أحد التعابير التي درجت في العقدين الماضيين مصطلح "المجتمع المدنيّ". لكنّ الاستخدام العربيّ في غالبه تعامل مع المصطلح على أنّه يعني المدنيّين، أي غير العسكريّين. وهذا إنّما نتج جزئيّاً عن أن اللغة العربيّة لا تملك إلاّ مفردة واحدة هي "مدنيّ" تقابل الكلمتين الإنكليزيّتين civil وcivilian. والصحيح أن "المدنيّ" في تعبير "مجتمع مدنيّ" تعني civil لا civilian. فالمجتمع المدنيّ، بالتالي، هو مجموع الروابط والتنظيمات والنقابات والصلات المؤسّسيّة، وكذلك الأفكار، التي تشكّل جسماً يوازي الدولة ويوازنها، كما أنّه الحيّز الذي يدور فيه الصراع على عقل المجتمع. ولأنّ المجتمع المدنيّ يوازي الدولة ويوازنها، فهو الذي يحاول الحدّ من نزعاتها الاستئثاريّة والعسكريّة ومن تشدّدها القوميّ، مدلّلاً على المشتركات الاجتماعيّة بين أبناء المجتمع ومؤكّداً عليها. كذلك يصبح تعبير ك"المجتمع المدنيّ في الوطن العربيّ" مضحكاً، لأنّ ما من دولة يعيش في ظلّها "الوطن العربيّ".