برامج المسابقات الشعرية والتي ربما بدأت بعدما أشعل فتيلها برنامج (شاعر المليون) للشعر الشعبي ، على قناة أبو ظبي الفضائية ، ثم برنامج (أمير الشعراء) للشعر الفصيح على نفس القناة وبعد انتهاء تتويج الفائز في (شاعر المليون) بوقتٍ قصير ، ثم تلتها العديد من المسابقات الشعرية في العديد من القنوات الفضائية ، تلك البرامج وإن اتفقت في الهدف وهو الربح المادي تحت غطاء الرغبة في الحفاظ على هويتنا وثقافتنا الأدبية من خلال الأدب العربي أو الأدب الشعبي لاشك بأن تلك البرامج لعبت دوراً كبيراً في تضييق الهوة بين الشعر والجمهور وتقليل المسافة التي كانت تتباعد بتباعد جيل اليوم عن القراءة والإطلاع ، وأنا كان لي وجهة نظر في ذلك طرحتها من خلال بحثي في رسالة الدكتوراه الذي كان بعنوان (أثر الفضائيات على المراهقين والمراهقات في المملكة العربية السعودية من وجهة نظر التربويين والتربويات) حيث تناولت برنامج (شاعر المليون) أنموذجاً من البرامج الشعرية التي شدت فئة المراهقين ، حيث ذكرت في بحثي أن هذا البرنامج الذي أهتم بالقصيدة الشعبية وبإعادة توهجها كموروث شعبي هام ، قد أحدث صيتاً وشهرة كبيرة جداً منذ انطلاق جزءه الأول في العام 1427/1428ه ، 2007/2008م خاصة في منطقة الخليج العربي لتعلق هذا المجتمع بالشعر الشعبي بشكلٍ كبير ، حتى أنه قيل بأن الخليج بلد المليون شاعر ، وربما تميز الفكرة التي ظهر بها البرنامج في طريقة الطرح والجوائز المالية المقدمة للفائزين التي تصل للفائز الأول بمقدار مليون درهم إماراتي قد أضافت أهمية أخرى للبرنامج ، يضاف على ذلك الإعداد الجيد في هذا البرنامج من ناحية تجهيز الديكورات والإضاءة وطريقة الإخراج المبهرة تعتبر من العوامل التي لفتت أنظار الجمهور لهذا البرنامج وزادت من اهتمامهم به فساهمت في تحقيق النجاح وكل تلك الشهرة الكبيرة ، ولو تأملنا في الشرائح التي تابعت هذا البرنامج لوجدنا أن متابعته لم تقتصر على الكبار فقط ، بل حتى الصغار والمراهقين والشباب وكافة أفراد الأسرة ، حتى أن الكثير بداء يحفظ الأبيات الشعرية لبعض الشعراء ، وقد ردد تلك الأبيات حتى الصغار مثل قصيدة (ناقتي ..يا ناقتي) للشاعر ناصر الفراعنة . ولو نظرنا لهذا البرنامج وبرامج المسابقات الشعرية بصفة عامة من ناحية البعد الثقافي والاجتماعي الذي تحقق ، لوجدنا بأنها قد حققت أهداف تربوية جيدة بغض النظر عن الأقوال التي ذكرت والأصوات التي تعالت أن هدف تلك البرامج الأمور المادية ، حيث غرست تلك البرامج في المراهق والمراهقة حب الموروث الأدبي الذي ينبع من تراث الأجداد ، وأضافت لمعلوماتهم وثقافتهم ثقافة جديدة في مجال الشعر والقصيدة الشعبية من خلال الأنماط المقدمة وبحور الشعر المختلفة التي يتناولها المتسابقين ، وقد ذكرت في وجهة نظري بأن نوعية من هذه البرامج يجب أن تستمر وتُدعم كونها تعمل على تأصيل ثقافتنا وموروثنا الأدبي في نفوس المراهقين والمراهقات حتى لا ينشغلوا بمتابعة برامج مستنسخه من الإعلام الغربي فيها من الإسفاف ما الله به عليم ، إضافة أن هذه البرامج قد أفرز لنا أسماء جديدة من الشعراء الجيدين في المنطقة العربية عموماً ومنطقة الخليج على وجه الخصوص لم يكونوا معروفين من قبل ، وكذلك رفعت ذائقة المراهق والمراهقة والمشاهد بصفة عامة من خلال سماع القصائد الشعرية ذات المعاني البلاغية الجميلة والأبيات الوصفية الرائعة ، حتى أن كل مشاهد قد يكون تمنى لو كان شاعراً . ونحن لو أردنا أن نحصي إيجابيات برامج المسابقات الشعرية مقارنةً بسلبياتها قد يضيع بنا الحساب ، كونها ساهمت في إعادة للشعر حضوره وأضافت لمشهدنا الأدبي الكثير من الإيجابيات ، من خلال تعريف الجمهور ببحور الشعر ورفع أذواقهم وثقافتهم وتعريفهم بموروثهم الثقافي والأدبي وأدبهم الشعبي الرائع ، وغير ذلك من الإيجابيات التي تجعلنا نتجاوز عن بعض السلبيات التي لا تذكر أمام غزارة الإيجابيات في تلك البرامج . ممثل القناة الثقافية بمكة معد ومقدم البرامج بالقناة مستشار إعلامي لجمعية المسرحيين السعوديين بمكة عضو اللجنة الإعلامية بنادي مكة الثقافي الأدبي