1
ربما لم يحمل الحرف العربي المطبوع في السنوات الأخيرة اسماً ينافس أسماء الفرسان الثلاثة: هنتنغتون وفوكوياما وغارودي. اثنان ضدنا وواحد معنا. اثنان هما تجسيد الشرور على الأرض، وواحد هو كل الخير والحق والجمال.
مئات المقالات عنهم: بعضها يرد فيها اسم (...)
أحياناً ترد في النصوص كلمات يقتضي الاقتصاد الكلاميّ تفاديها. هذه أمثلة على ذلك:
تمّ قتل فلان: لماذا لا يقال قُتل فلان؟
شهر أيلول: ماذا يمكن أن يكون أيلول (أو سواه من الأشهر) إن لم يكن شهراً؟
في عام 1970: ماذا يمكن أن يكون 1970 (أو سواه من (...)
هناك من الكلمات ما يدرج بين ليلة وضحاها. لكنْ بدل أن يتحوّل التعبير الجديد سبباً لإغناء المعرفة اللغويّة، وتالياً الكتابة، يصير بديلاً من مرادفات لا حصر لها. هكذا يرد في النصوص بتكرار مضجر ينمّ عن واحد من اثنين أو عن الاثنين معاً: الكسل في البحث عن (...)
يقول بعض عتاة اللغويّين إن من الخطأ استخدام "عضوة"، بل يجب أن نقول: السيّدة الفلانيّة عضو في الشركة الفلانيّة. كذلك ينبغي ألاّ يقال: نائبة (فالنائبة، لغويّاً، تعادل المصيبة)، بل يقال: السيّدة النائب.
أغلب الظنّ أن الحجج المقدّمة ليست مقنعة. (...)
من إبداعات لغتنا السياسيّة، بالأحرى الصحافيّة، استخدام تعبير "سوريّ" الذي ما لبث أن عُمّم فصار يقال: "الأميركيّ" و"الإسرائيليّ" و"الإيرانيّ" الخ. والمقصود عند مستخدمي التعبير هو: النظام السوريّ أو الأميركيّ أو الإسرائيليّ الخ.
في أسوأ الأحوال، هذه (...)
أحد التعابير التي درجت في العقدين الماضيين مصطلح "المجتمع المدنيّ". لكنّ الاستخدام العربيّ في غالبه تعامل مع المصطلح على أنّه يعني المدنيّين، أي غير العسكريّين.
وهذا إنّما نتج جزئيّاً عن أن اللغة العربيّة لا تملك إلاّ مفردة واحدة هي "مدنيّ" تقابل (...)
بدأت، في الآونة الاخيرة، وبكثرة، تتردّد كلمة "حِراك". والكلمة ترجمة لكلمة mobility الإنكليزيّة أو ما يعادلها بالفرنسيّة. لكنّ الكلمة الأجنبيّة تعني الانتقال مصحوباً بامتلاك القدرة أو الطاقة أو التأهيل المطلوب لإحداث هذا الانتقال. فحين نقول إن جماعة (...)
في العلاقة بين اللغة والإعلام عدوان دائم ومتبادل. فاللغة تحاول أن تقيّد الإعلام وأن تضبط سيولته بقالب خشبيّ، وهو ما تختصره طريقة: قل ولا تقل. أمّا الإعلام فلا يمارس عدوانه في هلهلة اللغة فحسب، بل أيضاً في تعميم معانٍ خاطئة، لا سيّما في المفاهيم، وفي (...)
تبدو اللغة، مرّات كثيرة، مثل السجن. قيودها أكثر صرامة من قيوده، وغرفها أضيق من غرفه. لكنّها، في مرّات كثيرة أخرى، تبدو شيئاً متداعياً ومهلهلاً تمّ تناوله من أقرب مكان، أو أعملت الأحزاب والصحافة والتلفزيونات يدها فيه، بكثير من العجلة والتسرّع.
هذه (...)
لم أعتقد من قبل أن آلة لغسل الصحون تفعل بي ما فعلت. منذ يومين وأنا أفكّر فيها أكثر مما في"فتح الإسلام"وأكثر من غزّة والعراق وأيّ همّ عامّ أو خاصّ آخر.
نعم، إنها آلة غسل الصحون. من قبل كنت لا أكترث لها بتاتاً. حين تقع عيني عليها أردّ عنها الطرف إذ (...)
المكسيك - الجسر
فيما تتضاعف اعداد البشر الذين ينوون الفرار من بؤس بلدانهم، وتكبر صفوف الطامحين في الهجرة الى الولايات المتحدة الاميركية، تكتسب المكسيك صفة جديدة: انها الجسر الى اميركا: "أرض الفرص". وهي ليست جسر مواطنيها فحسب بل جسر شعوب كثيرة (...)
الصين المقلقة والمحزنة
أخبار الصين مزعجة جداً ومحزنة اكثر. فالتقارير التي تناقلتها الصحف ووكالات الانباء أخيراً تقول ان وباء الايدز يفتك بهذه البلاد - القارة. لكن ما هو أسوأ من ذلك ان بيع الفقراء في الارياف دماءهم وتوهمهم الحصول على مقابل مالي مُجز، (...)
"صفا"الشابة اليمنية المقيمة في لندن، قدمت في زيارة الى بيروت فوجدت نفسها تتعلّم درساً ثميناً. ذاك ان سهرتها الأولى في العاصمة اللبنانية حفلت بإشارات الى الأديان والطوائف لم تعهدها من قبل، لا في بريطانيا ولا في اليمن. بعد تلك السهرة قالت لي مذهولةً (...)
رحيل الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، قبل أسبوعين، أطلق عاصفة من المقالات في الصحافة العربية، مثلها في ذلك مثل سائر الصحافة في العالم. لكن الهدف الذي هو تعريف قارئ الصحيفة بدريدا يبقى مهمة صعبة ما لم تصحبها البساطة التي هي غير التبسيط، وهي ما يحتاج الى (...)
في عددها الصادر في 14 حزيران يونيو 1973، اي قبل أشهر قليلة على حرب تشرين الأول اكتوبر العربية - الاسرائيلية، نشرت مجلة "نيويورك ريفيو أوف بوكس" ما أسمي "مناشدة للسلام في الشرق الأوسط".
المناشدة المذكورة وقعها ما يقرب من سبعين شخصاً من ألمع مثقفي (...)
بشيء من القسوة على الهند والهنود، يمكن القول إنهم كانوا عنصريين في رفضهم تسلّم سونيا غاندي، الإيطالية الأصل، رئاسة الحكومة. أو يمكن، على الأقل، القول إن الاستجابة لحملة "بهاراتيا جاناتا" الشوفينية تدل الى تمكّن العنصرية منهم، أو من بعضهم الكثير (...)
حمل العدد الأخير من "نيويورك ريفيو أوف بوكس" مقالة مطوّلة ل آتش. دي. أس. غرينواي عن كتاب لستيفن كينزر، بعنوان: "كل رجال الشاه: انقلاب أميركي وجذور إرهاب الشرق الأوسط".
على أن ما يبرر تلخيص هذا المقال، بشيء من التصرف والتعليق، ليس صدور الكتاب في (...)
توفي قبل أيام في مستشفى لندني أحد أكبر رحّالي العالم ومكتشفيه ووصّافيه، ولكنْ أيضاً أحد أكبر رجعييه. فعن 93 عاماً قضى السير ولفرد ثيسيغر، آخر حبّات العنقود الذي شمل أسماء ليفينغستون وستانلي وسبِك وبيرتون و"لورانس العرب".
ففي الترحال عاش سليل التقليد (...)
في حدث حظي بالقليل من المتابعة العربية، صوّت البرلمان التركي للحد من الصلاحيات السياسية التي يتمتع بها الجيش، ولتوسيع حرية التعبير. ولم تخطىء افتتاحية "الهيرالد تريبيون" في 4 آب أغسطس الجاري اذ قدّرت ان انجازاً كهذا، لو حصل قبل فترة غير بعيدة، لكان (...)
قال صاحبي، وهو يملك نوعاً من السذاجة الذكية، إن صح التعبير، إن لديه سبباً لمقاومة الحرب على العراق يختلف عن جميع الأسباب التي ذُكرت حتى الآن.
والسبب الذي يملك هو أن إدارتي جورج بوش وتوني بلير لا يمكنهما الإقدام على إعادة بناء العراق بعد التدمير الذي (...)
الصديق الذي يحب أن يصف نفسه ب"ما بعد حداثي" كان قد بدأ يتصبّب عرقاً وهو يقرأ الجريدة. الخبر الذي كانت عيناه مسمّرتين عليه كان يتحدث عن دستور أوروبا الموحدة الذي يجري نقاشه فقرةً فقرة، ويثير ما لا يُحصى من خلافات.
وقد تبين له أن الموقف من العراق ليس (...)
أصرت حكومة أنغولا على عرض جثة جوناس سافيمبي، وعلى المبالغة في عرضها على التلفزيون وللصحافيين. والغرض هو ان تبرهن للجميع ان الرجل البالغ 67 عاماً مات حقاً، وأن تمرده عليها منذ الاستقلال في 1975 قد انتهى الى غير رجعة.
فرجل حرب العصابات التاريخي الذي (...)
لأشهر بقي المراقبون يتوقعون تدهوراً ما في وضع الارجنتين. لكن ما ان انفجرت المشكلة قبيل نهاية السنة الماضي، حتى فوجئ الجميع. لماذا؟ بسبب الاجماع على ان عصر الخضّات والملاحم الكبرى قد انتهى!؟
مع هذا يبدو ان ما تشهده الارجنتين ىبقى جزءاً لا يتجزأ من (...)
شكلت أفريقيا على الدوام مقبرة للتفاؤل والنيّات الحسنة لدى القادة الغربيين ممن امتلكوا تلك النيّات. فالمصاعب التي تقف في وجه التغلب على مشكلاتها لا تُحصى. لكن يبدو ان رئيس الحكومة البريطانية توني بلير أراد ان يجرّب حظه في مكافحة مشاكل القارة السوداء، (...)
إذا كانت الولايات المتحدة، في ظل رئاسة جورج بوش و"الحرب على الارهاب"، قد ذهبت بعيداً في يمينيتها، فإن أوروبا الغربية ليست بعيدة من اعتناق هذه الميول القديمة - الجديدة. فما بين البرتغال جنوباً والنروج شمالاً، وما بين النمسا شرقاً وبريطانيا غرباً، (...)