قنوات تختفي .. وقنوات تولد .. وأخرى تتناسل من رحمها قنوات جديدة لا يُفهم الهدف من وجودها في ظل وجود فقر برامجي حاد، هذا هو حال أغلب القنوات الشعبية منذ انطلاقتها قبل سنوات قليلة وإلى يومنا هذا؛ وما يستفز ويلفت الانتباه لهذه القنوات هو حرص كل قناة أو حرص القائمين عليها مع بدء بثها على الإعلان والتأكيد على أمرين اثنين لا يزال التأكيد عليهما مستمراً: الأول هو (التخصص) في مجال الشعر والتراث الشعبي بشكل عام، والثاني إصدار وعود مغرية بالتميز والاختلاف والزعم بأن برامجها ستكون ذات أفكار جديدة وغير مألوفة بالنسبة للمشاهدين ..! لكن المُلاحظ هو أن سعي القنوات الشعبية إلى الالتزام بشعار التخصص أضر بها من ناحية، وقيّد العاملين فيها من ناحية أخرى عن البحث عن أفكار تتسم بالجدة ولها قدرة على جذب المشاهدين، فلم نعد نرى في معظم هذه القنوات غير القصائد والشيلات التي حفظناها لكثرة إعادتها، أو البرامج المستنسخة أفكارها من قنوات أخرى كبرامج المسابقات الشعرية، أو حفلات الزواج ومزاينات الإبل التي يُملأ بها وقت عرض القناة مع أن الفائدة التي يجنيها المشاهد من متابعتها محدودة جداً أو غير موجودة ..! القنوات التي استطاعت تحقيق بعض النجاح والتأثير هي التي قامت بتطعيم جدول برامجها ببرامج مُنوعة وشاملة وغير مُلتزمة أو مُقيّدة بشعار التخصص، وأجزم أن وضع القنوات سيتحسن بشكل كبير وملحوظ في حال تخلى أصحاب القنوات عن هذه الشعار الذي لا يمكن التقدم ولا التجديد في ظل الحرص على التمسك به مع عدم القدرة على الوفاء بمتطلباته، فمهما بلغ المشاهد من حب الشعر والتراث فلن يُطيق الصبر على متابعة برامج نمطية لا تتضمن أي عنصر من عناصر الجذب والتشويق وكسر الرتابة، وإذا استمرت بعض القنوات على هذا النهج فإن شعور المتابع تجاهها سيكون حتماً شبيهاً بشعور من تُرغمه الظروف على الاجتماع بشاعر هزيل يتبرع بإلقاء قصائده دون أن تُطلب منه ويكون مكرهاً على الاستماع إليها ..! أخيراً يقول المبدع ضيف الله العالي: التعب: من قلّ شوفك واهتمامك ينمحي لا جيت، وتهمّك علومي والله إنّك لو تقوللي: علامك؟ شلت عني نص وأكثر من همومي!