عندما بدأ تنظيم القاعدة مخططاته في الثمانينيات انتبه للخارجين عن مساره أكثر من الداخلين إليه لذلك كان لديهم عقوبات وقوانين خاصة بتصفية حسابات الخارجين عن الصف.. ووضع رفع أعداد المقاتلين وتهجين توجهاتهم ضمن أهم الأجندات الخفية للتنظيم.. وبنفس الأفكار طل «داعش» فارضاً سياجاً من العزلة على التنظيم وزرع جواسيس داخل أسواره ووضع عشاً مسيجاً ومسيساً بالقواميس التي كانت أول طعم يناله «فروخ» التنظيم المؤدلج وركز على أن تكون هنالك عمليات تهجين واضحة وتفريخ للرؤى فمنهم السيكوباتي عاشق الانتحار والدماء وآخرون متدينون بكاريزما محاربين ونوع أخير يضم الفوضويين وخريجي السجون والجهاديين والمأجورين والمطبلين والمتدربين إلى آخر القائمة التي يضمها التنظيم الغريب المريب. وصول داعش إلى مستوى «عال» من المقاتلين المدربين ومال سائب في أيدي قيادات الدولة وذخيرة حية وعدة وعتاد يؤكد أن التنظيم جهز «عشه» من أيام أعراس الدم في العراق إبان وجود القوات الأمريكية على أرض بغداد فوجد أن البيئة مناسبة وملائمة لجمع «المأجورين» ولم «المارقين» واستفاد من سقطات القاعدة وجحود أعضائها وجمود دعمها بعد ذلك وتركيز العالم والقوى عليها لإسقاطها فنما وتنامى بسرية ودعم مؤسساتي بعيد المدى. طبعاً لم يحتج داعش سوى إلى أوقات ومسارح الفوضى في العراق والعزلة السياسية والفتن الطائفية وخروج أبواق «المجاهدين المجاهرين الساهرين» لبث الفرقة فتوسعت دائرة العش ليلتقف ويحتضن أعضاء القاعدة وسماسرة حزب الله وعملاء تقسيم العراق فبدأت خيوط التنظيم الأسود البحث عما أنهته التيارات والقوى والجبهات التي ملأت أرض الشام والعراق كي تبدأ «اللعبة السياسية» والخلافة الإسلامية المسيسة في العراق بفئة تجمعهم الفوضى والفتنة والقتل وتجمعت شخصيات «سيكوباتية» بقيادة مجموعة من الخوارج والهاربين من بوابات فتن الطائفية والسائبين ممن خرجوا من السجون وهربوا من بلدانهم متأبطين «شر الفتنة» ومتذرعين بالبحث عن المال ومتعذرين بفتاوى أرباب الفتن من المنافقين الذين كانوا يختبئون تحت رماد خلفته طائفية الفتن وقتال الشوارع وأمجاد سياسية وتقسيم سياسي ودعم من دول كانت تؤجج «الفتن» في العراق والشام بحثاً عن «المقاتلين» وملاحقة وراء «قوى سياسية» كانت تجمع الدولارات وعوائد النفط العراقي من خزائن «العراق» باسم التيارات تارة والدعم اللوجيستي تارة أخرى الذي بث سموم الفرقة وظل الباكون في العراق يسمعون «نواحاً أكثر إيلاماً» من الشام القريب الذي قطعته وبددته أيادي نظام بائس معتد أثيم. كل السيناريو يحدث وصفوف مقاتلين نصفهم بلا هوية والنصف الآخر يبحثون عن «العش» الذي جهزه «داعش» برؤية سياسية وتوجيهات لإقامة دولة بلا عقيدة وبدون شرع معدومة الأسس ولكنها تجمع المقاتلين لتفريخ «أجندات الكفر» وتتربص للبحث عن فروخ مهاجرة لتبث الخوف من فروخ مقيمة ببيانات الإعدام وقرارات القتل المجاني وجهزت العش ليكون ميداناً للقتال لكل من عارض الدولة المزعومة والخلافة المدعومة والمؤدلجة فجلبت المسكرات والمنكرات للعش بجانب وسائل وأدوات القتال والمال ورؤى سياسية ودينية تلقى في آذان المقاتلين قبل نومهم ليستيقظوا على عرس دم جديد في جسد الأمة. لولا الدعم المالي الذي يصل لداعش الذي يؤكد وجود تيارات داعمة للمشهد وهي من تسكت وتغض الطرف عما يجري في جنبات سوريا بنظام طاغ مستبد وما يحدث في العراق من فوضى عارمة هي من يدعم وجود دولة «داعش» فهم الرابح الأكبر من هذه اللعبة السياسية فواصل داعش استقطاب «الفروخ» الجاهزة لتفريخ رؤى التنظيم وتنفيذ مخططاته وتم تهجينهم لأنهم قادمون من بيئات مختلفة فبعضهم قادم من مناطق صراع وآخرون خارجون من رحم «الإرهاب» وجزء ثالث قادمون كعملاء ومسيسين للعباءة الطائفية ونوع آخر جاء مهجناً يبتغي المال والإيواء والقتال وتلقي عضوية مجانية في الدولة بلا هدف محدد فاختلط في العش كل هذه الفروخ لتختلط فيها السمات والرغبات والمسميات والمقومات ليجد البغدادي وزبانيته «بيئة جاهزة للتهجين» وتجهيز «العجين» اللازم للقتال والفوضى والزحف والإعدامات والبحث عن ثغرات في سوريا المحتدمة والملتطمة بانهيار الشام على أيدي «نظامها الباغي» وثغرات مماثلة في العراق الذي توجد فيه أكثر من دولة وتنظيم وجبهة وطوائف وأحزاب وداعش يسير بدعم النظام الطاغي في سوريا والنظام الواهي في العراق ليشغل العالم عن جرائم النظامين وليجد التنظيم طرقاً ميسرة وسهلة الدروب للخلافة «الافتراضية» ولا ننسى أن هنالك من يصفق للتنظيم من الغرب الأقصى.. وهنالك من يدير العمليات «من حفر وأخاديد صناعة الحرب الطائفية» وهنالك من يجهز المقاتلين الفارين من الزحف كي يتولوا دفة القتال والجهاد المؤدلج ضد الشريعة السمحة بحثاً عن مهر «زائف» لنيل عضوية «داعش» وستبقى اللعبة محتدمة والعش يخرج الطيور المهجنة يومياً عبر أسراب تحدد مسارها الفوضى والزعزعة السياسية التي خلقتها «القوى والأنظمة المستبدة» في الشام والعراق.