اتفق وزراء خارجية دول «اتحاد المغرب العربي» على تفعيل آليات الاتحاد المغاربي وهياكل مؤسساته، وإنشاء منطقة تجار حرة وصولاً إلى تكتل اقتصادي وسياسي واندماج مغاربي، يستجيب لتحولات المرحلة، ويكون قادراً على مواجهة التحديات القطرية والإقليمية، بخاصة تداعيات الربيع العربي والأزمة الاقتصادية في دول الاتحاد الأوروبي الشريك الأساس لمنطقة شمال أفريقيا. واعتبر الوزراء الخمس في اختتام اجتماعهم في الرباط (أمس) على هامش الذكرى 23 لقيام الاتحاد المغاربي في مراكش عام 1989، أن المرحلة تتطلب تعاوناً وتكاملاً واندماجاً بين الدول الخمس المشكّلة الاتحاد، للتغلب على صعوباتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ومعالجة مشاكل البطالة والتنمية والسكن والبنى التحتية، والتعليم والماء والطاقة والأمن الغذائي. وقرر الوزراء في الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا البدء بالتكامل الاقتصادي كمدخل للتكامل الإقليمي، عبر اتفاق لإنشاء منطقة للتجارة الحرة يوقعه وزراء التجارة في اجتماعهم المقبل في طرابلس الغرب، وبذل الجهود لتحقيق حرية تنقل الأشخاص ورؤوس الأموال والسلع والخدمات بين الدول الخمس، وفتح الحدود البرية بخاصة بين الجزائر والمغرب المغلقة منذ عام 1994. وتقرر أيضاً بدء العمل في «المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية» الذي مقره تونس وعقد جلسته التأسيسية بعد تسديد كل من موريتانيا وليبيا اشتراكهما في رأس المال المقدر ب500 مليون دولار على مراحل، وإطلاق برامج اجتماعات قطاعية في مجالات الطاقة والزراعة والصناعة والشباب والعمل والبنى التحتية والإسكان وغيرها، يعقدها الوزراء المعنيون في دول الاتحاد، وبحث موضوع قواعد المنشأ للبدء في تحرير الزراعة والصناعة والطاقة. وجاء في كلمات وزراء الخارجية «إن ما تحقق على درب العمل المغاربي لا ُيلبي طموحات شعوب المنطقة في التكامل والاندماج وقيام فضاء مغاربي متضامن وسوق اقتصادية مشتركة»، ودعا المشاركون إلى الاستجابة لتطلعات الشعوب المغاربية بالنسبة لأهداف الاتحاد. وكان غياب الاتحاد المغاربي طيلة العقدين الأخيرين كلف المنطقة عائدات تقدر ب180 بليون دولار، بسبب ضعف التجارة البينية التي لا تتجاوز 3 في المئة من المجموع، كما خسرت المنطقة استثمارات أجنبية كبيرة بسبب إغلاق الحدود وغياب المشاريع المشتركة، وعدم تجانس التشريعات. ولعبت ليبيا في عهد القذافي دوراً سلبياً في وقف العمل بعدد من مؤسسات الاتحاد تحت ذريعة عدم التضامن أثناء فترة الحصار الاقتصادي نتيجة حادث لوكربي. وتسببت الخلافات الإقليمية في الحد من تطور الدخل الفردي الذي كان يمكن أن يبلغ 9 آلاف دولار. وأعلن وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي في تصريح إلى «الحياة»، أن بلاده تؤمن بالتكامل الاقتصادي المغاربي، وهي بادرت بالدعوة إلى إنشاء مجموعة اقتصادية مشتركة، تُحقق لشعوب المنطقة تقدماً وازدهاراً في مجالات شتى. وأشار الوزير المغربي المندوب من الخارجية يوسف العمراني، إلى أن المغرب العربي ضرورة حتمية اقتصادية وسياسية وفرصة تاريخية يجب استغلالها في هذه الظروف الإقليمية والدولية حيث التكتلات العملاقة هي وحدها القادرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية والمالية التي تهدد الكيانات الصغيرة بالاندثار. واعتبر أن الاتحاد المغاربي يجب أن يقوم على أربعة حريات هي تنقل الأشخاص ورؤوس الأموال والسلع والبضائع، وربط الدول الخمس بشبكات الاتصال والتواصل، وتنسيق التشريعات والحوكمة في التدبير، وتقوية التضامن والاندماج بين الشعوب بإشراك مكونات المجتمع المدني. ومن المنتظر أن تستضيف تونس قمة مغاربية قبل نهاية العام الحالي، وشكل اجتماع الرباط خطوة كبيرة على درب التئام القمة التي لعب فيها الربيع العربي دوراً حاسماً في إقناع الجميع بأهمية الاندماج المغاربي.