عشية اجتماع مجلس الأمن المقرر بعد غد الاثنين، لمناقشة الوضع في المنطقة في ظل استمرار تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، أعلن مستشار الرئيس المصري اسامة الباز في واشنطن امس انه تلقى تأكيدات من ادارة الرئيس جورج بوش بلعب دور أكثر فاعلية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. وشدد وزير الخارجية الاميركي كولن باول بعد محادثاته مع الباز على توافق بين الجانبين لبذل كل جهد ممكن من اجل تسهيل تطبيق توصيات ميتشل. وفيما اكد المسؤول المصري انه طرح في واشنطن افكاراً قد يتمكن من اعلان تفاصيلها خلال يومين، قالت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" ان هذه الافكار لا تستبعد نشر قوة متعددة الجنسية لمراقبة تطبيق توصيات ميتشل. وكشفت ان الباز سعى الى معرفة موقف ادارة بوش من مستقبل السلطة الفلسطينية، والرئيس ياسر عرفات تحديداً، في ضوء محاولات رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون تدمير كل مقومات هذه السلطة. وكان رئيس الوفد الفلسطيني لدى الاممالمتحدة ناصر القدوة وزع مشروع قرار يدعو الى "آلية مراقبة"، من دون توضيح طبيعتها، ويطالب اسرائيل ب"العودة الى المواقع والترتيبات التي كانت قائمة" قبل اندلاع الانتفاضة في ايلول سبتمبر الماضي. كما يطالب الدولة العبرية بإعادة "بيت الشرق" الى الفلسطينيين، واستئناف المفاوضات معهم استناداً الى "الاتفاقات السابقة". وفيما استمرت امس المواجهات بين الجنود الاسرائيليين وبين الفلسطينيين، وابقيت حال التأهب القصوى في الدولة العبرية، كان اللافت نشر نتائج استطلاع اجرته صحيفة "معاريف"، كشف للمرة الأولى تراجعاً كبيراً في شعبية شارون لدى الاسرائيليين 49 في المئة مقابل 59 في المئة الشهر الماضي. وأعلن عن احباط عملية تفجير واسعة في حيفا واعتقال ناشطين من "الجهاد الاسلامي"، فيما نقلت صحيفة "هآرتس" عن وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز انه سيطرح على الفلسطينيين مبادرة جديدة لوقف النار راجع ص4. الباز - باول واختتمت الديبلوماسية المصرية أمس حملتها في واشنطن لحض إدارة بوش على التدخل في شكل فاعل من أجل وضع حد لما يحصل بين إسرائيل والفلسطينيين، وتفادي انفجار أوسع في المنطقة لن تسلم منه المصالح الأميركية. وتوجت الحملة الديبلوماسية المصرية التي قادها الباز بلقاء مع الوزير باول ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس. كما أجرى الباز محادثات مع مسؤولين في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية الأميركية وعدد من المسؤولين في مؤسسات أخرى بينها وكالة الاستخبارات المركزية سي. آي. اي. وقالت ل"الحياة" مصادر ديبلوماسية وأميركية رسمية إن لقاءات الباز جاءت نتيجة اتفاق بين الرئيسين جورج بوش وحسني مبارك على ضرورة متابعة المشاورات على أعلى المستويات. وأشارت إلى الجهود المصرية خصوصاً تلك البعيدة عن الأضواء من أجل المساعدة في وقف التدهور، ومنها الدور الايجابي الذي لعبته مصر في الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر التمييز العنصري المقرر عقده نهاية الشهر في جنوب افريقيا. وأضافت ان مصر ساعدت الديبلوماسية الأميركية إضافة إلى عدد قليل من الدول العربية في ازالة بند من مسودة البيان الختامي للمؤتمر يساوي بين الصهيونية والعنصرية. لكن الولاياتالمتحدة وإسرائيل فشلتا في التوصل إلى تفاهم حول عدم التطرق إلى الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، ما جعل قرار مشاركة باول في المؤتمر مسألة غير محسومة بعد. وأوضحت المصادر أن الباز قدم عرضاً لواقع المنطقة يوحي بأنه إذا لم تتدخل الولاياتالمتحدة لوقف التدهور، ستكون مصالحها في خطر، مركزاً على تصاعد احتمالات "الارهاب" وتزايد نفوذ المتشددين. وقال مستشار الرئيس المصري في تصريحات صحافية إن "الحجة القائلة بترك الأمور للطرفين فشلت، بل أدت إلى كارثة"، وذلك في انتقاد مباشر لسياسة الإدارة الأميركية. وذكرت مصادر ديبلوماسية أن محادثات الباز شملت أموراً منها وضع السلطة الفلسطينية، مشيرة إلى أنه حاول معرفة موقف الولاياتالمتحدة من مستقبل السلطة، وتحديداً الرئيس ياسر عرفات، في ضوء محاولات شارون تدمير كل مقوماتها. وتابعت المصادر ان الباز سعى إلى معرفة سقف التحرك الأميركي وحدود الضغط الأميركي على شارون. وذكرت أن العرض المسهب الذي قدمه إلى إدارة بوش تناول أفكاراً تشمل قوة مراقبين أميركيين، وإذا رغبت الولاياتالمتحدة في تحولها إلى قوة متعددة الجنسية، عليها اقناع إسرائيل بذلك. ولفتت إلى أن مبادرة أميركية لا تتطلب مواقف جديدة بل احياء مواقف سابقة لواشنطن، منها عدم السماح للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بانتهاك المعاهدات التي وقعت بضمان أميركي، وتجديد ثوابت الولاياتالمتحدة القائمة على تطبيق قرارات مجلس الأمن.