في احد المجمعات التجارية الشهيرة بالمنطقة الشرقية حيث تجد سائحين من مختلف مناطق المملكة ومن دول خليجية مجاورة ايضا يأمونها للتسوق او لمجرد الاستراحة في احد المطاعم او المقاهي المتناثرة في ارجائه ارتفع الاذان واغلقت المحلات.. لم يستمر شعوري بالغبطة كثيرا وانا ارقب الهارعات للوضوء والصلاة لانني سرعان ما استبدلته بشعور بالصدمة.. اذ كانت هناك شابة في اواخر العشرينات او اوائل الثلاثينات تستخدم المرايا المعلقة فوق احدى الحنفيات، ولم يمس يدها الماء، لان اهتمامها كان منحصرا بالريشة بين اناملها. لم يتبق نوع واحد من مساحيق التجميل وبالاخص ما يتعلق بالعيون لم تستخدمه، ظلت ترسم وتنحت في تقاطيع وجهها قبل واثناء مدة انتظاري ثم وضوئي وصلاتي، لاني عدت اغسل يدي بعد الصلاة فوجدتها ما زالت كالصنم امام المرآة تستوثق من اخر الرتوش، ولكني لم افهم حتى هذه اللحظة سر وضعها لاحمر الشفاه، فهي قد اسدلت فوق وجهها قطعة بحجم الكف تأخذ شكل البرقع غطت ربع الوجه السفلي فقط بينما بقيت ثلاثة ارباعه تسبح في ملكوت الله. اكتشفت ان لها صويحبة اخرى في ركن قصي، اختصرت المسائل كلها وكشفت وجهها، رأيتها تخرج زجاجة العطر من حقيبتها وتبدأ بضخه من قمة رأسها وحتى اخمص قدميها، لا يحسبني القراء ابالغ في وصف طريقة تعطرها او انني استخدم تعبيرا مجازيا، فما حدث كان بالضبط رشا للعطر من قمة رأسها وحتى اخمص قدميها وبشكل عامودي صعودا ونزولا من الزاويتين، كلتاهما حشرتا نفسيهما في رداء اسود يسمونه تجوزا في هذه الحالة (عباءة) استوثقتا من هيئتهما للمرة الالف وبقيت متمسكة بمبدأ حسن الظن للمرة المليون، فلعلهما كانتا في استعداد لاجتماع نسائي في الاستراحة الخاصة بالنساء، ولعل ولعل.. ولكن، كانت هناك ممرات عديدة امامهما بعد ان تركتا استراحة النساء خلف ظهريهما وكأنها (الطاعون) وبكل وقاحة متغنجة اختارتا طريقا ضيقا يخترق فوجا طويلا من الرجال.