إن بناء المسؤولية المالية في نفوس أبنائنا وغرسها من الصغر هو البناء الحقيقي لهم من أجل مستقبل أكثر استقرارا لهم وشعورا بالمسؤولية. فعندما نلبي لأبنائنا جميع متطلباتهم ونحقق لهم كل أمانيهم بكل يسر وسهولة وبدون أدنى جهد منهم لهي في الحقيقة إعداد لأشخاص متكلين على غيرهم، باحثين عن الدعة والراحة في الوظائف الحكومية، ومسرفين في حياتهم، وفي شكوى دائمة من قلة المال، وعدم توفر الوظائف المريحة، فقد توعد أن يأخذ من دون أن يعطي أو يقدم شيئا. إن أكثر ما يؤثر على اقتصاد مجتمعنا بدون أن نشعر أو نلقي له بالا هو نشوء جيل تعود أن يشير ببنانه فتلبى له كل الطلبات، فلم يتعلم كيف يكسب المال من عمل يده وعرق جبينه، فيشعر بقيمتها وأهميتها، فلا يبذلها إلا في مصارفها وبحقها، بل قمنا بتربية جيل يأخذ بدون مقابل أو عطاء يقدمه لمجتمعه وأهله وناسه. فهي مسؤوليتنا نحن الآباء في المقام الأول أن نربي أبناءنا ونوجههم بأهمية المسؤولية المالية، فالأسرة هي اللبنة الحقيقية لتنشئة الطفل وتعوديه على العادات المالية الصحيحة والحسنة، وتعليمه كيفية ادخار المال وإنفاقه في ضرورياته، بل توجيه بعض الأعمال ولو كانت منزلية وبسيطة، مثل تنظيف الحديقة أو غسل السيارة ونحوها، ومكافأته عليها ماديا، وذلك من أجل أن يشعر بأهمية وقيمة الكسب من عمل اليد، وتكون عادة له من أجل مستقبل أكثر ثراء واستقرارا. وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه. يقول أحد المربين الفضلاء: «فالعادة تؤدي مهمة خطيرة في حياة البشرية، فهي توفر قسطا كبيرا من الجهد البشري – بتحويله إلى عادة سهلة ميسرة – لينطلق هذا الجهد في ميادين جديدة من العمل والإنتاج والإبداع، ولولا هذه الموهبة التي أودعها الله في فطرة البشر لقضوا حياتهم يتعلمون المشي أو الكلام أو الحساب». ويأتي بناء المسؤولية المالية في نفوس أبنائنا بالتدرج والتوجيه المستمر مع التحفيز والتشجيع اللازم، مع أهمية عدم إغفال جانب الحزم وتغليب الجانب العاطفي فالتعليم في الصغر كالنقش في الحجر كما يقال. فعندما نعطي أبناءنا مصروف الأسبوع ويقوم بصرفه خلال يوم واحد، ونقوم حينها بتعويضه ما صرفه فنحن هنا نهدم ما نريد أن نبنيه من أهمية أن يشعر بمسؤولية ما قام به، وذلك بحجة عدم إدراكه أو لصغر سنه، وفي الحقيقة نحن نشجعه من حيث لا نشعر على الاتكال وعدم تحمل المسؤولية فلننتبه لذلك. إضاءة : النصائح التي يهمس بها الأب في أذن أطفاله في المنزل لا يسمعها أحد سواهم، لكنها تنتقل إلى أجيال وأجيال قادمة عندما يهمس بها كل واحد منهم إلى أبنائه. ودمتم في ثراء. [email protected]