جدد الرئيس جورج بوش امس موقفه المتشدد من الرئيس ياسر عرفات والسلطة الفلسطينية، فيما ظهر تباعد بين المواقف الاميركية والاسرائيلية من جهة، ومواقف بعض الدول الاوروبية. واعلن البيت الابيض امس ان بوش اعرب عن "خيبة امله" من عرفات، معتبراً انه "لا يبذل جهوداً كافية لمكافحة الارهاب"، وذلك خلال اتصال أجراه امس بالرئيس المصري حسني مبارك. واوضح الناطق باسم البيت الابيض ان الرئيسين اشارا الى "اهمية احلال السلام والاستقرار في الشرق الاوسط". واكدا تعهدهما لهذا الهدف وعزمهما على مواصلة التشاور بينهما بهذا الشأن. في غضون ذلك، اعلن وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي ان الاتحاد يحتفظ بحقّه في طلب تعويضات عن الاضرار التي تسبّبت فيها اسرائيل وطاولت بنى تحتية فلسطينية أُقيمت بتمويل اوروبي. وقالت مصادر مطّلعة في واشنطن ان اسرائيل طرحت على مصر عدداً من الافكار من اجل الخروج من الازمة مع السلطة الفلسطينية، وذلك اثناء زيارة داني ايالون مستشار رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون للقاهرة اول من امس. واضافت المصادر ان هدف مهمة المبعوث الاسرائيلي الذي اجرى محادثات مع الدكتور اسامة الباز المستشار السياسي للرئيس المصري كان طمأنة مصر الى ان الدولة العبرية لا تستهدفها وتريد ان تنسّق معها. واشارت المصادر الى ان ايالون عرض بعض الاجراءات التي تستعد اسرائيل لاتخاذها لتخفيف القيود على الفلسطينيين. ويتوقع ان يجري الباز محادثات في البيت الابيض هذا الاسبوع تتناول الموقف الاميركي من عرفات. وبدا التناقض على أشدّه بين مواقف واشنطن وباريس، اذ قال مصدر ديبلوماسي فرنسي ل"الحياة" امس ان "السياسة الاميركية ازاء السلطة الفلسطينية ورئيسها والشعب الفلسطيني تشكّل نهجاً خاطئاً وخطيراً يؤدي الى خلاف بين فرنساوالولاياتالمتحدة" راجع ص 3 و4. واضاف ان الادارة الاميركية بعد 11 ايلول سبتمبر تقول انه بات من الضروري التوجّه الى تسوية قضية الشرق الاوسط، لكنها عدلت لاحقاً عن هذا الموقف واعتمدت خطاباً باتجاه واحد. وزاد ان الخطاب الاميركي بات "يتطابق كلياً مع الخطاب الاسرائيلي الذي يبدو كأنه لا يتحمّل اي مسؤولية وكأن شارون بريء مما يحدث في الاراضي الفلسطينية، على رغم استخدامه المفرط للقوة". وعبّر المصدر عن اقتناعه بأن هذا "النهج الاميركي الخطير ينبثق من ادراك مفاده ان الولاياتالمتحدة لا تحتاج من الآن فصاعداً الى تحالف دولي لمواجهة الارهاب، ولا الى تأييد الدول العربية والاسلامية". واضاف ان "الذلّ اليومي مفروض على الفلسطينيين من الجانب الاسرائيلي، وحتى لو اختفى عرفات هناك شعب فلسطيني سيظل يتعرّض لذلّ". وتابع: "لو اعتبرنا ان السلطة ورئيسها اختفيا فإن العمليات العسكرية ستتكثّف لأن الشباب الفلسطيني يعاني من ذلّ يومي يدفعه الى اليأس، والطالبة الفلسطينية الانتحارية دليل على ذلك". واشار الى ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول كان ألقى خطاباً جيداً جداً في لويزفيل تكلّم فيه على الدولة الفلسطينية وحقوق اللاجئين والقدس "لكن هذا الخطاب اصبح الآن في خبر كان". في لندن قالت مصادر ديبلوماسية غربية ان الخارجية الاميركية أبلغتها ان ادارة بوش لا تنوي تقليص علاقاتها بالسلطة الفلسطينية، واوضحت انها ستواصل اعتبار عرفات الزعيم الفلسطيني المسؤول والقائد الشرعي للشعب الفلسطيني. واشارت المصادر الى اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي في بروكسيل امس، وتوقعت تمسّكهم باعتبار قيادة عرفات "القيادة الوحيدة الممثلة للشعب الفلسطيني". وجدّدت السعودية امس استنكارها "الاعمال الوحشية التي تُمارسها سلطات الاحتلال الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني". جاء ذلك خلال الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء السعودي التي عقدت في الرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز الذي اطلع المجلس في مستهلّها على نتائج المحادثات التي اجراها مع الملك عبدالله الثاني في العاصمة السعودية اول من امس. وأكد وزير الخارجية الاردني الدكتور مروان معشر ان "لا بديل من التعامل مع السلطة الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات، الرئيس المُنتَخب للشعب الفلسطيني". وحذّر في تصريح الى "الحياة" من ان وقف التعامل مع السلطة وتعليق المفاوضات "سيترتّب عليه فراغ امني وسياسي كبير يضع المنطقة في حال من عدم الاستقرار، لا يمكن التكهّن بنتائجها". واضاف الوزير الذي سيرافق الملك عبدالله في زيارته الرسمية لواشنطن للقاء الرئيس بوش، ان الملك "يحمل معه رسالة عربية الى الادارة الاميركية". الى ذلك ا ف ب اعربت وزيرة الخارجية السويدية انا ليند عن قلقها لاحتمال قطع الولاياتالمتحدة علاقاتها مع السلطة الفلسطينية ووصفت المواقف الاميركية التي تربط عرفات بالارهابيين بانها "حمقاء".