في زمن «استعارة الإحساس» أصبح من الممكن أن تتغزّل بمن تريد.. بقصيدة ليس عليك سوى ان تُحدد عدد أبياتها وقدر المحبة فيها، حيث تزايد مؤخراً «شعراء» - إن جاز التعبير - يتاجرون بأبياتهم الشعرية مقابل أجر مادي.. وازدهرت إعلاناتهم بالصحف ومحلات الهدايا وتجهيز الأمسيات، بل إن مواهبهم - على حد صياغة إعلاناتهم - تتعدد ما بين قصائد غزلية، أو رثائية، أو المديح، وكذلك الاعتذار، ويمنح كثيراً منهم خاصيات أخرى بحثاً عن التميز، فمثلاً تباع أبيات الشعر بسعر إذا أراد إهداءها، وبسعر أعلى إذا أراد نشرها باسمه في صحف ومجلات، واتضح أن الأسعارها تتفاوت عموماً بين 100 و150 ريالاً للبيت الواحد، في حين أن القصيدة ربما تُكلّف المشتري 8000 آلاف ريال، وهي أقل من 80 بيتاً؛ بسبب نوعية المفردة والقافية، وتكون موجودة للمشتري خلال أيام معدودة. طلبات متعددة في البداية، تحدث «حامد العبود» صاحب محل هدايا، أنه أعلن عن نشاطه في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية، خاصة مواقع التواصل الاجتماعية، وأصبح يستقبل العديد من الطلبات أسبوعياً من كافة شرائح المجتمع، حيث يدّون عناصر القصيدة، والهدف منها، وأسماء الأشخاص المرغوب ذكرهم في القصيدة، قبل أن يتم تسليمها للشاعر الذي سينظم القصيدة حسب هذه العناصر، مشيراً إلى أنه باستطاعته نظم القصيدة في غضون يومين، مشتملاً الترتيب وتنقيح الأبيات ووضع الروابط المناسبة بين الأبيات؛ لكي تحوز على رضا الزبون، مبيناً أنه يحرص على إتقان عمله بأكمل وجه؛ لكي يثبت وجوده ويصبح اسمه معروفاً حتى يسهُل الوصول إليه. وذكر «عبد الله العوفي» صاحب محل تجهيز حفلات، أن أكثر الزبائن يطلبون قصائد مديح لكي يقدمونها لأشخاص أغنياء وبارزين في المجتمع، وتراوح أسعار تلك القصائد بين 1000 و2000 ريال، محتويةً على عشرة أبيات، موضحاً أن القصائد المطلوبة الأخرى تشتمل على الرثاء والغزل والعتب وقصائد الزفات، والأخيرة يزداد الطلب عليها كثيراً أثناء فترة الصيف وإجازات المواسم؛ كونها مواسم زواجات. بيع احترافي وكشف «نايف الحسين» عن وجود مؤسسات لبيع الشعر، بعد أن استقطبوا عدداً من الشعراء، ووقعوا معهم عقواً بسرية تامة، ولا يعرف الشعراء بعضهم بعضاً، بل إن المؤسسة تمنح حق المشتري حق المشاركة بالقصيدة في البرامج الشعرية والمجلات ومواقع التواصل الاجتماعي. وأوضح «أبو فيصل» أنه لم يجد وظيفة تؤمن له دخلاً شهرياً؛ ما أوحى له بفكرة بيع القصائد؛ لكونه موهوب في كتابتها، وفعل ذلك، حتى استطاع بعد عامين أن يكون مشهوراً ببيع القصائد، ثم افتتح محلاً لتغليف الهدايا وكتابة الأبيات الشعرية وبيعها، موضحاً أنه يخطط إلى إنشاء موقع إلكتروني يتوفر به إمكانية إيداعات بنكية في حساب باسم الموقع؛ لتغطية وتلبية رغبات الزبائن. قصائد وخواطر وذكر «سلمان العلوان» أنه فوجئ برسالة على بريده الالكتروني عبارة عن إعلان لعدة مواقع لبيع القصائد الشعرية والطويلة، إلى جانب إمكانية كتابة وصياغة الخواطر، وكل ذلك بمقابل مادي، مبدياً استغرابه عند دخوله للموقع الالكتروني حيث وجد عباراة كُتبت بالبنط العريض «نسعى لخدمتكم بسرية تامة»، وكذلك إتاحة الفرصة بالسماح للمشتري أن ينسب القصيدة باسمه. واستغرب «ابراهيم الوايل» من بيع الشاعر أبياته مقابل المال، على الرغم من أنها في الأصل إبداع شاعر، وتُنسب لآخر، متعجباُ من اندثار المشاعر والأحاسيس، حتى أصبحت قابلة للتساوم والمقايضة، ذاكراً أن بيع الشعر أمر خطأ؛ لأن القصيدة تُعبّر عن ما يجول بداخل الشخص، فما بالكم بمن يبيع إحساسه. أمسيات شعرية وأكد «حمد الخثلان» استحالة أن يبدع الشاعر المزيف - المشترى - أمام الآخرين، حيث ينكشف كثير من الشعراء في الأمسيات الشعبية، فعندما يبدأ الشاعر يسقط القناع ذو اللمعان المصطنع؛ لأن الفروقات واضحة في أسلوب الشاعر أثناء الإلقاء والكتابة، معتبراً تلك الظاهرة مؤشراً سيؤدي إلى دخول وخروج غالبية الشعراء من الباب الخلفي. تواصل إلكتروني وأشار - بائع قصائد - إلى أن طريقة تواصله مع العملاء عن طريق الإيميل والتحويل عن طريق الحساب، بحيث لا يلتقي مع المشتري أبداً، مبيناً أن فترة الموسم في الصيف؛ نظراً لكثرة الأمسيات والزواجات، وكذلك المحاورات والعرضات وما شابه، إلى جانب حفلات التخرج لكونها لها دور فعال في حيوية حركة البيع، خاصة إذا كان الزبائن فتيات، وأحياناً يتصل بنا سيدات أعمال، إضافة إلى بعض الفنانين المبتدئين في عالم الغناء، حيث يشترون قصيدة بطريقتهم، ويلحنونها، ولهم الحرية في تعديل بعض الأبيات، مبيناً أن بيع الشعراء قصائدهم ظاهرة صحية؛ لأن كل شاعر يسعى إلى توفير حياة كريمة لأسرته.