الصين المقلقة والمحزنة أخبار الصين مزعجة جداً ومحزنة اكثر. فالتقارير التي تناقلتها الصحف ووكالات الانباء أخيراً تقول ان وباء الايدز يفتك بهذه البلاد - القارة. لكن ما هو أسوأ من ذلك ان بيع الفقراء في الارياف دماءهم وتوهمهم الحصول على مقابل مالي مُجز، هما ما تسبب في انتشار المرض القاتل. هكذا يصير سبب المرض ألعن وأقسى من المرض نفسه. هذه هي الحال، مثلاً، في قرية دونغهو الصغيرة في الوسط والتي لا تعد اكثر من 4500 نسمة، الا ان سكانها يقدرون ان 80 في المئة من راشديها، رجالاً ونساء، يحملون الفيروس. والمعروف ان الحكومة الصينية لا تعترف الا ب22517 اصابة في البلاد التي يعد سكانها 1.2 بليون نسمة. وهي تزعم ان معظم هؤلاء من متعاطي المخدرات والمومسات. الا ان رسميي المنظمات الصحية العالمية يجزمون بأن المصابين في الصين لا يقلّون عن 600 ألف رجل وامرأة وطفل. على اية حال فما ادهش العالم كله كان صدور تقرير الحلقة الداخلية للحزب الشيوعي الحاكم قبل ايام. فالتقرير تحدث عن تفشي نمط "من الاحتجاجات الجماعية" لأسباب اقتصادية وتبعاً لنزاعات دينية واثنية. وهو يرى ان العلاقات بين مسؤولي الحزب وبين الجماهير غدت "متوترة، فيما الصراعات في تصاعد". هذا التقرير الصريح صراحة غير عادية بمعايير الحزب والحكومة الشيوعيين، وضعته مجموعة باحثين تابعة لقيادة الحزب العليا. ومع هذا فهو لم يتردد في وصف الغضب المتنامي والناجم عن التفاوت الاقتصادي والفساد وتعالي البيروقراطيين. كما رسم للبلد صورة سوداء، بل لا تقل سواداً عما يقوله المنشقون الصينيون الذين يقيمون في الخارج. وقد حمل التقرير عنوان "تقصّي العين 2000 - 2001: دراسات في التناقضات داخل الشعب في ظل الشروط الجديدة"، ونشرته الصحافة الحزبية في كتاب محدود التداول. أما توصياته فتبقى، على رغم عموميتها، ملحّة في طلب التغيير "إنقاذاً للحزب والامة"، من خلال "نظام للاصلاحات يقلل الاستياء العام". ويضيف التقرير في فقرة تحاول استشراف المستقبل: "ان دخول بلدنا منظمة التجارة الدولية قد يجلب المزيد من المخاطر والضغوط... ويمكن التكهن بأن عدد الحوادث بين الجماعات قد يقفز في المرحلة الآتية، بما يضر بالاستقرار الاجتماعي إضراراً حاداً، لا بل يعيق اعتماد الاصلاح والانفتاح". تحية ملتبسة ليفكتور هوغو على مدى عقود تكرست رائعة فيكتور غوهو "البؤساء" واحدةً من كلاسيكيات الادب العالمي قاطبة. فقد جُعلت أفلاماً سينمائية، ومُثّلت مسرحيات غنائية، ووُضعت لها الالحان، ونقلتها المسلسلات التلفزيونية الكثيرة، كما صورتها كتب الرسوم للاطفال. وهذا كله حصل من دون ان تصدر كلمة احتجاج واحدة عن ورثة أديب القرن التاسع عشر الفرنسي. الآن يبدو أحفاد الأحفاد مستنفرين جميعاً، وأحدهم لم يتردد في القول ان عظام جدهم تعلن استياءها في القبر. السبب ملحق للرواية وُضع باللغة الفرنسية، يطالب أولئك الورثة بمنعه كلياً من التداول. في بلدان كثيرة في العالم، بما فيها بريطانياوالولاياتالمتحدة، لا يستطيع الورثة ان يقاضوا بعد مرور 50 سنة على نفاد طبعة الكتاب المعني. أما القانون الفرنسي فيحافظ على ما يسميه "الحق الأخلاقي" بالنسبة الى النشاطات الابداعية التي لا ينقضي عليها زمن. وعملاً بهذه المادة القانونية ينوي أحفاد مقاضاة فرانسوا كيريزا على كتابه "كوزيت أو زمن الأوهام" الذي نشره الشهر الماضي عن دار بلون في باريس. فبحسب بيار هوغو، ليس عمل كيريزا تتمة وملحقاً، بل هو "اعادة كتابة" ل "البؤساء". اما حجته في ذلك فإن الكاتب غير المعروف بعث الى الحياة شخصيات الرواية الأصلية، كما غيّر وظائف ومواقع وأخلاق شخصيات اخرى. وهذا كله غير جائز وغير قانوني في عرف هوغو الصغير. فكيف وان "كوزيت او زمن الاوهام" صدر فيما فرنسا تستعد للاحتفال، بعد اشهر، بمرور مئتي عام على ولادة فيكتور هوغو. فيفا "فيفاندي"... فيفا أوروبا اعلنت "فيفاندي يونيفرسال" الفرنسية انها ستشتري احدى شركات النشر القليلة التي لا تزال مستقلة في الولاياتالمتحدة، بقيمة 2.2 بليون دولار. والاتفاق سيعطي الشركة الاعلامية الاولى في اوروبا حضوراً متيناً في سوق الكتاب الاميركي. ذاك ان "فيفاندي"، من خلال امتصاصها شركة "هوفتون ميفلين" الاميركية التي تنشر "قاموس التراث الاميركي" وتُعد من اقدم المنتجين للمواد التعليمية المكتوبة، باتت تتوقع مبيعات سنوية تتعدى قيمتها البليوني دولار، ويُقدّر وصولها الى خمسة بلايين في خلال عامين. كما تتوقع نمواً متسارعاً، لا سيما في ظل تزايد الانفاق الحكومي على التعليم في معظم البلدان الصناعية. ويبدو ان "فيفاندي" تحاول احتكار القيادة في مجالها على نطاق عالمي. ففي الشهر الماضي عززت حضورها الموسيقي على الانترنت بأن اشترت، بمبلغ 372 مليون دولار، شركة "أم. بي. ثري دوت كوم" ومقرها سان دييغو. كما اشترت "إيميوزيك دوت كوم" وباشرت مشروعاً مشتركاً مع "سوني" لاطلاق شركة موسيقية جديدة أسميت "ديوويت". وفي هذه الغضون يبقى "العدو" المنتصب في مواجهة "فيفاندي" ممثلاً بالعملاقين الاعلاميين الآخرين: "آي أو إل تايم وارنر" الأميركية، و "برتلسمان" الألمانية. الربيع بدل الفصح التلاميذ الانكليز سيُطلب اليهم قريباً ان ينسوا العطلة في عيد الفصح، والتي طويلاً ما شكّلت جزءاً راسخاً من تقليد مديد. ذاك ان عطلة اخرى ستحل محلها وتحمل تسمية "فرصة الربيع". وعلى رغم اعتراضات كنيسة انكلترا وجماعات الضغط المسيحية الاخرى، يصر مؤيدو الاقتراح على حجتهم: فعطلة الفصح، في رأيهم، لا تتلاءم مع النظام الحديث للمدارس نظراً الى اختلاف حلولها ما بين عام وآخر. وفي المقابل فاعتماد ايام ثابتة للعطلة يقلل الضغط على الاستاذ والتلميذ سواء بسواء، ويسمح للاثنين بقدر اكبر من التخطيط المسبق، كما يسمح لعائلات الاثنين بمرونة اكبر لجهة تحكمها بالوقت. اما السبب الآخر فهو شعور بريطانيا بأن تعددية تركيبها الاثني والديني لا بد ان تنعكس في الاعياد والفرص. فاذا كانت كل الاعياد المسيحية ستتحول عطلاً، فلماذا لا تتحول ايضاً الاعياد المسلمة واليهودية والهندوسية والسيخية والبوذية والبهائية والاحيائية وغيرها؟ وغني عن القول ان هذا اشبه بالمستحيل عملياً. الأوضاع العرقية في أميركا: أسوأ بعد مرور قرابة اربعين عاماً على حركة الحقوق المدنية في الولاياتالمتحدة، وما ادت اليه من انهاء للفصل العرقي رسمياً على الاقل، ما الذي نلقاه اليوم؟ الباحثون والسوسيولوجيون الاميركان المهتمون بموضوع العرق وجدوا ان الاطفال يكبرون الآن في احياء اقل اختلاطاً مما كانت قبل عقد. صحيح، بالطبع، ما اكده الاحصاء العقدي الذي اجري قبل شهرين من ان اميركا صارت اكثر تعددية من اي وقت سابق، وان الهسبان اللاتين صاروا الاقلية الكبرى الجديدة في مدن عدة. لكن الصحيح ايضاً، كما يرى الباحثون والسوسيولوجيون في جامعة ولاية نيويورك، بل كما يرى الاحصاء نفسه ايضاً، ان المدن غدت اشد انقساماً عرقياً. وهذا الانطباع اذا ما بدا ساطعاً في مدينة كواشنطن العاصمة فانه حاضر بأشكال اقل علنية وانكشافاً في غيرها من المدن. وهذا على الاقل ما تبديه ديترويت وشيكاغو وميلووكي التي تراجع الاختلاط فيها كثيراً عما كانه في 1990. فالشبان البيض الآن يترعرعون ويشبّون في "أميركا بيضاء" بينما يترعرع ويشب الشبان السود في "أميركا سوداء". اما التدامج، بل حتى الاحتكاك، بين العرقين فنادر وهو يزداد ندرة، لا سيما بين تلامذة المدارس، فيما تتحسن الاوضاع قليلاً في سن الدراسة الجامعية تبعاً للسكن المشترك الذي تفرضه الجامعات عملاً بالقانون. كذلك تتميز الخدمات المدينية، خصوصاً المدارس، بحدة الانفصال تبعاً لتنامي الهجرة البيضاء من المدن الى الضواحي. فحين يفر بعض ابناء الطبقة الوسطى السوداء من المدن، بحثاً عن الحياة الافضل التي يبحث عنها البيض في الضواحي، ينتهي الأمر بهم وقد أنشأوا مناطق سوداء جديدة في تلك الضواحي، تقابل المناطق البيضاء الجديدة وتناظرها!