اتهم العراق أمس واشنطنولندن بتعمد عرقلة عقود تتعلق بقطاع الاتصالات للحصول على قطع غيار وتجهيزات لاستبدال عدد من البدالات التي دمرت خلال حرب الخليج عام 1991، وذكرت وزارة الصحة العراقية ان نحو ثمانية آلاف شخص من بينهم خمسة آلاف و410 أطفال توفوا في شهر حزيران يونيو بسبب الحظر الدولي المفروض على البلاد منذ العام 1990. بغداد، لندن - أ ف ب، رويترز - نقلت وكالة الانباء العراقية الرسمية عن وزير النقل والمواصلات العراقي احمد مرتضى احمد قوله ان "مندوبي اميركا وبريطانيا في لجنة المقاطعة 661 لجنة العقوبات في الاممالمتحدة يتحملان مسؤولية عرقلة المصادقة على تعاقدات العراق في مجال الاتصالات تحت حجج وذرائع واهية". وأضاف ان المندوبين الاميركي والبريطاني في لجنة العقوبات رفضا عقودا عراقية لقطاع الاتصالات بناء على "شكوك افتراضية في امكانية الاستخدام المزدوج العسكري والمدني للاتصالات فضلا عن التعلل باجراء تقييم فني لاستخدام هذه المعدات التي تعاقد عليها العراق". وتابع ان "العقود الموقعة هي بمبالغ ضئيلة جدا ولا تتناسب مع احتياجات المواطنين". وأشار الى ان "الأممالمتحدة أرسلت لجانا فنية عدة للعراق بهدف تقييم واقع حال قطاع الاتصالات وكان آخرها قد زار العراق في آب اغسطس الماضي وأقر حاجة العراق الى شبكة جديدة من الاتصالات نظرا لتعرض هذا القطاع الى دمار كبير خلال حرب الخليج". وكانت الاممالمتحدة قد خصصت مبلغ 92 مليون دولار لتغطية احتياجات قطاع النقل والمواصلات. ويقول العراق ان هذا المبلغ يمثل 2 في المئة من احتياجاته الفعلية. يذكر ان وزارة النقل والمواصلات كانت قد وقعت مع شركة "الكاتيل" الفرنسية في كانون الاول ديسمبر من العام الماضي عقدا بقيمة 60 مليون دولار لتزويد العراق ب7 بدالات حديثة بطاقة 140 الف رقم هاتفي وبدالة دولية لتأمين الاتصالات بين العراق والعالم بطاقة 1300 خط هاتفي ومنظومة لتأمين الاتصالات الهاتفية وبين بغداد ومحافظات العراقالجنوبية والوسطى فضلا عن محطات تستخدم لربط بدالات العاصمة بغداد مع بعضها. كما وقعت الوزارة عقداً آخر في شهر نيسان ابريل الماضي بمبلغ 38 مليون دولار مع شركة "هوا وي" الصينية لتزويد العراق ببدالة للهواتف النقالة، فضلا عن عقد اخر مع شركات ماليزية بقيمة 4 ملايين دولار. وتندرج هذه العقود في اطار اتفاق "النفط مقابل الغذاء" الذي يسمح بموجبه للعراق ببيع نفط بقيمة 2،5 بليون دولار كل ستة اشهر لشراء مواد غذائية وادوية وتجهيزات مدنية اخرى. وفي لندن أعلن هانز فون سبونيك منسق الشؤون الانسانية للأمم المتحدة "لديّ انطباع بأن هناك جهوداً صادقة على المستوى السياسي في لندن للتوصل الى طريقة لتخفيف المعاناة الناجمة عن العقوبات". وأدلى فون سبونيك بهذه التصريحات بعد ان قدم تقريرا للجنة برلمانية عن المعاناة التي يتحملها شعب العراق0 وقال انه على الرغم من العائدات الكبيرة التي يدرها برنامج النفط مقابل الغذاء الذي ابرمته الاممالمتحدة مع بغداد الا ان العراق لا يزال يعيش "مأساة انسانية". وأضاف "أؤكد ما يعرفه المسؤولون البريطانيون بالفعل... الموقف الانساني ببساطة يزداد خطورة". ويقول فون سبونيك انه الى حين الخروج من هذا المأزق سيدفع العراقيون الثمن. ويقول العراق ان العقوبات تسببت في مقتل مليون مواطن، وان الواردات التي سمح بها برنامج "النفط مقابل الغذاء" كان تأثيرها محدوداً، فيما يقول موظفو المساعدات الانسانية انه ليس بوسعهم التأكد من صحة الارقام العراقية، لكن الصورة قاتمة بكل المقاييس. وصرح سبونيك بان الاممالمتحدة ستنشر الاسبوع المقبل تقريراً تفصيليا عن معدلات وفيات الاطفال في العراق يظهر "زيادة في ارتفاع معدلات الوفاة بين الاطفال تحت سن الخامسة". وأضاف "كل يوم يمر يزداد النقص والحرمان" ليحرم جيل جديد من العراقيين من التعليم وتتضرر الطبقات الوسطى بسبب "الهجرة والحرمان او نتيجة فقط للفقر الثقافي". ويقول فون سبونيك ان مسؤولي الاممالمتحدة في بغداد يعملون على الفصل بين السياسة وبين الامدادات الانسانية للعراق من خلال برنامج مراقبة واضح. وصرح فون سبونيك بأن عمليات المراقبة التي تقوم بها المنظمة الدولية كشفت عن "صورة غير مرضية الى حد ما" بشأن عمليات التوزيع في العراق لكن محاولات بعض الديبلوماسيين الغربيين لالقاء اللوم على بغداد وحدها غير عادلة. وقال فون سبونيك "ليس لدينا ادلة على ان الحكومة تمنع توزيع الدواء عمداً". وذكر ان عمليات المراقبة يجب ان تستهدف القضاء على البيروقراطية التي تؤخر عمليات شراء وتسليم السلع. وسئل منسق الاممالمتحدة عما اذا كان العراق، الذي يطالب برفع كامل للعقوبات سيقبل المقترحات البريطانية الهولندية في حالة موافقة مجلس الامن عليها، فقال ان بغداد ستنتهج خطا متشددا في العلن. واستطرد قائلاً "هذا موقفهم في الوقت الراهن0 لكن اذا اتخذ المجتمع الخارجي موقفا واضحا فقد تقودهم النزعة العملية لقبول ما هو غير مقبول في المرحلة الحالية". الى ذلك نقلت وكالة الانباء العراقية عن بيان للوزارة ان "7 آلاف و931 عراقيا من بينهم 5 آلاف و410 أطفال دون الخامسة من العمر توفوا خلال شهر حزيران الماضي لاصابتهم بأمراض الاسهال وذات الرئة والجهاز التنفسي وسوء التغذية فضلا عن وفاة الفين و521 شخصا من كبار السن نتيجة لاصابتهم بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وداء السكر والاورام الخبيثة". وكانت الوزارة العراقية اكدت في حزيران الماضي ان اكثر من مليون عراقي توفوا منذ فرض الحظر في 1990 اثر اجتياح قوات بغدادالكويت. وكان صندوق الاممالمتحدة للطفولة يونيسيف أعلن العام 1997 ان اكثر من ربع الاطفال العراقيين دون الخامسة، يعانون من سوء التغذية بشكل مزمن الامر الذي قد يؤثر على نموهم الجسدي والعقلي على المدى البعيد. على صعيد آخر، انتقدت الصحف العراقية أمس صمت مجلس الأمن الدولي ازاء الغارات الاميركية على جنوبالعراق الأحد الماضي التي راح ضحيتها 17 قتيلاً وأكثر من 18 جريحاً. وتساءلت صحيفة "بابل" التي يديرها عدي صدام حسين النجل الأكبر للرئيس العراقي "ماذا تقول هيئة الأممالمتحدة نفسها عن هذا العدوان؟ ولماذا لم تدل المؤسسة الدولية الكبيرة بدلوها حتى الآن بهذا الشأن الخطير وهي الجهة المعنية بالأمر قبل غيرها".