بشيء من القسوة على الهند والهنود، يمكن القول إنهم كانوا عنصريين في رفضهم تسلّم سونيا غاندي، الإيطالية الأصل، رئاسة الحكومة. أو يمكن، على الأقل، القول إن الاستجابة لحملة "بهاراتيا جاناتا" الشوفينية تدل الى تمكّن العنصرية منهم، أو من بعضهم الكثير والمؤثّر. مع هذا، يبقى الحكم عاماً وجائراً لأن هنوداً كثيرين طالبوا بتسلّمها المنصب، ثم اختاروا رئيس حكومة سيخياً يُضاف الى رئيس الجمهورية المسلم. على أية حال، يتعلق الأمر، في النهاية، بذاك الصراع القديم نسبياً بين نظريتين: واحدة، ترهن الجنسية بالإقامة والأخرى ترهنها بالأصل أو "الدم". ولما كانت سونيا غاندي غير هندية الأصل و"الدم"، ما عاد جائزاً لها أن تتبوأ هذا المنصب الحساس، بحسب قطاع واسع وشعبوي من الهنود. لكن لنلاحظ، في المقابل، أن أعرق البلدان الغربية الديموقراطية كانت لتعبّر عن عواطف مشابهة، ولو بنسب شعبية أقل، في حالة كهذه. ويمكن، ولو بدا الموضوع المُستشهَد به مختلفاً، العودة الى قصة بريطانيا مع أبو حمزة المصري. فما بات واضحاً للجميع أن المذكور إن لم يكن إرهابياً، فهو محرّض على الارهاب ومسهّل له، وأنه بالتالي يستحق العقاب بسجنه وردعه عن المجتمع، ومن ثم عزل أخطاره ومحاصرتها. الا أن شيئاً واحداً لا يستحقه أبو حمزة، أو مطلق شخص آخر كائنة ما كانت أفعاله، هو نزع الجنسية الذي يجري تداوله حالياً. ذاك أن الجنسية ليست منحة تقدمها دولة من الدول لفرد ما، بل هي حق لكل من تنطبق عليه شروط ومواصفات يحددها قانون البلد المعني. وتالياً، ليس هناك، كما يقول بعض العرب وفي عدادهم اللبنانيون خصوصاً، "من يستحق" الجنسية، لأن الأمر لا علاقة له ب"الاستحقاق" من أي نوع. فلما كان ذو الأصل الأنغلو ساكسوني الذي يقدم على ما أقدم عليه أبو حمزة، معفياً من عقاب كهذا نزع الجنسية، بات تطبيق هذا العقاب على من يحمل أصلاً آخر تنازلاً لنظرية أولوية الأصل و"الدم" على الأرض والإقامة. ومرةً أخرى، لا بد من التمييز بين النسب والأحجام، وما بين بريطانياوالهند. لكن ما لا بد منه أيضاً التحذير من أن بعض أكثر الأفكار رجعية تكسب مواقع قدم في بلدان حسمت هذه المسألة منذ أزمنة بعيدة نسبياً.