يبدو ان موضوع بيع القصائد قد تجاوز حده، ووصل الى مرحلة لم يعد لحمرة الخجل فيها اي مكان، بعد ان ظهرت مجموعة كبيرة من الشعراء المعروفين يبدون استعدادهم لبيع قصائدهم، بل وكتابة قصائد حسب الطلب، وكل هذا يتم وسط سرية تامة، تخيّل لو ان الموضوع اصبح عكسيا وقام من يريد شراء قصيدة بالإعلان عن رغبته في ذلك، كم شاعرا سيتسابق لتقديم قصيدته والتنازل عنها ونيل رضا المشتري من أجل حفنة دراهم، سنكون أمام ماراثون هو الأشهر والأكثر كوميدية في ساحة الشعر الشعبي. في الحقيقة أني أعرف شعراء باعوا قصائدهم بعشرات الآلاف، ولكن ماذا استفادوا الآن؟ لا شيء، اكثرهم ندم على ما قام به وتمنى لو ان قصيدته لم تظهر باسم شخص غيره، ولكن وربما لأنها لحظة ضعف أمام المال قرر ان يوافق معتقدا انها قصيدة كغيرها وباستطاعته نسيانها وكتابة الافضل، وهذا ما لم يحدث معه لاحقا، حيث يتحسر بعد البيع عند سماع المشتري وهو يلقي القصيدة او يقدمها أمام الآخرين وكأنها من بنات أفكاره. في الحقيقة نحن دأبنا على لوم بائعي القصائد ولكن ماذا عن المشترين الذين يشاركونهم في الجرم، بل ويدفعون مبالغ ضخمة من اجل خداع الناس والضحك عليهم بحثا عن المكانة في الاوساط الشعرية والثقافية، هو الشعور بالنقص لا غير، استغلوا حاجة الآخرين للمال ليسلبوهم مشاعرهم وأحاسيسهم. عدد من يشترون القصائد قليل جدا وربما محدود ولكن لا أحد من بائعي القصائد يجرؤ على ذكر اسم واحد منهم، فهم غير معروفين، وإن كنت اتمنى ان اجد شاعرا شجاعا ضمن من اعترفوا ببيع القصائد يتجرأ ويظهر اعلاميا ليقول: نعم بعت لفلان وفلان وبالمبلغ الفلاني، ليكشف للجميع حجم الكذب الحاصل في الساحة الشعرية وكيف ان هناك من لا يتوانى في الكذب ودفع الاموال من اجل الحصول على الشهرة والمكانة التي يتمناها ولكنه بالتأكيد لا يستحقها.