أرسل لي أحد الأخوة الأفاضل بعد أن قرأ المقال السابق (20/80) والذي أتحدث فيه عن قاعدة (باريتو) وكيفية تطبيقها في حياتنا المالية : « فعلا نحتاج دائما إلى تطبيق ما نتعلمه لكن قلة هم من يطبق ، لذلك يصبحون قلة هم المميزون ... « ، وهو في الحقيقة يشير هنا إلى مبدأ مهم نغفل عنه كثيرا ولا نعطي له الاهتمام اللازم ، والذي يطلق عليه الفلاسفة الميتافيزيقين (العلم الذي يدرس الأسس الأولى أو المبادئ الأولى التي تقوم عليها المعرفة الإنسانية) مبدأ التناقض ، وهو استحالة اجتماع ضدين في مكان واحد ؛ فمحال أن يجتمع عدم التطبيق مع التميز ، فعندما نقوم بتطبيق ما نتعلمه في حياتنا من نظريات أو مهارات ومعارف فمن المحال حينها أن يجتمع الفشل وعدم النجاح ، لكن سيقوم النجاح والتميز بمزاحمة فشلنا وإزاحته عن الطريق دون هوادة . إن من يبحثون عن العصا السحرية هم في الحقيقة عالة على أنفسهم وعلى مجتمعاتهم ، مبدعون في تبرير تقاعسهم وعدم نجاحهم ، يلقون باللوم على مجتمعهم وأسرهم وأصدقائهم ، فهم أسباب فشلهم وعدم ارتقائهم لسلم النجاح ، وقد تناسوا أن كل امرئ خصيم نفسه ، وسوف يسأل عن ماذا قدم وليس عن ماذا قدم له الآخرون . إن مباشرة الفعل هو أول خطوة في مرقى النجاح ، فنجد أننا قرأنا الكثير من الكتب ، وحضرنا العديد من اللقاءات والبرامج التدريبية المتخصصة في المجالات المالية أو غيرها لكن ينقصنا مبدأ التطبيق العملي لما قرأناه أو تعلمناه ، فنبقى حينها في دائرة مفرغة ما بين مد شعورنا بالمشكلة وجزر خوفنا من عدم النجاح أو الخوف من الفشل أو التقاعس سعيا للكمال الزائف وبانتظار الوقت المناسب الذي لن يأتي أبدا إن انتظرنا ولم نسعى إليه . اشتكى إلي مجموعة من الأصدقاء أن الراتب الشهري الذي يتقاضونه لا يبقى منه شيء آخر الشهر ، والأدهى أنهم لا يعلمون فيما صرفوه ! فطلبت منهم أن يقوموا بكتابة كل ما يقومون بشرائه وأن يسجلوا أي مبلغ يتم صرفه خلال ثلاثة أشهر متواصلة ؛ وذلك من أجل الوصول إلى متوسط المصروف في كل بند لكتابة خطة وميزانية مالية واضحة . قمت بالتواصل معهم بعد أسبوع من الحادثة ، ولم أتفاجأ حين أخبروني أنهم خلال هذه الفترة البسيطة استطاعوا أن يتحكموا في مصروفاتهم ، وأن يشاهدوا بوضوح كيف تسير أمورهم المالية . ودمتم في ثراء [email protected]