كلما جلست معه من أجل أن نقوم بتدوين وكتابة خطته للعام القادم، وماذا يريد أن يحقق فيه من أهداف، كان في كل مرة نجتمع فيه يجول ويصول حول أهدافه وخططه المالية فقط، ويقدمها على أي أمر آخر. وهي في الحقيقة من الأخطاء الفادحة والتي يرتكبها في الغالب كل مبتدئ عند وضع خطته؛ لأنها من الامور التي تختلط علينا عند وضعنا للأهداف والخطط، فيتوقع الكثير أن المال هو الاساس والأصل، والذي من خلاله ننطلق لتحقيق أهدافنا الاخرى، لكن الواقع أن المال ما هو إلا وسيلة من الوسائل التي نستعين بها، وليس هدفا بحد ذاته، فهناك امور هي اهم بكثير من موضوع المال بل بتحقيقنا لها تكون مصدرا لحصولنا على المال. لنتخيل أن أحدهم عزم أن يجمع مبلغا من المال وكتب خطته بكل تفاصيلها الدقيقة، ولم يكتب هدفه من جمع المال أو القيم والمبادئ التي سينطلق من خلالها، فهل سيكون لديه فرق أجمعها من حلال أو حرام؟ أو جمعها على حساب صحته أو حساب من يحبهم بأن أهملهم ولم يلتفت إليهم بعذر جمع المال فيندم حينها على تفريط الأمانة يوم لا ينفع الندم! إذا لا بد من الالتفات إلى بعض الجوانب المهمة قبل أن نضع خطتنا المالية. فدعونا نتأمل مثلا بعض الجوانب الايمانية او التعبدية مثل صلة الارحام والتي نجد انها سبب في سعة الرزق «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»، ومثلها كذلك كثرة الاستغفار والتي يغفل عنها الكثير، ولا ننسى أيضا الصدقة وما لها من أثر إيجابي لا يخفى على كل مجرب، وغيرها من أعمال البر وقبل ذلك كله وعد الله عز وجل «وفي السماء رزقكم وما توعدون«. ومن الجوانب المهمة والتي أتوقع أنها من أولويات هذا العصر الاعتناء بالجانب الجسدي والصحي، فما هي فائدة المال عند المرض والوهن وكيف سنعمل ونكد وأجسامنا ضعيفة، وأقصد الضعف اللياقي بسبب السمنة وعدم الاعتناء بالرياضة وانتشار وسائل الدعة والرفاهية، فنصرف كل ما جمعناه لنسترجع ما أهملناه! ومن الاسباب المهمة أيضا والتي لها دور مهم في زيادة مواردنا بإذن الله وأمره الاعتناء بوضع خطة لتطوير ذواتنا وصقل مهاراتنا الشخصية، والتي تعني حصولنا على فرص افضل ومجالات اوسع في دنيا المال والأعمال، فعندما تكون لدينا وفرة من المهارات والقدرات المختلفة تزداد فرص الاستفادة لدينا. اذا المال ليس هدفا مستقلا بحد ذاته وإنما هو جزء من منظومة متكاملة ومتوازنة بلا افراط او تفريط، فعند اعتنائنا بالجوانب السابقة وغيرها يتضح لدينا المقدار الفعلي لما نحتاجه من أجل تحقيق أهدفنا، وستكون لدينا قدرة عالية على استثمار الأموال وتنميتها بالشكل الصحيح. ودمتم في ثراء. [email protected]