بدأت التحضيرات تتسارع على قدم وساق لإقامة حفلات التخرج للطلبة، قبل أسابيع من موعد الاختبارات النهائية. ولا تبدو هذه الاختبارات حاسمة في إقامة الحفلة من عدمها، ففي السابق كان يكفي الأم أن تنظر إلى شهادة ابنتها حتى يتبين لها النجاح والرسوب من خلال وجود الدوائر الحمراء. وهنا تعتبر اللحظة الحاسمة، لتقوم الأم بحساب عدد الدوائر الحمراء، وتعلم كم عدد المواد التي رسبت فيها ابنتها، وكانت العقوبات مشددة، فلا هدايا قبل وصول الشهادة، التي كانت تتميز بسماكتها، وكثافة المعلومات وتفصيلها لكل مادة. أما اليوم فلم يعد للدوائر الحمراء وجود في الشهادة، إلا أنها عادت إلى الظهور في أماكن أخرى، خارج إطار المدرسة، دوائر حمراء كسرت العادة وشكلت عبئاً، من خلال الاحتفال بنجاح لم يؤكد بعد، حفلة هي أقرب لحفلات الزفاف، سمتها الأبرز البذخ، ويستغرق الإعداد لها مدة لا تقل عن شهر، تشاركهن المعلمات في الحضور والإعداد، وبحضور الأمهات تنهال التبريكات، وتوزع الهدايا، وقبلها دموع الفرح في احتفال لم يحسم أمره بعد، وبات لبس التخرج المتعارف عليه قديماً من الماضي، وحلت محله ملابس السهرة. وكان مسمى التخرج حكراً على المرحلة الثانوية، إلا أنه يشمل اليوم كل المراحل، بما فيها رياض الأطفال، التي لا يقل البذخ والترف في حفلات التخرج منها عن المرحلة الثانوية، مروراً بالابتدائية والمتوسطة، فأصبح التباهي بمكان إقامة الحفلة وفعالياتها محطة جذب، وتستعد لها الأسرة على غرار الاستعداد لحفلة زفاف، فكل أسرة دفعت في مقابل إقامة الحفلة، ليجتمع مبلغ قد يصل إلى 100 ألف ريال، بعد استئجار القاعة، والمطربة وربما «دي جي»، إضافة إلى الهدايا والبوفيه. ويكلف احتفال تخرج من مرحلة رياض الأطفال 300 ريال، ومن المقرر أن يقام في صالة أفراح كبرى، وفي الفترة المسائية، ليتمكن الجميع من الحضور، هذا مع البروفات المسبقة للديكور وتوزيع بطاقات الدعوى، ويتم تحديد عدد معين من الأهل والأصدقاء للحضور والمشاركة، مع التشديد على سرعة الدفع، لتتمكن الأم وطفلها من الحضور، وأيضاً لاستكمال الترتيبات الأخرى. ولم يغفل الإعداد لحفلة التخرج - بحسب طالبات - أدق التفاصيل التي تشاركهن في الإعداد لها معلمات وإدارة مدارسهن، بداية من استئجار القاعة، التي تتولى أمرها إحدى الطالبات، ليكون الحجز باسمها أو اسم والدها، بعيداً عن ذكر المدرسة، إلى ديكور المدخل والقاعة كاملة، والممر والمسرح، والتوزيعات على طاولات الحضور، وطاولة الهدايا، وكيكة التخرج، والأغاني التي سيتم تشغيلها من «الدي جي» أو الفرقة، واللبس الذي قد يكون مختلفاً أو بلون واحد، وربما يترك لكل طالبة حرية الخيار، وقد يلجأ البعض إلى التفاهم مع صالون تجميل للحضور إلى الصالة قبل بداية الحفلة، لتتمكن الطالبات من وضع المكياج، وترتيب الشعر. ويقع أولياء الأمور في حيرة من أمرهم بين أجواء الفرح التي تحتاجها الطالبة، وبين العبء المالي، فهناك أسر لا تتمكن من دفع المبلغ لطالبة واحدة، فكيف بأسرة لديها خريجون من المراحل التعليمية كافة، والمشاركة واجبة، فكيف تقصر الأسرة في هذا الواجب المستحدث، ويخرج أبناؤها قاصرين عن غيرهم، ليخضعوا للسؤال عن سداد مبلغ الاشتراك بشكل يومي، ويقعوا في حرج أمام زملائهم. وتقيم بعض المدارس ورياض الأطفال حفلات التخرج بمبالغ رمزية، وداخل أسوارها، وفق نظام وشروط معينة برسمية تامة، بعيداً عن الهرج والمرج. بدوره، أكد المتحدث باسم الإدارة العامة للتعليم في المنطقة الشرقية سعيد الباحص، أن إدارته أكدت على مكاتب التعليم والمدارس التابعة لها، بضرورة «تطبيق تعليمات الآلية المنظمة لعملية احتفالات المدارس، وعدم تكليف الطلاب والطالبات أي مبالغ نظير إقامة حفلات التخرج». وقال الباحص ل«الحياة»: «يأتي هذا التوجه حرصاً من الإدارة على أهمية تطبيق المدارس القواعد والأنظمة المحددة في هذا الشأن، وعدم إرهاق أولياء الأمور بأي كلفة مالية، ويلزم أن تكون الاحتفالات داخل أسوار المدرسة».