سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
روسيا ترسل "بروغرس" إلى محطة الفضاء الدولية ... وحطام المكوك الأميركي معروض للبيع على الانترنت . إصابة السائل الرغوي ألواح الدرع الحراري عند الإقلاع ترجح نظرية أن مصير "كولومبيا" كان حتمياً منذ إطلاقه
في انجاز لافت في توقيته، اطلقت روسيا بنجاح مركبة الفضاء "بروغرس"، حاملة وقوداً وطعاماً الى محطة الفضاء الدولية، بعد يوم واحد من انفجار المكوك الاميركي "كولومبيا". واتجهت كل الانظار الى وكالة "ناسا" للتعرف على ما لديها من معطيات ووقائع عن الانفجار الذي وقع في ربع الساعة الاخير من عودة المكوك الى الارض. وأدلى عدد من الاختصاصيين بنظريات اولية في هذا الشأن، برز بينها رأي ربط اصابة بعض الواح في الدرع الحراري الواقي اثناء الاقلاع وتفكك المكوك اثناء دخوله الغلاف الجوي للارض. وتواصلت عمليات البحث الدؤوبة عن الحطام الذي تناثر في دائرة زاد محيطها على 350 كيلومتراً. وعثر على اشلاء بشرية محترقة في قطع من الحطام متفاوتة الحجم التقطت في منطقتي "سابين" و"هيمفيل" في تكساس. وترك الانفجار "سحابة بقايا" في الاجواء القريبة، ما شكل خطراً على الطائرات المدنية نبهت اليه دوائر الملاحة الجوية. وفي البحث عن تفسير، تصاعد الاهتمام بحطام المكوك التي ربما حملت جواباً عن هذه المأساة. وهيمنت صورة اصابة الجانب الايسر من المكوك بقطع من السائل الرغوي، الذي يستخدم في عملية العزل الحراري لمكوك الفضاء "كولومبيا"، اثناء مرحلة الاقلاع في 16 كانون الثاني يناير الماضي، على النقاش عن اسباب انفجار المكوك. وراجت نظرية مفادها ان الارتطام ربما اصاب مجسات حرارية وقطعاً من الدرع الحراري للمركبة. والمعلوم ان الدرع الحراري هو الذي يحمي مركبة الفضاء من الاحتراق لدى العودة الى الارض، عندما يؤدي الاحتكاك مع الغلاف الجوي للارض الى ارتفاع مذهل في درجة الحرارة، وصلت الى 1650 درجة في حال المكوك "كولومبيا". وزاد في الامر، ان تسجيلات اللحظات الاخيرة تحدثت عن حدوث هبوط في ضغط الدولاب الايسر، ما رآه البعض اشارة الى وصول الحرارة الى درجة غير مقبولة في تلك الجهة. ورأى ميلت هيلفين، المدير الاول للطيران في "ناسا"، ان الحوار يدل على ان الطاقم كان يعرف بحدوث خلل ما في المكوك. وحذر رون ديتمور، مدير برنامج المركبات الفضائية في الوكالة، من القفز الى النتائج بسرعة، ورأى ان من المبكر الربط بين ارتطام السائل الرغوي بجسم سفينة الفضاء اثناء الاقلاع، وبين احتراقها في العودة. وفي نقاش مثير، اعلن مسؤول في "ناسا" انه حتى لو كان تقدير محطة المراقبة الارضية ان الحادث اثر في المكوك، فإنه لم يكن في استطاعة الطاقم اصلاحه اثناء الرحلة! لجنتا تحقيق لحل اللغز ولملاقاة كل هذه الاحتمالات، اعلن شون اوكييف، مدير "ناسا"، تشكيل لجنتي تحقيق منفصلتين في الحادثة، يتولى البيت الابيض و"ناسا" الاشراف على احداهما، وسلاحا الطيران والاسطول على الثانية، مع وكالات اتحادية اخرى. اذ ان خمسة من الرواد السبعة جاؤوا من هذين السلاحين. وأعلن الرئيس بوش حال الطوارئ في ولايتي تكساس ولويزيانا، وهو ما يتيح الافراج عن اموال اتحادية لعمليات البحث عن حطام المكوك وجمعها، وكذلك يفوض "الوكالة الاتحادية لادارة الطوارئ" تقديم مساعدات عاجلة الى السلطات المحلية. واستخدم سلطاته في اعطاء لجنة تحقيق شكلتها الوكالة سلطات استثنائية في انفاق اي كمية من الاموال للتوصل الى اجابة عن اسئلة مقلقة من نوع كيف انفجر المكوك كولومبيا ولماذا؟ وهل كان يمكن تجنب هذه الكارثة في الاصل، وما هي سبل تجنب مثيلاتها في المستقبل. وأعلنت وكالة "ناسا" ان الحطام تناثر في دائرة بمحيط 350 كيلومتراً. وحذر الحاكم العام لولاية تكساس من المساس بالحطام الفضائي تحت طائلة السجن لمدة عشر سنوات. ولم يمنع ذلك بعض المغامرين من البدء في محاولة الحصول على الاموال من هذه الكارثة. ونشر موقع "اي باي"، وهو اشهر موقع للمزادات على الانترنت، اعلانات متعددة عرض اصحابها بيع قطع ادعوا انها تعود الى المكوك. وفيما أكد الرئيس جورج بوش ان برامج اكتشاف الفضاء ستستمر، استخدم سلطاته الاستثنائية ليعطي صلاحية مطلقة الى لجنة تحقيق خاصة عن انفجار "كولومبيا". وأدى اعلان "وكالة الفضاء والطيران الاميركية" ناسا عن توقف كل رحلات الفضاء المقررة، بدءاً من اطلاق المكوك "ديسكوفري" في آذار مارس المقبل، الى اعلان كل من كندا واليابان عن توقف في برامجها الفضائية. والمعلوم ان برامج الفضاء في كلا البلدين تعتمد على برنامج الفضاء الاميركي. ولم يضمّن الرئيس الصيني جيانغ زيمين تعزيته الى الرئيس بوش أي اشارة الى عزم بلاده على تجميد برامجها الفضائية. والمعلوم ان الصين اعلنت، في وقت سابق من العام الحالي، نيتها اطلاق اول مركبة صينية تحمل رواد فضاء الى مدار حول الارض، لتصبح الثالثة في العالم بعد روسيا والولايات المتحدة. واعتبر المراقبون الامر اشارة الى نية الصين مواصلة جهودها في مجال الفضاء. ولم يحل الحدث المأسوي دون اطلاق روسيا المركبة الفضائية "بروغرس"، من قاعدة "بايكونور" في كازاخستان، متوجهاً نحو "محطة الفضاء الدولية". وعلى رغم نجاح اطلاق "بروغرس"، اعلنت روسيا وقف رحلة اخرى كان من المقرر ان تنطلق في نيسان ابريل المقبل. وصرح سيرغي غوربونوف، الناطق باسم الوكالة الروسية للفضاء، ان روسيا ربما تريثت في شأن هذه الرحلة التي تهدف الى الاستمرار في بناء محطة الفضاء. وربما انتظرت نتائج التحقيق الاميركي في شأن المكوك "كولومبيا".