يبدو أن الساحة الشعبية موعودة بمعركة كبيرة بدأت تطفو على السطح أكثر منها في أي وقت مضى، وستقسمها فريقين، كل منها ضد الآخر، كونهما لا يتفقان في الرأي نفسه، وسيتقاذفان الاتهامات والتصنيفات الشعرية. المعركة التي سيخوضها الشعراء في الفترة المقبلة تتعلق ببيع الشعراء قصائدهم، لكنها أضحت مكشوفة أمام الملأ، وربما تنسف أسماء معروفة في الوسط الشعري، وخصوصاً أن هناك شعراء أيدوا «تجارة الشعر» أو بيعه بشروط، بينما رفضها آخرون، بحجة أنها مسيئة إلى الشاعر نفسه. ولعل حديث الشاعر فهد عافت في برنامج «في الصميم»، حينما وصف الشاعر الذي يبيع القصائد ب«الديوث الأدبي» أزاح الرماد من فوق النار، ليدخل زملاءه في معركة جديدة قد تطاول أوائل الشعراء وأواخرهم، كونه استخدم أسلوباً قاسياً مع أصدقائه الذين يتكسبون بشعرهم، بينما اعتبر الشاعر صالح الشادي لجوء الشاعر إلى بيع قصائده حقاً مشروعاً إذا كان مصدر دخله الوحيد، لكنه شدد على أنه لا يبيع الشعر، كونه ليس مضطراً إلى ذلك، «عندما أريد أن أبيع سأبيع»، لكنه اعترف بإهدائه قصائد لأصدقائه الذين يحتاجون إليها، ويكتبها لهم بأسمائهم من باب الفزعة. واتفق الشاعر عبداللطيف آل الشيخ مع الشادي، بقوله عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «أرجح رأي صالح الشادي، لأن المشكلة في المشتري وليست في البائع، فالحاجة أجبرت كثيرين على فعل ما هو أكبر من بيع الشعر»، بينما كتب الشاعر طلال حمزة عبر حسابه في «تويتر»: «مع الأسف الشديد أرى أن بيع الشعر أكبر بكثير مما قال عافت». وأيد الشاعر مانع بن شلحاط في وقت سابق، فكرة المتاجرة بالشعر، بقوله: «القصيدة ملك خاص للشاعر، فلا ضير في أن يبيعها، ولا أرى في ذلك حرجاً، فهناك من يملك المال ويريد أن يُكتب له شعر، وهذا لا بأس به، وخصوصاً إذا كان الشاعر قدم له قصيدة جديدة لم تر النور من قبل». ويدور في أوساط الساحة الشعبية أن هناك شعراء يكتبون لآخرين في الخفاء، وقد يظهر ذلك من خلال أسلوب الكتابة الشعرية، في حين لا يمانع عدد من أبناء الساحة من بيع قصائدهم، لأنهم لا يملكون مصدر دخل أسوة بغيرهم، معللين ذلك بانتشار قصائد المديح ليس حباً في الممدوح، وإنما بحثاً عن المال. وكان عدد من الشعراء اتجهوا إلى بيع قصائدهم في الفترة الأخيرة عبر مواقع إلكترونية مخصصة لأشعار المناسبات، بيد أنهم ظهروا بأسماء مستعارة، خشية من جمهورهم، إذ وصل سعر القصيدة الواحدة إلى ألف ريال للمناسبة الواحدة ولا تزيد أبياتها على عشرة، في حين يصل سعرها لعلية القوم إلى نحو 25 ألف ريال وأكثر بحسب ما ذكره عدد من الشعراء.