روبرت ليفتويج ممن اشتهروا أنهم من ذوي طاقات عقلية وبدنية ليس لها حدود، ورغم أنها تصل لحد الخرافة كإدراك أفكار الآخرين، إلا أنه مدير مبيعات ضخمة للمضخات وكاتب فلسفي ومتخصص في جمع الكتب النادرة وعالم آثار، ومع نجاحه في عدة مسارات إلا أنه لا يعتبر نفسه فريدا، ويؤكد أن أي شخص يستطيع أن يطور طاقاته العقلية الكامنة، بأن يبذل جهدا كافيا. إذاً السر في بذل الجهد، لكن هذا الجهد لا يهم أن يكون كافيا أو غير كافٍ، على الأقل بالنسبة لعينة الدراسة وهم يمثلون المجتمع في بحثي "الهوية الثقافية" الذي قدمته لدرجة الدكتوراة. الذين يرون أن الحظ يلعب دورا كبيرا في النجاح، بنسبة تقارب 60%، أتحدث عن أكثر من نصف أعداد طلبة وطالبات المرحلة الثانوية، السنة الثالثة، مقبلين على الجامعة وفي جيوبهم سلعة بخسة "الحظ". طلاب في قمة التوهج والنشاط للكفاح، لا يؤمنون بالعمل أو الجهد الذي يؤمن به "ليفتويج" وكل الناجحين، بل يؤمنون بالحظ، الحظ فقط!، وأن من لم يحالفه النجاح إنما هو بسبب حظه القليل، إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه... ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه. يذكر كولن ولسون في كتابه الممتع "الحاسة السادسة" (الشخص الفعال العازم على شيء لا يهتم كثيرا بالحظ، وإذا سارت الأمور على غير ما يرام، أخذ نفساً عميقاً، وضاعف جهده وفي الحال يكتشف أن اللحظات التي يشعر خلالها بالسعادة الحقيقية غالبا ما تكون بعد مثل هذا الجهد). هذه السعادة التي لم يتذوقها أبداً من تولى منصبا بدون أن يستحقه، فسعادته وقتية، ولن يحظى أبداً بنظرة الاحترام الحقيقي التي يراها الناجحون الحقيقيون. ويكمل ولسون: (والرجل الذي اعتاد على البقاء مستسلماً يصبح مشغولا بالحظ)، فيصبح متتبعا لمسير حظه في الحياة، يقبل إذا واكبه ما يظنه هو الحظ، ويدبر عن الحياة إذا أدبر عنه الحظ، قد يجر هذا التصور إلى الكره لحياته، أو الحقد على من تلألأ الحظ لديهم، لا أتحدث عن الحظ في الإسلام الذي هو متعلق بقضاء الله وقدره، في الأمور التي خلق الانسان وهو يحظى بها، أو كتبها الله له، كحظ قارون والذي يقصد به غناه الفاحش،لا أتحدث عن توزيع الله سبحانه وتعالى للأرزاق، الحظ الذي يجب أن نلتفت له كصناعة، كجهد، صبر، تحمل، تفاؤل بالخير، الثقة بالله، التوكل عليه، هناك أسباب لكل شيء. حسناً، الكلام السابق تنظير، لكن كيف يمكن أن نقنع مئات الطلاب المقبلين على الحياة الجامعية بأن الحظ هو أن تبذل الجهد، بكل بساطة، بأن يبذل الطالب الجهد. "ليفتويج" أثبت أن العقل يسيطر على الحظ، يحتاج الطلاب أن يقتنعوا، أن يؤمنوا، أن يفهموا، أن الحظ... صناعة. هذا مشروع تعليمي مهم، قد يوازي أهمية ماذا ندون في المناهج؟ لكن كيف؟ أن تقفل بقالات بيع الأبحاث للطلاب، أن يتعلموا فن التخطيط، أن تعمم ثقافة العمل التطوعي، أن تقام المحافل للاحتفال بذوي الجهد الحقيقي، لتصبح لدينا قدوات حقيقية، أن ......أن ....... إنه مشروع شائك، قد يحتاج لينجح..كثيراً من الحظ!!!