مع بداية انطلاق قنوات الشعر ظهرت كتابات وآراء عديدة تتنبأ بفشل الكثير من تلك القنوات وسقوطها من فضاء الإعلام الجديد سريعاً على غرار ما حدث للمجلات الشعبية، وقد حصل هذا الأمر فعلاً ورأينا اختفاء بعض القنوات من أبرزها تلك التي وُلدت من رحم المجلات الشعبية ، وشاهدنا أيضاً انحدار مستوى بعض القنوات الأخرى التي لا يجد المشاهد في ساعات عرضها الأربع والعشرين أي برنامج يستحق قضاء الوقت في مُتابعته. ويتضح للمتابع عدم استقرار وضع قنوات الشعر أيضاً من خلال انتقال ملكية بعض القنوات بشكل مستمر من شخص إلى آخر تختلف رؤيته وتختلف أهدفه من امتلاك القناة .. أو دخول قنوات شعرية جديدة إلى فضاء الإعلام الشعبي بشعارات رنانة وبإمكانات ضعيفة وبرامج هزيلة ومُستنسخة من قنوات أخرى؛ فهاجس الكسب والاستثمار وزيادة الإيرادات هو الذي يسيطر على أذهان معظم أصحاب القنوات الشعرية التي يرى المشاهد ضعف مستواها وبوادر اتجاهها نحو الانحدار والتلاشي، في حين أن هاجس أصحاب القنوات الشعرية الناجحة (وما أندرها) هو السعي إلى التطوير وخدمة الشعر والتراث والمجتمع، ومنافسة القنوات المُتميزة والقوية في ترك بصمة واضحة في سجل الإعلام المرئي. هناك من نظر لقنوات الشعر الشعبي إجمالاً بعين الرضا ووصفها ب (قنوات الطهر) إعجاباً بها ومُبالغة في رفع مكانتها، وهناك من نظر إليها بعين السخط وذكر بأن خطرها أكبر من خطر القنوات (الإباحية) لأنها تُسهم في "تشتيت الوحدة الوطنية" وتعمل على "تأخير شبابنا ثقافياً" .. وأعتقد أن هاتين النظرتين فيهما الكثير من الانحياز والتطرف، لأن القنوات ليست على مستوى واحد من حيث الأهداف والطرح وقيمة البرامج المعروضة؛ صحيح أن هناك قنوات شعرية وضعت شعارات تدعو صراحة إلى التعصب أو وجّهت اهتمامها وبرامجها لمخاطبة فئات أو جماعات معينة، إلا أن بعضها نجحت في تقديم برامج جيدة تخدم المشاهدين بمختلف اهتماماتهم وتمنحهم قدراً كبيراً من الفائدة والمتعة. حتى قنوات الشعر ذات الطرح والإمكانات المتواضعة لا تخلو من برامج جيدة وقادرة على لفت الانتباه، ولكن تقديم برنامج واحد جيد أو برنامجين من بين عشرات البرامج الضعيفة أو المُستنسخة التي يتم إعادة بثها بشكل شبه يومي لا يُمكن أن يصنع قناة ناجحة وقادرة على الصمود فضلاًَ عن المنافسة. أخيراًَ يقول الشاعر المبدع مشعان البراق: يا مختصر في عيوني الناس لا هنت جرّب معي طعم الحياه المريره يا كثر ما آشوفك ولا أقول وين أنت تردني من دونك أشياء كثيره!