دعت الرباط امس، إلى حوار سياسي بين بلدان المغرب العربي بهدف تحقيق الأمن على الحدود المشتركة ومواجهة التحديات الآتية من منطقة الساحل والصحراء. واعتبرت الرباط أن أمن الحدود، رهن بتفعيل العلاقات بين دول الجوار والشركاء الإقليميين والدوليين «في إطار حوار سياسي منتظم ومنفتح». وعبّر وزير خارجية المغرب صلاح الدين مزوار خلال المؤتمر الوزاري الإقليمي الثاني حول أمن الحدود في الرباط أمس، عن سعي بلاده إلى تفعيل «اتحاد المغرب العربي»، بوصفه «خياراً استراتيجياً لا غنى عنه»، مذكراً بما أشار إليه ملك المغرب محمد السادس في خطابه أخيراً، بقوله إن انبثاق «نظام مغاربي جديد يشكل بدوله الخمس، محركاً حقيقياً للوحدة العربية، وفاعلاً رئيسياً في التعاون الأورو- متوسطي وفي الاستقرار والأمن في منطقة الساحل والصحراء، والاندماج الإفريقي». وأكد رئيس الديبلوماسية المغربية أن شراكة فاعلة بين دول المغرب العربي و«الساحل» والصحراء، «باتت ملحة لدرء الأخطار التي تهدد الأمن والاستقرار»، مشيراً إلى جهود بلاده في نصرة القضايا الإفريقية عبر منح الأولوية للتنمية وبناء القدرات ل «تحصين الشباب من آفات التعصب والتطرف والانحراف». ولفت إلى «ضرورة التصدي للتهديدات الأمنية» في منطقة الساحل التي «أصبحت فضاء لجماعات التطرف والإرهاب وتهريب المخدرات والاتجار في البشر»، مذكراً بدعم بلاده لجمهورية مالي في مواجهة «عصابات التطرف والإرهاب، التزاماً منها بالإسهام في تطويق تداعيات الأزمة الداخلية والإقليمية في هذا البلد اعتماداً على التنمية وليس الاكتفاء بالمقاربة الأمنية». وعرض مزوار لوضع «الاتحاد المغاربي» الذي أصابه الشلل بفعل الخلافات المغربية - الجزائرية واستمرار إغلاق الحدود بين البلدين، مؤكداً أن الاندماج المغاربي «لم يعد ضرورة مغاربية فحسب، بل أصبح مطلباً إقليمياً ودولياً تفرضه تأثيرات العولمة والأزمة المالية والاقتصادية العالمية والتحديات الأمنية في المنطقة»، التي قال إن مواجهتها تستدعي «منطق التكتلات الإقليمية القوية والمتوازنة». وأبدى مزوار استعداد المغرب لتقاسم تجربته مع ليبيا في ما يخص بناء المؤسسات والقدرات والعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، «حتى يتمكن هذا البلد الشقيق من تجاوز التحديات التي تفرضها المرحلة الانتقالية، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في الأمن والاستقرار والتنمية والديموقراطية». وعبّر الوزير المغربي عن رغبة بلاده في إرساء تعاون ثلاثي مع الدول التي ترغب في مواكبة جهود التنمية في ليبيا، على غرار «تجربته الرائدة في مجال التعاون الثلاثي، والتي تضم كلاً من اليابان والاتحاد الأوروبي من جهة، والمغرب وعدد من الدول الإفريقية، من جهة أخرى». وشدد مزوار على أهمية وضع خريطة طريق واضحة المعالم لمواجهة التحديات الأمنية التي «زادت وتيرتها في المنطقة وباتت تشكل تهديداً لأمن وسيادة كل دولها». وأختتم مؤتمر أمن الحدود أمس بإصدار «إعلان الرباط». وشارك فيه وزراء الخارجية والأمن في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، اضافة إلى دول عدة معنية. وشارك في المؤتمر إلى جانب المغرب، الجزائر وتونس وليبيا ومصر والسودان والتشاد والنيجر ومالي وموريتانيا وفرنسا والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا ومالطا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. كما شارك ممثلون عن الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي و«تجمع دول الساحل والصحراء» و»منظمة التعاون الإسلامي» والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، ووكالات دولية متخصصة بالهجرة والأمن. وأجتمع وزير الخارجية المغربي على هامش المؤتمر، مع نظيره الفرنسي رولان فابيوس. وقال مصدر إن المحادثات المغربية الفرنسية تناولت «التحديات الأمنية التي تواجهها منطقة الساحل خصوصاً في مالي»، مضيفاً أن الوزير المغربي عرض على فابيوس «رؤية المغرب لبلوغ مقاربة مشتركة بين بلدان المنطقة لبناء فضاء سياسي وأمني مستقر في شمال إفريقيا والساحل عبر تبادل المعلومات لحماية الحدود».