ثمة شواهد تاريخية تثبت اخلاص اللبناني المسيحي خصوصاً والمسيحيين في العالم العربي عموماً للعروبة الحضارية وفضلهم على العربية والعروبة معاً. لذا، نستهجن بعض الاصوات التي ارتفعت في الحملات الانتخابية المحمومة ومنطقها الاعوج وتصريحاتها العقيمة السقيمة، مما يدل على ذهنية ملتوية، وعلى رجعية سخيفة، يستنكرها كل لبناني في عمق اعماقه وخصوصاً في صفوف نشئنا الصاعد فعلاً! وهو يعمل للتعاون والتضامن ويطمح الى وطن عزيز حرّ، تسوده الالفة والمحبة والتفاهم الروحي الوثيق. ومما يدعو الى الاسف الشديد، ان التصريحات تلك لم تُسئ الى المسيحيين في لبنان فحسب، بل اساءت الى كل عربي عاقل، يصبو الى نبذ الاحقاد، وتوحيد القلوب، وجرحت شعور مئات الالوف من المسيحيين النازحين الى مختلف اقطار المعمور، فكأن من اطلقها اراد ، بايعاز من عدوٍ اجنبي لدود يكره المسيحي قبل سواه - ان يثير فتنة بين فريقين مؤمنين يعبدان الله، ويجلاّن تعاليمه الالهية المقدّسة. والحق، ان ما اذاعه بعضهم، قد اغضب اخواناً بررة اوفياء، آثر بعض اسلافهم الهجرة الى وراء البحار، تخلّصاً من مظالم العهد العثماني ومآثمه، فاذا بهم يسمعون، انه لا يزال في هذا الوطن المتسم ابناؤه بالتوق العميق الى الحرية والاستقلال."رجالاً"، لعلهم من بقايا ذلك العهد البائد وما شابهه ، ينقرون على وتر التعصّب الممقوت، نغمة مملّة مزعجة، هي نغمة التفرقة والانقسام، ويحاولون، لمآرب موسمية انانية، ان يدخلوا في روع بعض السذّج من الناس، ان في لبنان فئتين من البشر، هما الذين آمنوا والذين كفروا، وان أبعد مسلم في اقاصي الهند واندونيسيا، اقرب الى المسلمين اللبنانيين من بعض كبار المسيحيين اللبنانيين الذين وضعوا أسس النهضة العربية وناضلوا في سبيل العربية والعروبة الحضاريتين في لبنان وتحت كل سماء، ولمّا يزالوا! وعندنا، ان من يكفر باخوّة الاديان السماوية، يُعَدُّ كافراً، وان مَن يبغض أمراً لدينه، يخالف كلام الله، ويجحد شرائعه ووصاياه. فاهل الكتاب كلهم مؤمنون، ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة. أولم يقل الفيلسوف المسيحي تيّارده شاردان:"كل ما يرتقي يلتقي"؟ فلنرتق اذاً لترتقي اهدافنا فنسير فعلاً في ركب الحضارة الانسانية. وكل استحقاق والمرتقون في خير، بعيداً عن المحادل التي تحدل الشرفاء العقلاء الى حد انها تكاد تهلكهم حتى في اطار"احزاب"تجلّت، في العمق وفي احسن احوالها، كفيديرالية طوائف موقتة. لبنان - الدكتور جهاد نعمان