قد يتساءل البعض عن سر عدم قدرته على ضبط أموره المالية! فمهما وضع من خطط وأفكار أخذت منه وقتًا ليس بالقليل من أجل أن يخرج بتلك الأفكار والخطط، لكنه يجد في نهاية المطاف أن مصير ما بذل فيه من الجهد هو الفشل الذريع! بل نجد أن أولئك من أكثر مَن يحرصون على حضور البرامج التدريبية المتخصصة في موضوع الميزانية الأسرية أو نحوها، بل نجدهم كذلك يقرأون عن كل ما كُتب في هذا الموضوع، ويستخدمون البرامج الحديثة في متابعة مصاريفهم ومشترياتهم بكل دقة وحرص، ومع هذا كله لا يدوم الأمر إلاَّ شهورًا معدودة حتى تعود حليمة لعادتها القديمة. فهل نستنتج من ذلك أن حسن الإدارة لشؤوننا المالية هي عطية وهبة من الله، وأنه لا يمكن أن نكتسب هذه المهارة مهما فعلنا وبذلنا من جهود، فنترك الأمور على ما هي عليها؟ الحقيقة أنها بالفعل عطية وهبة من الله، لكن الجيد في الامر انه بإمكاننا تعلم أسرار الإدارة المالية لميزانيتنا الشخصية. والسؤال الذي يجب أن نطرحه كيف نتعلم لغة المال؟ وليس ماذا نتعلم! فهناك فرق بين ما نتعلمه، وكيف نتعلمه، وليس في أمورنا المالية فقط، بل في كل جوانب الحياة وخباياها. فيجب أن نفرّق بين كيفية كتابة ميزانية مالية، وبين ما هي نظرتي أو علاقتي بالمال! وماذا يعني المال بالنسبة لي؟ وما هي طبيعتي المالية؟ إن معرفة المشكلة واكتشافها هي نصف العلاج، والنصف الآخر أن نتعلّم كيف نعالج هذه المشكلة، أو كيف نتعايش معها، ونروّضها لصالحنا. فمهما تعلّمنا من فنون ومهارات عديدة في إدارة أموالنا وميزانيتنا الشخصية يبقى هناك ثغرة خلل لم نقم بسدها بعد، وذلك لعدم فهمنا لطبيعة العلاقة الحقيقة بيننا وبين مشكلاتنا المالية. إن أول خطوة من أجل أن نقوم بحل جذري لمشكلاتنا المالية أن نكتشف ما هي العلاقة التي تربطني بالمال؟ هل هي علاقة عطاء ومحاولة إسعاد لمَن حولي؟ أم أنها علاقة فوضى، وعدم وجود أولويات وأهداف محددة أجمع من أجله المال، حاملاً شعار «أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»!. أم أن العلاقة مرتبطة بالحالة المزاجية لشخصيتي، وأنه كلما أردت أن تنفس عن مشاعرك واكتئابك تقوم بصرف المزيد من المال بحثًا عن الراحة اللحظية والمزعومة؟ أو قد تكون من أجل التنفيس عن غضب وعدم مبالاة، ثم يكون الندم بعده. ودواليك من التفسيرات المتعددة والتي تختلف من شخص إلى آخر، ويختلف كذلك طريقة الحل والعلاج فكل بحسبه. إن الخطوة الأولى قبل أن نضع خطتنا المالية من ميزانية وأجندة من المهم بمكان أن أكتشف سر علاقتي بالمال من أجل أن أكيّف طريقة تعاملي مع الأمور المالية من إنفاق وترشيد وادّخار. وقد يتساءل البعض عن ما هي الطريقة أو الأسلوب المناسب لأعرف ماهي علاقتي بالمال والتي سنفرد لها -بإذن الله- في المقالات المقبلة، فنناقش بعض القضايا الشخصية المتعلقة بطريقة تعاملنا المالي، مع العلاج المقترح. ودمتم في ثراء. [email protected]