أصبحت حالة التوتر المالي تسيطر على الغالبية من الناس. حيث أصبحت هي السمة الغالبة فيما بتعلق بالجانب المالي. فعدم وجود تخطيط مالي بعيد المدى لما يتعلق بأمور حياتنا تجعلنا في دوامة دائمة للخروج بحلول سريعة هي في حقيقتها دوامة أخرى. فالحاجة المالية ذات اللحظة الراهنة تعجزنا عن الخروج بحلول إبداعية أو واقعية لتلبية متطلباتنا وحاجاتنا. فعندما تكون لدينا خطط مالية بعيدة واضحة نستطيع حينها أن نعيش في حالة متوازنة ومستقرة، وأن نفعّل ونستخرج إبداعاتنا الكامنة ، فلا نعيش وفق ردات أفعالنا أو المفاجآت الغير متوقعة. فما الذي يمنع أن تبدأ بإدخار مبلغ بسيط شهريا من أول يوم لولادة طفلك من أجل دراسته الجامعية أو من أجل حفل زفافه؟! وأن تقوم بوضع هذا المبلغ مثلا في أحد صناديق الاستثمار الاسلامية الآمنة مما يجعل الارباح تتراكم وتنمو وتزيد مع الأيام. وقبل ذلك عندما تحمل زوجتك بطفل جديد فتبدأ فورا بادخار مبلغ وضعها وولادتها –باستثناء أصحاب بطاقات التأمين العائلية- حتى لا تتفاجأ بولادة مبكرة غيرة محسوبة ولا مدروسة. كذلك هي الالتزامات الأخرى مثل ايجار المنزل ، قسط السيارة ، فواتير الكهرباء والهاتف والجوال، راتب العاملة المنزلية والتي في الغالب تظلم بسبب عدم إعطائنا لها لحقوقها شهر بشهر فيتراكم المبلغ ونعجز عن السداد عند مغادرتها. فعند التزامك وتعوديك لنفسك بتوفير هذه المبالغ بشكل روتيني وشهري دائم، وعدم تأخيرها سيساهم بإذن الله على الاستقرار المادي والمعنوي. فالروتين والنظام في التعامل مع المال يعطينا نوعا من الأمان والشعور بالراحة والاستقرار وسط كل ما يواجهنا عبر المراحل والمنعطفات المختلفة في حياتنا. كما أن وجود روتين ونظام معين وفق خطة بعيدة المدى سيزيد لدينا القدرة على التركيز لتطوير مهارتنا المالية والخروج بمشاريع ناجحة بإذن الله. أما من يعيشون وفق المثل القائل «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» فهم في قلق وتوتر دائم لأي منعطف أو موقف يمرون به هم في حاجة إليه لتوفير مبلغ من المال ولو كان بسيطا. إن بذل الأسباب هو مطلب شرعي وسنة كونية من أجل تحقيق مصالحنا، ومنها التخطيط لكل مراحل حياتنا والاستعداد المبكر لها ، والذي يعطينا حيزا رائعا في تلبية متطلباتنا بدون ضغوط أو إجهاد ، ولعل في قصة نبي الله يوسف أبلغ الأثر والعبر في انقاذه لمصر من المجاعة بتخطيطه واستعداده. أما عندما لا نستعد للأمور إلا عندما تحين يكون الضغط علينا في أوجه بسبب ثقل الحمل الغير مستعد له أو المتوقع ، وفي الحقيقة هي أمور متوقعة لكن العجز والكسل وعدم وجود أهداف محددة هي الأسباب الحقيقة لوقوع مالا نستطيع حمله. فلنستعد مما نستطيع ولنعد العدة من الآن من أجل العيش في هناء ، ودمتم في ثراء. [email protected]