كشفت مصادر سياسية اسرائيلية ان وزير الدفاع بنيامين بن اليعازر يحاول في محادثاته مع الرئيس المصري حسني مبارك اقناعه بان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات هو العقبة الرئيسية في طريق السلام. وقال مصدر سياسي اسرائيلي بارز ان لقاء بن اليعازر مع مبارك في الاسكندرية سيأتي: في اطار المحاولات الاسرائيلية لاقناع المجتمع الدولي وخاصة العالم العربي بانه يتعين على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ترك الساحة السياسية حتى يمكن احراز تقدم نحو السلام. ولم يفصح مكتب الوزير الاسرائيلي عن جدول اعمال الزيارة. وتؤيد واشنطن ما تقوله اسرائيل عن مسؤولية عرفات عن الهجمات الفلسطينية ومطالبتها بتنحيته من السلطة حتى يمكن استئناف محادثات السلام التي ستتضمن مناقشة قيام دولة فلسطينية.لكن مبارك اعلن ان عرفات /73 سنة/ الذي يعد رمزا لتطلع الفلسطينيين لاقامة دولة لهم منذ الستينات هو الوحيد بين الفلسطينيين الذي يتوفر له الثقل اللازم لتحقيق السلام مع اسرائيل. ومن المنتظر ان تمس المحادثات زاوية حساسة على صعيد السياسة الداخلية في اسرائيل . ويقول محللون ان بن اليعازر عندما يحل ضيفا على مبارك في الاسكندرية سيلعب دورا في محاولات القاهرة الالتفاف على رئيس الوزراء الاسرائيلي اليميني ارييل شارون. وقال مسؤول مصري: نعتقد ان بن اليعازر رغم تشدده مثل كثيرين في الحكومة الاسرائيلية حاليا الا انه على الاقل يمثل موقفا مختلفا. ولا يخفي بن اليعازر زعيم حزب العمل المنتمي الى يسار الوسط والشريك الرئيسي في حكومة شارون الائتلافية طموحه لتولي رئاسة الحكومة. ورغم اعتقاد كثيرين في حزب العمل بان عرفات يساند الهجمات وهو ما ينفيه الرئيس الفلسطيني وفي ضرورة تنحيته عن السلطة الا انهم يشعرون ان اسلوب شارون في مواجهة العنف الفلسطيني بالقوة العسكرية الساحقة لا يفيد الجهود الدبلوماسية. وكثيرا ما ذكر مبارك ان التوصل الى السلام بين اسرائيل والفلسطينيين لا يبدو محتملا مع وجود شارون وحزب الليكود الذي يتزعمه في السلطة.ومصر لاعب رئيسي في الدبلوماسية في الشرق الاوسط لكونها اول دولة عربية تبرم اتفاقية سلام مع اسرائيل. ورغم ان حكومة ليكود التي كان يرأسها رئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل مناحيم بيجين هي التي وقعت اتفاقية السلام فغالبا ما كانت مصر تفضل التعامل مع حزب العمل. وابدى حزب بن اليعازر عدم ارتياحه لاسلوب شارون العنيف في مواجهة للانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي التي بدأت قبل 21 شهرا.وقتل 1444 فلسطينيا على الاقل و549 اسرائيليا في اعمال العنف التي واكبت الانتفاضة. وقال مصدر بارز في مكتب شارون: المصريون يختارون من يستقبلونه. يبدو انهم يحاولون دق اسفين داخل الائتلاف بالاتجاه نحو اليسار للالتفاف على رئيس الوزراء. وقال عماد جاد المحلل في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة انه يشعر ان الدبلوماسية المصرية تعتقد ان الوقت حان لتبادل الاراء والتوصل الى تفاهم مع حزب العمل. وقال ان المحادثات مع بن اليعازر ضرورية. واضاف قائلا: نعتقد ان المنطقة باسرها ستتجه نحو الفوضى اذا لم نفعل شيئا. وكانت اخر مرة التقى فيها مبارك واليعازر في يناير الماضي في وقت كان فيه النضال الفلسطيني من اجل استقلال الضفة الغربية وقطاع غزة على اشده وفي اعقاب تخفيض مصر مستوى علاقاتها مع اسرائيل احتجاجا على اجراءاتها العسكرية العنيفة في مواجهة الانتفاضة. وكان مبارك وقتها ولا يزال يؤكد على ضرورة ان تكون اسرائيل البادئة في التحرك نحو السلام حتى يحذو الفلسطينيون حذوها. وقال وزير الخارجية المصري احمد ماهر ان بلاده تهدف الى وضع حد لتدهور الموقف وتحقيق الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي الفلسطينية المحتلة ومساندة التطورات السياسية نحو اقامة الدولة الفلسطينية. ويؤكد مبارك مساندته لعرفات والسلطة الفلسطينية. وقال الرئيس المصري في حديث صحفي الاسبوع الماضي انه لا يوجد سوى عرفات من يستطيع اقامة حوار مع اسرائيل والتفاوض معها وان اصرار اسرائيل على الاطاحة به سيؤدي الى الفوضى في الاراضي الفلسطينية والى مزيد من العنف. جاء حديث مبارك في اعقاب الكلمة التي القاها الرئيس الامريكي جورج بوش وطرح فيها تصوره بشأن الشرق الاوسط وقال فيها ان تغيير القيادة الفلسطينية ووقف الهجمات على المدنيين الاسرائيليين شرطين لقيام الدولة الفلسطينية. وفي القاهرة قال رئيس الكنيست الاسرائيلي ابراهام بورج ان مساعي جديدة تبذلها مصر للتوصل الى حل لصراع الشرق الاوسط قد تفضي الى استئناف مفاوضات السلام.وبعد اجتماعه في القاهرة مع اسامة الباز المستشار السياسي للرئيس المصري حسني مبارك قال بورج ان تدخل مبارك قد يساعد على عقد جولة جديدة من محادثات السلام. وقال بورج للصحفيين: بمشاركة الرئيس مبارك ورجاله نعتقد ان لدينا فرصة لرؤية افق جديد ومستقبل جديد لاستئناف محادثات السلام والحد من العداء والحقد والعنف. وقبل محادثات اخرى مقررة مع رئيس مجلس الشعب المصري احمد فتحي سرور قال بورج: لم آت الى هنا للتفاوض نيابة عن حكومتي. جئت الى هنا لاعبر عن صوت الشعب. وستكون زيارة بن اليعازر ثالث زيارة يقوم بها مسؤول اسرائيلي الى مصر في اقل من اسبوع. ومن قبل بورج وبن اليعازر جاء وزير النقل الاسرائيلي افرايم سنيه الى مصر ايضا لاجراء محادثات مع الباز.ولمصر التي كانت اول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع اسرائيل عام 1979 دور مهم في الوساطة بين اسرائيل والفلسطينيين. وقال بورج: حقيقة ان مصر تلعب من جديد دورا هو رسالة مشجعة جدا موجهة للمنطقة عموما وللمجتمع الاسرائيلي خصوصا. وقال مصدر سياسي اسرائيلي بارز ان زيارة بن اليعازر لمصر تأتي في اطار محاولة اسرائيل اقناع المجتمع الدولي وخاصة الدول العربية بحتمية تنحي الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.