NHC توقع اتفاقيات وصفقات لتأمين سلاسل الإمداد ودعم توطين الصناعات بقيمة تتجاوز 5 مليارات ريال    الصين تلدغ البحرين بهدف قاتل وتحيي آمالها في تصفيات المونديال    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    كوريا الجنوبية تهزم الكويت بثلاثية    تبرعات السعوديين للحملة السعودية لإغاثة غزة تتجاوز 701 مليون ريال    القبض على 3 إثيوبيين في نجران لتهريبهم 29,1 كجم "حشيش"    إجتماع مجلس إدارة اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية    «الداخلية» تعلن عن كشف وضبط شبكة إجرامية لتهريب المخدرات إلى المملكة    وزير الإعلام يلتقي في بكين مديرَ مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 43736 شهيدًا    مركز الاتصال لشركة نجم الأفضل في تجربة العميل السعودية يستقبل أكثر من 3 مليون اتصال سنوياً    «محمد الحبيب العقارية» تدخل موسوعة غينيس بأكبر صبَّةٍ خرسانيةٍ في العالم    المروعي.. رئيسة للاتحاد الآسيوي لرياضات اليوغا    أمير الرياض يستقبل أمين المنطقة    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    الذهب يتراجع لأدنى مستوى في شهرين مع قوة الدولار والتركيز على البيانات الأمريكية    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يرأس اجتماع الدورة الخمسين للمجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    صندوق الاستثمارات العامة يعلن إتمام بيع 100 مليون سهم في «stc»    «هيئة الإحصاء»: معدل التضخم في السعودية يصل إلى 1.9% في أكتوبر 2024    البلدية والإسكان وسبل يوقعان اتفاقية تقديم العنوان الوطني لتراخيص المنشآت    اختتام مؤتمر شبكة الروابط العائلية للهلال الأحمر بالشرق الأدنى والأوسط    وزير الخارجية يصل لباريس للمشاركة في اجتماع تطوير مشروع العلا    "دار وإعمار" و"NHC" توقعان اتفاقية لتطوير مراكز تجارية في ضاحية خزام لتعزيز جودة الحياة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    مصرع 12 شخصاً في حادثة مروعة بمصر    رؤساء المجالس التشريعية الخليجية: ندعم سيادة الشعب الفلسطيني على الأراضي المحتلة    «التراث»: تسجيل 198 موقعاً جديداً في السجل الوطني للآثار    قرارات «استثنائية» لقمة غير عادية    رينارد: سنقاتل من أجل المولد.. وغياب الدوسري مؤثر    كيف يدمر التشخيص الطبي في «غوغل» نفسيات المرضى؟    فتاة «X» تهز عروش الديمقراطيين!    رقمنة الثقافة    الوطن    عصابات النسَّابة    «العدل»: رقمنة 200 مليون وثيقة.. وظائف للسعوديين والسعوديات بمشروع «الثروة العقارية»    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    هيبة الحليب.. أعيدوها أمام المشروبات الغازية    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    الطائف.. عمارة تقليدية تتجلَّى شكلاً ونوعاً    أفراح النوب والجش    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    أجواء شتوية    مقياس سميث للحسد    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    السيادة الرقمية وحجب حسابات التواصل    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    «الشرقية تبدع» و«إثراء» يستطلعان تحديات عصر الرقمنة    الذاكرة.. وحاسة الشم    وزير الداخلية يرعى الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    تكريم الفائزين بجائزة الأمير سلطان العالمية للمياه في فيينا    محمية جزر فرسان.. عودة الطبيعة في ربيع محميتها    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طيور الجوارح من أشهر الطيور المهاجرة للمملكة ومنها النسور المصرية والصينية
بمناسبة اليوم العالمي للطيور في أكتوبر من كل عام

في كل عام تصل المملكة أعداد كبيرة من الطيور المهاجرة، منها العابر والتي تستخدم أجواء وأراضي المملكة كمنطقة عبور خلال هجرتها بين مناطق تكاثرها والمناطق التي تقضي فيها الشتاء وتعرف بالطيور المهاجرة العابرة (Passage Migrant)، وهناك مجموعات أخرى تبقى لتقضي الشتاء في أجواء ومناطق محددة بالمملكة وتعرف بالطيور الزائرة الشتوية (Winter Visitor)، وهناك أيضاً مجموعة أخرى مهمة تأتي للمملكة للتزاوج والتكاثر وتعرف هذه الطيور بالزائرة الصيفية (Summer Visitor) وتعرف بالطيور الزائرة الصيفية، وهذه المجموعة متمثلة في الطيور البحرية وطيور تأتي من أفريقيا للتناسل في المملكة وفي الجزيرة العربية بشكل عام.
وقد اهتم العالم بهجرة الطيور لأهميتها ودورها بالبيئة والنظام البيئي، مما جعل العالم يجتمع ليسن الأنظمة والقوانين للمحافظة عليها خلال هجرتها لتقوم بدورها الذي أمرها به سبحانه وتعالى، كما جعل لها العالم يوماً يحتفل فيه بهجرة الطيور، وذلك بهدف زيادة الوعي بأهمية الطيور المهاجرة ودورها في النظام البيئي وسلامته، ومن خلال هذا المنبر لجريدة الجزيرة أحببت أن نقدم للقارئ ولو جزءاً بسيطاً لفهم دور الطيور المهاجرة بالبيئة وأهمية هذا الدور للإنسان وماهية الطيور التي تستخدم أراضي المملكة خلال هجرتها.
وتم إقرار اليوم العالمي للطيور المهاجرة خلال الاجتماع الثالث للدول الأطراف لاتفاقية المحافظة على الطيور المائية المهاجرة بين أفريقيا وأوروبا وآسيا بالسنغال عام 2005م، حيث اختير نهاية الأسبوع الثاني من شهر مايو من كل عام ليكون يوم الاحتفال بيوم هجرة الطيور، وقد بدأ أول احتفال بيوم هجرة الطيور على مستوى الثلاث قارات القديمة (آسيا أوروبا وأفريقيا) في عام 2006م، وقد اختير نهاية الأسبوع الثاني من شهر مايو من كل عام ليكون يوم الاحتفال بيوم هجرة الطيور، ويأتي هذا الاختيار لان هذه الفترة هي فترة عودة الطيور المهاجرة لمناطق تناسلها، ولنجاحات هذه الاحتفالية خلال السنوات الماضية فقد أقرت اتفاقية المحافظة على الأنواع المهاجر (Convention of Migratory Species "CMS") وجميع الاتفاقيات المنبثقة منها العام الماضي والمتعلقة بحماية الطيور وزيادة يوم آخر خلال السنة للاحتفال بالطيور المهاجرة، وقد اختير نهاية الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر والتي تكون الطيور في ذروتها في رحلة هجرتها إلى المناطق التي تقضي فيها الشتاء، وبدأ أول احتفال بهذا اليوم في شهر أكتوبر عام 2019م، ويتم في كل عام اختيار شعار لهذه المناسبة يرتبط بمواضيع مهمة لها علاقة بحماية الطيور المهاجرة، وبما تواجهه من مخاطر وزيادة الوعي بهذه المخاطر والتي ظهرت من خلال الدراسات والأبحاث.
شعار اليوم العالمي للطيور 2020 .. «الطيور تربط عالمنا»
وفيما يتعلق بشعار هذا العام فإن له علاقة بالدور البيئي للطيور المهاجرة الذي تقوم به خلال هجرتها، وذلك لجذب الانتباه لهذا الدور الحيوي وأهمية استمراريته والمحافظة عليها لتقوم بدورها. ولفهم أكثر من الناحية العلمية فالترابط البيئي هو مصطلح يعرف (Ecological Connectivity)، ويطلق عليه علمياً بالترابط البيئي ويقصد به حركة الأنواع دون عوائق لتدفق واستمرار العمليات الطبيعية التي تحافظ على الحياة على الأرض، وهذا الربط البيئي مهم لتقديم خدمات بيئية مجانية والتي تهم حياة الإنسان وسلامة النظام البيئي من حوله.
على أن المفهوم تضمن في وثيقة الإطار العالمي للتنوع الأحيائي لما بعد 2020م، كما مثل ركيزة لمنهجية العمل المستقبلية في معظم الاتفاقيات الدولية وذلك بهدف حماية وسلامة النظم البيئة والتي تلعب الطيور المهاجرة دوراً فيه، ويمكن أن توضيح هذا الترابط بمثال بسيط لأحد الطيور وهو عقاب السهول أو عقاب البادية (Steppe Eagle) وهو من الطيور الجارحة المهاجرة والمهددة بالانقراض (Endangered)، يهاجر ليقضي بعضها فترة الشتاء في بعض مناطق من شبه الجزيرة العربية ومجموعات أكبر بأفريقيا، ويقوم هذا العقاب بتنويع غذائه خلال هجرته فهو يتغذى في مناطق التكاثر بوسط آسيا وأوروبا على القوارض والطيور والثدييات الصغيرة، وخلال عبوره الجزيرة العربية أو تلك المجموعة تقضي الشتاء بالمملكة يتغذى بشكل أكبر على جيف الحيوانات المستأنسة وكذلك على المخلفات العضوية في مرامي النفايات (وقد سجلت دراسة حوالي 6.900 طائر من نوع عقاب السهول في أحد مرامي النفايات بالقرب من منطقة شقراء، وقد قدرت كمية الغذاء التي يمكن لهذه العقبان أن تستهلكه من النفايات العضوية بحوالي 3.5 أطنان يومياً، وعليه فهي ربما تستهلك خلال مكوثها بين 315- 420 طناً سنوياً، وهذا من منطقة واحدة فكم الكمية التي تخلصنا منها خلال هجرتها، والعجيب أنها عند وصولها للمنطقة التي تقضي فيها الشتاء فهي تتغذى بشكل أكبر على النمل الأبيض (Termite)، وقد أشارت دراسة أنه يتغذى بين 1600-2200 نملة بيضاء في اليوم الواحد، فكم عدد النمل الأبيض التي يتم التخلص منها من قبل عقاب السهول في أفريقيا؟ علماً أن النمل الأبيض يسبب خسائر كبيرة للمزروعات بأفريقيا، وتشير دراسات بالولايات المتحدة الأمريكية أن الخسائر من جراء النمل الأبيض تصل إلى 50 مليار دولار، ولو قدرنا أن هناك 10,000 عقاب يقطع أفريقيا ويقضي شهرين فقط هناك أي أن هذا النوع فقط يقضي على أكثر من 600 مليون نملة بيضاء تقريباً، وهذا له دور كبير لتقليل أثر النمل الأبيض على البيئة وكذلك على حياة البشر، لذا فهذا التغير في التغذية ربما يعطي فهماً للترابط البيئي ودور الطيور المهاجرة في الحفاظ النظام البيئي وتوازنه لسلامة الإنسان والمحيط الذي يعيش فيه.
الدور الاقتصادي الخفي للطيور المهاجرة
إن الحفاظ على الحياة الفطرية وخاصة الطيور المهاجرة هو أمن قومي لأن الخدمات التي تقدمها خلال هجرتها كبيرة جداً يمكن أن تكلف مبالغ كبيرة لتعويض دورها، ولشرح هذا الدور ما حدث في اجتماع الدول الأطراف لمذكرة التفاهم للمحافظة على الطيور الجوارح المهاجرة والذي عقد بأبو ظبي عام 2012م، كيف أن مندوب دولة جنوب أفريقيا تحدث عن الدراسات التي أجريت لديهم تشير أن صقر الأميور (Amur Falcon) يقوم بالتخلص من أكثر من 2.5 تريليون نملة بيضاء خلال تواجدها في جنوب أفريقيا في فترة الشتاء والتي تصل من 3-4 أشهر، بالإضافة إلى أعداد كبيرة أخرى من الحشرات الضارة للمزروعات كالجراد الصحراوي، وأن هذا العمل البيئي مهم جداً لاقتصاد بلده، ولكن ما يحدث للطيور خلال عبورها للهند حيث يتم قتل وشبك أعداد كبيرة منها وصل بين عامي 2006-2012م إلى حوالي 120-140 ألف صقر أميور، وهذا أدى لخسائر اقتصادية في عدد من القطاعات بالدولة منها الزراعة والصحة والبيئة والسياحة، وأنهى حديثه بمحادثة مندوب الهند بسؤاله عمن يتحمل هذه الخسائر.
وللتذكير فإن الطيور تقدم خدمات بيئية مجانية يمكن لو قام بها الإنسان لكلفه مليارات الدولارات، واستند في ذلك على دراسة نشرت عن خدمات طيور البيئة والتي أشارت إلى أن قبرات ميدوي الغربية بولاية كاليفورنيا تتغدى على 193 طناً من الحشرات يومياً خلال موسم التكاثر، كما أشارت بأن الطائر الأسود يقوم بالتغذي على 4.260 طناً من اليرقات والحشرات، وبحساب تكلفة هذه الخدمات بدلاً من هذه الطيور، فقد تم توفير مبلغ 444 بليون دولار والتي كانت ستصرف للقضاء على الحشرات التي تتلف المحاصيل الزراعية. وعليه فإن الطيور بشكل عام والطيور المهاجرة بشكل خاص لها أهمية في الحفاظ على الأمن القومي بسب تأثيرها غير المباشر على أهم عنصرين للبشرية وهما الصحة والغذاء.
الطيور مؤشر لسلامة النظام البيئي
ويشير العلماء أن الطيور يمكن أن تستخدم كمؤشر لسلامة النظام البيئي وكذلك لقياس التغيرات البيئية من تلوث والتغيرات المناخية، وربما ساعد معرفتنا بمعظم أنواع الطيور وتصنيفها، كذلك أنها من أكثر المجموعات الحيوانية التي درست (توزيعها الجغرافي، السلوك، البيئة بشكل عام)، وأكثر المجموعات الحيوانية انتشارا، فهي موجودة في كل مكان من المناطق القطبية إلى الصحارى، وهذا الانتشار يمكن أن يدل إلى توزيع مجموعات حيوانية أخرى، كما يمكن ملاحظة التغير في أعداد الطيور وهذا له دلائل مهمة بالبيئة، ويمكن ملاحظة التغيرات البيئية الناتجة من الملوثات (كالمعادن الثقيلة)، كما ان الطيور متحركة وهذا يساعد على معرفة آثار التغيرات المناخية.
وتشير دراسات علمية قام بها إيفرسون وآخرون (2002) وكارين (1988) أن الطيور البحرية تعتبر مؤشراً على امتدادات الغذاء البحري كوفرة الثروة السمكية، فزيادة اعداد الطيور البحرية المتكاثرة تدل على زيادة نسبة الأسماك فهي تتغذي على الأسماك الصغيرة والتي تتبعها الأسماك ا لكبيرة التي تمثل الثروة السمكية. كما أن الطيور البحرية تعتبر مؤشراً على سلامة البيئة البحرية من التلوث لسهولة قياسها في المجموعات المتناسلة، حيث تمكنت دراسة علمية من متابعة التلوث بالمعادن الثقيلة بمنطقة خليج ألاسكا لمدة 150 سنة من خلال عينات الطيور البحرية الموجودة بالمتحف.
كما تم اعتماد نسبة الطيور الملوثة بالزيت التي تم العثور عليها ميتة على شواطئ بحر الشمال كهدف من أهداف الجودة البيئية، وذلك من قبل لجنة حماية البيئة البحرية لشمال شرق المحيط الأطلسي.
ويذكر أن الطيور يمكن أن تبين مدى سلامة البيئات، فهذه دراسة حديثة عن العقعق العسيري وهو الطائر الوحيد المتوطن فقط بالمملكة العربية السعودية ولا يوجد في أي منطقة أخرى، حيث بينت الدراسات أن الطائر يتركز وجوده في المناطق الشجرية التي توجد على ارتفاع أكثر من 2100م، وتفضل بيئة الأودية الشجرية ومناطق الغابات، وتبتعد من المنحدرة، وقد تم تحليل مواقع تسجيله باستخدام برنامج نظام المعلومات الجغرافية لتحديد البيئات المشابهة التي يتواجد فيها هذا الطائر على امتداد انتشاره بمرتفعات المنطقة الجنوبية الغربية، حيث بينت الدراسة أن المناطق المناسبة لهذا الطائر 80كم2، وتدل هذه النتائج أن هناك تدهوراً بالبيئات بالمناطق الجبلية وربما ترشدنا هذه الدراسة إلى أولويات المحافظة وأهمية النظر إلى المخاطر التي أدت إلى تدهور البيئات بالمناطق الجبلية.
الطيور المهاجرة بالمملكة
وتقع المملكة بين أهم مسارات الهجرة للطيور وذلك خلال حركتها بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، كذلك تشكل منطقة الخليج للمملكة جزءاً مهمًّا في مسار وسط وجنوب آسيا، وقدرت الدراسات أنه قدرت عدد الطيور التي تهاجر كل عام بالعالم بحوالي خمسة مليارات طائر سنويًّا منها أكثر من مليار طائر تعبر بين أوروبا وإفريقيا عن طريق مسار البحر الأحمر تقريبا، كما يقدر عدد الطيور المهاجرة منها التي تمر بالمملكة حوالي أكثر من نصف مليار طائر سنويًّا.
وفي مثل هذا الوقت من العام فإن هناك مجموعات من الطيور المهاجرة التي تأتي للمملكة ومنها من يغادرها بعد أن أنهت موسم تكاثرها وبدأت رحلة عودتها إلى مناطق تقضي فيها الشتاء، ومن هذه الطيور التي أنهت موسم التناسل وبدأت رحلتها لمناطق خارج موسم التناسل إما في أفريقيا مثل طائر القمري المهدد بالانقراض، والذي يتكاثر بمناطق بوسط وشرق المملكة، كذلك هناك الطيور البحرية مثل طيور الخرشنة المقنعة الصغيرة والكبيرة والخرشنة بيضاء الخد التي تهاجر إلى الهند والفلبين وإندونيسيا، حيث أشارت دراسة لتحجيل الطيور الخرشنة أنها تهاجر إلى بلدان بعيدة حيث وصل طائر الخرشنة المقنعة والذي حجل فرخاً إلى شواطئ إندونيسيا، ومن العجيب أنها عند عودتها للتكاثر تأتي الأزواج للتناسل لتضع الأنثى البيض تحت نفس الشجيرة التي فيها بيض بالعام الماضي.
كما أن هناك طيوراً أخرى تغادرنا إلى أفريقيا بعد أن أنهت موسم التكاثر بمملكتنا الحبيبة مثل الزرزور البنفسجي الظهر، كذلك هناك الوروار أبيض الحلق الجميل بلونه الأخضر.
ومن أشهر مجموعات الطيور المهاجرة التي تأتي المملكة هي الطيور الجوارح والتي بعضها يقضي الشتاء في المملكة، منها النسور المصرية التي تأتي منها مجموعة من أوروبا وأخرى من دول وسط آسيا، ومنها من يأتي من مناطق بالصين لتقضي الشتاء بالمملكة، ومن هذه الطيور التي تقضي الشتاء بالمملكة عقاب السهول والنسر الأسود، ومن أجمل قصص الهجرة للطيور الجوارح دراسة قام بها باحثون من مركز الأمير سعود الفيصل لأبحاث الحياة الفطرية حيث تم وضع جهاز متابعة بالأقمار الاصطناعية على ظهر العقاب الإمبراطوري، ومتابعة حركتها وتم مسكها لعدد من المواسم في نفس الموقع لمدة ثلاث سنوات متتالية.
وتحتاج الطيور المهاجرة إلى طاقة، وهذا يتطلب تكيفا شكليا وفسيولوجيا وسلوكيا للطيور فهي تقوم بزيادة نسبة الدهون (الشحم) بأجسادها على حساب الأعضاء الأخرى، حيث يقوم بعضها خاصة تلك التي تهاجر مسافات طويلة مثل القوق الموشم الذيل إلى تقليص حجم المعدة والأمعاء والعضلات مع زيادة كبيرة بالدهون، كذلك تستكمل نمو ريش الطيران بالجناح، وذكرت دراسة حديثة أن طائر القوق موشم الذيل قطع مسافة 12,000 كم بطيران متواصل بدون توقف لمدة 11 يوماً.
والجدير بالذكر أن عدد الأنواع المهددة بالانقراض حسب القائمة الحمراء للاتحاد العالمي لصون الطبيعة يصل حوالي 29 نوعاً تقريباً منها ثلاثة فقط طيور مقيمة، كما أن عدد أنواع الطيور المهاجرة المتكاثرة بالمملكة هي خمسة، حيث تأتي للمملكة للتزاوج وتغادرها بعد ذلك لمناطق أخرى، ومن هذه الطيور طائر القمري والذي يأتي من أفريقيا وربما من مناطق شمالية للتزاوج في فترة الربيع ومغادرة المملكة في نهاية الطيور بداية الخريف، كذلك هناك طيور الحبارى التي توجد منها مجموعات متناسلة بالمملكة وتأتي مجموعات مهاجرة، وللأسف الشديد الصيد أثر بشكل كبير على المجموعات المتناسلة بالمملكة حتى اختفت من معظم مناطق المملكة.
ومن الطيور الأخرى المهاجرة والمتناسلة بالمملكة الغاق السقطري وهو من الطيور البحرية التي تتكاثر في الخليج العربي للمملكة، ومن أهم المشكلات التي تواجه هذا الطائر هو تأثر موائله والإزعاج خلال موسم التزاوج كذلك هناك خطر كبير زاد في الفترة الأخيرة وهو تصادمها مع أسلاك الكهرباء للضغط العالي الموجودة على السواحل وذلك خلال انتقالها من مناطق الراحة في البحيرات الساحلية للتغذية في المنطقة البحرية المفتوحة.
وأما النوعان الآخران هما من النسور (النسر المصري ونسر الأذون)، فالنسر المصري توجد منه مجموعة متناسلة بالمملكة وتهاجر لأفريقيا، وقد تناقصت أعداد المجموعات المتناسلة بالمملكة ولم يتبق سوى مجموعة صغيرة ربما تكون مقيمة في جزيرة فرسان، أما الثاني (نسر الأذون) فهجرته ليست طويلة فالمملكة تمثل مأوى مهم على مستوى العالم وهناك مجموعات متناسلة في عمان، ويتنقل بين دول المنطقة في مواسم محددة وهذا جعله من الطيور المهاجرة المتناسلة بالمملكة، أما أسباب تناقص هذه النسور فهو التسميم والتكهرب والتصادم مع أسلاك الكهرباء والإزعاج في مواقع التناسل.
أما عن برامج لحماية هذه الطيور فحكومتنا الرشيدة تولي اهتماماً بالبيئة والحياة الفطرية بشكل عام والطيور المهاجرة بشكل خاص، وإن شاء الله من خلال المبادرات لمركز تنمية الحياة الفطرية وإنشاء المحميات والأنظمة الخاصة بالبيئة وحماية الطيور وتوقيع المملكة الاتفاقيات البيئية ذات العلاقة بالطيور المهاجرة، كما أن صدور النظام العام للبيئة والذي يعطي أهمية لحماية الطيور المهاجرة سوف يكون له الأثر في عودة هذه الطيور لكثير من مواقعها السابقة بالمملكة.
والطيور هي إحدى معجزات الخالق سبحانه وتعالى يرسلها لتقوم بدورٍ مهم لمن عليها من الأحياء، يقول الله تعالى في سورة الملك الآية (19): {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ}، وفي سورة النحل (آية 79) يبين الله سبحانه وتعالى أن هذه الطيور مسخرة لمشيئته ولتقوم بدورها على هذه الأرض {أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}، وعليه فإن الطيور وهي مهاجرة تطير في جو السماء بقبضة الرحمن سخرها سبحانه وتعالى لتقوم بدورها كما أمرها وهي تقوم بذلك وهي تصلي وتسبح يقول الله تعالى في سورة النور (آية 41) {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}.
وختاماً فالطيور المهاجرة هي ضيوف علينا أرسلها الله لمستقر لها فهل نحن مكرمو ضيوف رسل ربنا من عالم الطيور؟.
** **


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.