفون عن نوازعهم العاطفية ورؤاهم عن الحياة والكون والإنسان ولحظتها لا يتخيلون ولو لوهلة إلا صورة الخلود لأعمالهم ومنجزاتهم الأدبية؛ فما أصعب اضمحلال الحلم وتلاشيه. فعملية (إحلال اللغة محل من كان مالكها) وطمس هويته هي حالة لا يفهمها المتذوق الجمالي والقارئ العادي للأعمال الأدبية، وكذلك لا يريدها رولان بارت كإجهاز تام وعملية إعدام متعسفة للمؤلف المبدع. فعندما نتجاوز السياق الثقافي الذي ولد مثل هذه النظرية في تفسير النصوص وتوجهها في تدمير كل ما هو ورائي ومتعال والنزوع نحو بشرية المتلقي في حدود ما يدركه عقله، حيث ما عدا ذلك من المعاني فهو الذي تقصده النظرية بالموت. فهذه الجملة (موت المؤلف) هي ما تبادر إلى ذهني لحظة تلقي الخبر المحزن بغياب الأعلامية والقاصة شمس علي الأبدي ورحيلها إلى عالم الآخرة، خصوصاً بعد تجربتي القريبة في قراءة أعمالها القصصية والتي لم أستطع لحظتها إلا أن اقاربها بشكل انطباعي لبروز بعض من ذاتها بشكل جلي في أعمالها السردية. أما الجوانب الأخرى من شخصيتها فهي كذلك متوزعة على أعمالها الصحفية حيث عكست مواضيعها القيم والأفكار التي تؤمن بها من أجل رفعة الإنسان وبالذات المرأة في تبوئها مكانتها الثقافية اللائقة بمفهوم النسوية الحديثة. فهي تؤمن أن النساء قادرات على تقديم رؤى موازية لطرح الرجل وتتقاطع معه فقط في مفهوم الإنسانية الكبير، لكن بطرح ثقافي مختلف تستشعر فيه بنفس نسوي مختلف لجميع المواضيع الثقافية المطروقة. هذا هو الجانب الثقافي في شخص القاصة والإعلامية الفقيدة شمس علي، أما المزايا الشخصية ككرم الأخلاق ونبلها ومقدار تسرب ذلك إلى أعمالها الإبداعية وتغطياتها الصحفية، فهذا هو الملمح الآخر الذي كشف عنه جمهور الأصدقاء الإعلاميين والمثقفين الذين تباروا في أمسية تكريمها قبل شهرين على عرضه وإبرازه. رحم الله الفقيدة بواسع رحمته