هيمن الطابع الأمني في مواجهة تهديدات منطقة الساحل والصحراء على اجتماع وزراء الخارجية المغاربيين الذي استضافته الرباط أمس. ورأى وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي أن التحديات الأمنية تفرض نفسها، إضافة إلى الأبعاد الاقتصادية التي تهدف إلى تحقيق الدمج بين دول المنظومة المغاربية. وأبدى تفاؤله إزاء المسار الذي تسلكه العلاقات المغربية-الجزائرية من خلال تبادل زيارات المسؤولين في مختلف القطاعات، مشيراً إلى أن ملف الصحراء مطروح على الأممالمتحدة. لكن الوزير الجزائري انتقد تصريحات نُسبت إلى زعيم حزب «الاستقلال» المغربي حميد شباط دعا فيها إلى معاودة فتح ملف الحدود الشرقية بين البلدين الجارين. ورد مدلسي على ذلك بالقول إنه «إذا كانت الحدود مغلقة بين البلدين فإن الآذان ليست كذلك». في المقابل، شدد وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني في كلمته على احترام «سلامة الدول الأعضاء ووحدتها، احتراماً للمبادئ التأسيسية لاتحاد المغرب العربي». ودعا إلى «العمل المشترك لمواجهة ما قال إنه تهديدات مشتركة تستهدف المنطقة». وكان المغرب دعا إلى بلورة نظام مغاربي جديد يساعد في مواجهة التحديات الأمنية، في إشارة إلى الوضع في منطقة الساحل والصحراء. وشدد على ضرورة ترجمة الإرادة السياسية لقادة البلدان المغاربية وشعوبها إلى قرارات حاسمة وبرامج تعود بالنفع المباشر على المواطنين المغاربيين. وقال الوزير المنتدب في الخارجية المغربية يوسف العمراني إن الاجتماع يأتي في ظروف إقليمية «تتسم بتحولات سياسية عميقة تشهدها المنطقة المغاربية وبأوضاع أمنية غير مستقرة في منطقة الساحل والصحراء تهدد أمن واستقرار بلدان الاتحاد الخمس»، مشيراً إلى أن الركود الاقتصادي والأزمة المالية داخل الاتحاد الأوروبي يستدعيان بناء الاتحاد «لأنه أضحى ضرورة أمنية أيضاً». إلى ذلك، عبر الأمين العام لاتحاد المغرب العربي الحبيب بن يحيى عن أمله في أن تفضي أعمال المجلس الوزاري المغاربي إلى «توصيات وقرارات من شأنها المساهمة في دعم الاندماج المغاربي حتى يعم الأمن والاستقرار والرخاء بالمنطقة»، مشيراً إلى أن هذا الاجتماع «ينعقد في ظروف دقيقة تحتم تنسيق الجهود ورفع التحديات المختلفة لتحقيق التنمية المستدامة». وبدا من خلال الإصرار على إعداد أجواء ملائمة لعقد القمة المغاربية المرجأة منذ سنوات، أنه لم يحصل أي اتفاق على تحديد موعد القمة التي كانت تونس دعت إلى استضافتها نهاية العام الماضي، إلا أن صعوبات حالت دون ذلك، خصوصاً لاستمرار الخلافات السياسية بين المغرب والجزائر واستئثار الوضع الأمني في دول «الربيع العربي» بصدارة الاهتمام. ولاحظت المصادر أن إيلاء عناية أكبر للملف الأمني من طرف وزراء الخارجية المغاربيين بعد اجتماع وزراء الداخلية قبل بضعة أيام يعكس جوهر الانشغالات التي تؤرق عواصم بلدان الشمال الأفريقي، فيما برزت دعوة نظيراتها الأوروبية ضمن مجموعة «5+5» إلى بناء محاور جديد ووحيد ضمن الاتحاد المغاربي بدل انفراد كل دولة بعرض ملفاتها على الجانب الأوروبي.