قال رئيس قسم الأحياء في كلية العلوم بجامعة الطائف، عضو اتحاد علماء الطيور العالمي الدكتور محمد يسلم شبراق ل"الوطن" إن كثيراً من المشاريع الصناعية والعمرانية على سواحل المملكة، لم تأخذ في دراستها البيئية الاهتمام بمسار هجرة الطيور، حيث تواجه هذه المناطق عمليات الردم في خليج تاروت، وسبخة الفصل بالجبيل، على الخليج العربي وردم المسطحات الطينية على البحر الأحمر، وردم مواقع أشجار الشورى والقرم على السواحل، مشيرا إلى أن عدد الطيور المهاجرة التي تمر بالمملكة أكثر من نصف مليار طائر سنوياً. وبين أن عددا من الاتفاقيات الدولية ركزت على وجوب حماية مسارات الهجرة، مما يعني أن الدول الموقعة على هذه الاتفاقيات ملزمة بحماية الأنواع المهاجرة وموائلها، حتى لو كانت تستخدم المنطقة فقط للراحة أو المرور. وأضاف الدكتور شبراق أن "الطيور المهاجرة للمملكة يمكن تقسيمها حسب أوقات وصولها للمملكة إلى أربعة أقسام وهي "طيور عابرة، وطيور زائرة صيفية، وطيور زائرة شتوية، وأخيراً الطيور السائحة أو المتنقلة، التي تقتصر حركتها داخل المملكة أو في الدول المجاورة". وأشار إلى أن المنطقة الشرقية ضمن مسارات الهجرة للطيور على مدار العام، ويوجد بها مواقع مهمة للطيور على مستوى العالم حسب التصنيف العالمي لمنظمة حماية الطيور العالمية، حيث السواحل والجزر التي تستخدمها الطيور إما للتغذية خلال عبورها، أو للأنواع التي تقضي الشتاء بها، أو تلك التي تعشش كعدد من الطيور البحرية. وتعتبر منطقة خليج تاروت وفقا للدكتور شبراق من أهم المناطق للطيور الخواضة والمائية بالخليج العربي، حيث يقضي عدد من الطيور فترة الشتاء كزائرة شتوية، وقد سجل بها خلال فصل شتاء واحد، أكثر من 58 ألف طائر مائي. وتشير الدراسات أيضا إلى أن هناك أكثر من 10 آلاف طائر يقضي الشتاء في منطقة خليج تاروت. في حين تقع محمية الجبيل للأحياء الفطرية على امتداد الساحل الشرقي شمال مدينة الجبيل الصناعية على مساحة تقدر بحوالي 2000 كيلومتر مربع. تضم المحمية عددا من الخلجان والجزر منها جانا وكاران وتكثر بها الطيور المهاجرة لنحو 30 ألف نوع. وعن أهم الطيور المهاجرة قال إن أهم الطيور التي سجلت بالمنطقة خلال هذه الفترة عقاب السمك الآسيوي، وهو من الطيور المهددة بالانقراض عالمياً والنادرة، كذلك الغاق السقطري (اللوهة)، والذي يعتبر من الطيور المستوطنة لمنطقة الخليج، وهو مهدد بالانقراض على مستوى العالم كذلك، إضافة إلى طيور الخرشنة بيضاء الخذ، مشيرا إلى أن المنطقة الشرقية، من أهم المناطق إقليمياً وعالمياً لتكاثر هذا النوع من الطيور. وقال رئيس قسم الأحياء في كلية العلوم بجامعة الطائف إن المملكة تصلها في هذا الوقت من العام (شهر سبتمبر) مجموعات من الطيور المهاجرة منها الطيور العابرة، وتستخدم أجواء المملكة كمنطقة عبور بين أيوراسيا وأفريقيا، فهي تمر عبر أجواء المملكة خلال تحركها لمناطقها الشتوية في جنوب الكرة الأرضية، وتستخدم أراضي المملكة، للتغذية خلال رحلتها، وتتراوح فترة توقفها من عدة ساعات إلى ثلاثة أسابيع، وهناك مجموعة تعود لمناطق تعشيشها خلال عودتها في الربيع (شهر مارس إبريل). وأضاف أن "من هذه الطيور طائر الرهو، والذي له مناطق معينة يمر بها جنوبجدة، وتتوقف في خلال عودتها ببعض المناطق الزراعية بمنطقة حائل. كذلك هناك طيور الوروار، والتي تعرف أيضاً بالخضري، ويعرفه مربو النحل جيداً لتغذيته على النحل، وكذلك هناك طيور المرزة، وهي من الطيور الجوارح، وتسمى أيضاً في المملكة بممسح الريضان وذلك لطريقة طيرانه، وهذه الهجرة تبدأ في نهاية شهر يونيو حيث تبدأ الأعداد بالزيادة لتصل لذروتها في نهاية شهر سبتمبر وبداية شهر أكتوبر". وتابع قائلا "أما المجموعة الثانية فهي الطيور الزائرة الشتوية التي تتكاثر في المناطق الشمالية من أيوراسيا، وتأتي للمملكة لتقضي فترة الشتاء فيها، وهذه الأنواع تأتي عادةً في مثل هذا الوقت من السنة، وفي أواخر شهر أكتوبر، وتغادرها في شهر فبراير - مارس، ومنها العقاب الإمبراطوري والعقاب المنقط الكبير". وأشار الدكتور شبراق إلى أن المجموعة الثالثة والتي تعرف بالزائرة الصيفية، والتي تصل للمملكة خلال فصل الربيع والصيف هي طيور قضت الشتاء في القارة الأفريقية أو في مناطق أخرى، وتأتي لأراضي المملكة للتكاثر (التعشيش)، بعدها تغادرها مع نهاية الصيف، وبداية الخريف إلي مناطقها الشتوية، ومن أشهرها الطيور البحرية التي تأتي للتكاثر في الصيف، وتهيم بعد ذلك في البحر، مثل طيور الخرشنة، وبعض أنواع النوارس كالنورس الأسحم والنورس أبيض العين. ومن الطيور ذات الأهمية العالمية والمهددة بالانقراض على مستوى العالم، والتي تصل إلى الجزر بالبحر الأحمر والخليج العربي بالمملكة للتكاثر هو الصقر الأسحم، والذي يعرف أيضاً بالبكاك، وتعتبر مناطق الجزر خاصة محمية جزر فرسان مهمة جداً لتعشيش هذه الطيور. وتابع أن المجموعة الأخيرة هي الطيور السائحة أو المتنقلة، ويمكن أن نطلق عليها الهجرة الداخلية، وهي في الأصل طيور مقيمة في المملكة، ولكنها تقوم بتحركات موسمية داخل الجزيرة العربية، ولا تغادرها إلا نادراً. وأضاف الدكتور شبراق أن وجود التشريعات البيئية من خلال الأنظمة وتطبيقها ووعي المواطن، له دور كبير في تكامل منظومة الحماية للحياة الفطرية، ومنها الطيور المهاجرة. وأشار إلى إن الهيئة السعودية للحياة الفطرية تؤدي دورا جيدا في حماية الحياة الفطرية بشكل عام، والطيور المهاجرة بشكل خاص، كما تعد منظومة حديثة للمناطق المحمية بصورة أشمل لتغطي جميع البيئات والمناطق المهمة للطيور والتنوع الأحيائي.