«الإحصاء»: إيرادات «غير الربحي» بلغت 54.4 مليار ريال ل 2023    اختتام اعمال الدورة 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في البحرين    مدرب قطر يُبرر الاعتماد على الشباب    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية لخليجي27    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الصادرات غير النفطية للمملكة ترتفع بنسبة 12.7 % في أكتوبر    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعض المعاني التركية في صدد الديموقراطية
نشر في الحياة يوم 10 - 08 - 2003

في حدث حظي بالقليل من المتابعة العربية، صوّت البرلمان التركي للحد من الصلاحيات السياسية التي يتمتع بها الجيش، ولتوسيع حرية التعبير. ولم تخطىء افتتاحية "الهيرالد تريبيون" في 4 آب أغسطس الجاري اذ قدّرت ان انجازاً كهذا، لو حصل قبل فترة غير بعيدة، لكان حَرياً بالتسبب بانقلاب كتلك الانقلابات الثلاثة التي نفّذها الجيش التركي قبلاً.
فالمناخ تغير فعلاً في تركيا، وبات على العسكريين ترك السياسيين يطوّرون ديموقراطية بلدهم ويسيرون بها الى عضوية الإتحاد الأوروبي. ذاك أن السلطات التنفيذية ل"مجلس الأمن القومي" العسكري الذي يُعدّ الحاكم الفعلي للبلد، ستُلغى ليقتصر دور المجلس على دور استشاري. أما موازنة الجيش، التي كانت سرية، فستُعرض على البرلمان للنظر فيها والمصادقة، أو عدم المصادقة، عليها. وفضلاً عن العفو عن بعض أعضاء "حزب العمال الكردستاني"، سينتهي العمل بتشريعات سابقة كانت تحد من حرية التعبير والاجتماع. وهذا كله محكوم برغبة أنقرة في تقديم البراهين على انها جاهزة للشروع في التفاوض حول عضوية الاتحاد أواخر العام المقبل.
وثمة من يرى أن الولايات المتحدة، الغاضبة على الحكومة التركية لموقفها خلال حرب العراق، مرتاحة إلى هذا التطور. فهي، على رغم كل شيء، ميّالة إلى إعطاء أولويتها، في ما خص أنقرة، إلى النموذج الذي يرعاه "حزب العدالة والتنمية"، وإلى إمكان تقديمه لعالم إسلامي لا يحبها ولا يثق بها. ولم يفت المدير السابق للشؤون الأوروبية في مجلس الامن القومي الاميركي فيليب غوردون، في مقال له في "الهيرالد تريبيون" في 6 آب الجاري، اعتبار تصويت البرلمان ضد استجابة المطالب الاميركية في الحرب العراقية "انتصارا للديموقراطية والاستقلال". فكأنما، مع الفوارق، نجح الأتراك في إدراج معارضتهم لواشنطن في الخانة التي تندرج فيها معارضة ديموقراطيات أوروبية عريقة كالفرنسية والألمانية.
والحدث هذا يهب في وجه القائلين بأن الغرب مناهض بالمطلق للديموقراطية عندنا. فما تبيّنه تركيا ان هذا الغرب، وفي معزل عن مبالغات ومزاودات وتلفيقات "المحافظين - الأميركان - الجدد"، يمكن ان يكون مع الديموقراطية، ولو ترتّب عليها إضعاف الطرف الأكثر دفاعاً عن مصالحه الجيش، وتعزيز الطرف الذي يترجّح بين قلة الاكتراث بهذه المصالح والعداء لها الاسلاميين.
وهذه مناسبة للتذكير بجملة من الحقائق البسيطة التي باتت لدينا طيّ النسيان او التكتم، في ما خص الديموقراطية والغرب. ذاك ان البدايات الديموقراطية والمؤسسية في المجتمعات العربية والمسلمة التي وفدت مع النفوذ الغربي، لم تتداعَ الا مع التقويض الذي أصاب هذا النفوذ في المنطقة استقلالات، انقلابات عسكرية، حروب أهلية.
ثم ان ما يخطئه القائلون بالتناقض الجوهري بين الغرب والديموقراطية عندنا، وهو نفسه خطأ ثوريي "المحافظين الجدد" الأميركان، أن الديموقراطية شيء والانتخابات شيء آخر.
فاستدعاء الشعب الى صناديق الاقتراع من توتره واحتقانه وضعف طبقته الوسطى وقيام سياسته على النوازع القومية والدينية وشتى ضروب الميل الثوري، ينتج الكوارث على ما أشارت ألمانيا أوائل الثلاثينات والجزائر أواخر الثمانينات، فضلاً عن عدد لا يُحصى من صغار المستبدين الذين فقستهم "الثورة الديموقراطية" للتسعينات في سائر بقاع العالم غير الديموقراطي.
وليس بلا دلالة ان اصحاب هذا التبسيط يقفون، بلا حرج، الى جانب العوامل اياها التي تحول دون تحويل الانتخابات الى ديموقراطية، أي التوتير "القومي" والديني المانع لنشؤ طبقة وسطى مستقرة والطارد للرساميل… كيما يبرهنوا على ان الغرب ضد الديموقراطية! فيما يقف "أنصار الديموقراطية الفورية" في اليمين الراديكالي الأميركي إلى جانب ديموقراطية لا تتحقق هذا إذا كانوا يريدون لها فعلاً أن تتحقق.
وقصارى القول ان ما نحن فيه اليوم أقرب بكثير إلى زمن إعدادي للديموقراطية، او انتقالي، لا يساعدنا فيه "تكبير الحجر" الديموقراطي لعدم رميه إلا بقدر ما يساعدنا نفي المسؤولية الذاتية بإحالتها على الغرب.
وتركيا عيّنة صالحة في هذا المجال، هي التي لم تمنعها أي كبرياء قومية يزعمها ويتذرّع بها الحكام المستبدون عادة، من إعلان الرغبة في التكيّف مع مطالب الاتحاد الأوروبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.