تفشت حفلات التخرج مع بداية الإعلان عن النتائج، خاصة لطلاب وطالبات الشهادة الثانوية ممن حققوا حلم الآباء والأمهات. وفيما بدأت الكثير من الأسر تعد العدة لمثل هذه الحفلات السنوية، كان الإسراف سيد الموقف، بما يحمله من تكاليف طباعة بطاقات دعوات، واختيار الموقع المناسب لإقامة تلك الحفلات، سواء في بعض قصور الأفراح المتخمة بحفلات الزيجات، أو في الاستراحات التي أيضا تشهد زخما وإقبالا منقطع النظير. خالد خير الله ووليد الشهري من أولياء الأمور الذين يقفون بعيدا عن واقع حفلات التخرج بما تحمله من بذخ وإسراف - حسب قولهما -: «نعرف الكثير من الأسر التي اعتادت الاحتفال، لكن المظهر اختلف بالإسراف، وإذا كان من حق الأسر الاحتفال بأبنائها، فإنه ليس من حقها التعود على البذخ بطريقة تفقد المجتمع روحه الإسلامية، التي تحثنا على عدم البذخ، وألا نبسطها كل البسط». ويعتبران عادة الاحتفالات باتت ترهق ميزانيات الأسر، وتعدتها من الأسر الداعية إلى الأسر المدعوة: «يفرض على الجميع إحضار الهدايا، وفي هذا عبء على الأسر التي تتلقى دعوات للحفل». وأشارا إلى أن العادة دخيلة على المجتمع: «للأسف مصطلح حفلات التخرج أخذ يطفو على مجتمعنا وبات يتداوله الصغار بكثرة، فيما بينهم، والحقيقة أننا لم نكن نعرفها في السابق، فلا بد أن نألف هذا الشيء، خصوصا أن المدارس أصبحت تشجع على إقامة الحفلات نهاية كل عام، غير أن الكثير من العوائل تشارك المدارس بتقديم الحلويات والمأكولات وبعض الهدايا الرمزية، إضافة إلى مساعدات عينية تصل إلى تقديم مبالغ مالية، رغم أنها قد تثقل كاهل الأسرة بمصاريف لا داعي لها إلا أن البعض يرى أنها ضرورة اجتماعية». لا ضرر لكن نورة عبدالله،35 عاما، لا ترى مانعا من مثل هذه الحفلات: «لا أرى أي ضرر في هذا الحفل، كون الآباء والأمهات يجتهدون لراحة وسعادة أبنائهم، فنجد الأب والأم يقيمان احتفالا بنجاح أبنائهم وبناتهم بعد عناء وتعب عام دراسي تكلل بالنجاح، فلا يضير أن يقام لهم حفلات نجاح». لكنها تنتقد الترف والإسراف الذي يصاحب مثل تلك الحفلات: «البعض يبالغ في الحفل، ويصرف جل المبالغ من ادخار الوالدين، الذي ربما خصصاه لسداد دين أو شراء أغراض مهمة». حب التعاون وتشير عزة عبدالعزيز إلى أن تحضيرات أولياء الأمور للحفلات يربي في الصغار حب التعاون: «للأسف نجد البعض يسارع للأصعب، ويبتعد عن الأبسط، ويغيب عن ذهنهم أن الهدف من الحفلة ليس التنافس في شكلها وتكاليفها وديكوراتها، وكم المبلغ الذي صرف على تلك الحفلة، لتبدأ بغضاء المنافسة بين الأطفال، وحتى الشباب والفتيات منهم من يقول ولد فلان فعل ذلك، وبنت فلانة اشترت لحفلتها من المحل الفلاني، وأعتقد أنها أفكار غير صحيحة فالطفل يهمه الأوقات السعيدة وليست المادة». استغلال المناسبة وتشير المعلمة فاطمة العلي إلى أنه يفترض استغلال مثل هذه المناسبات لترابط الوالدين مع أبنائهم: «كثير من الأمهات للأسف يقمن هذه الحفلات ليس لفرحة الأبناء ومكافأتهم على جهودهم طيلة العام الدراسي، بل للتظاهر بها أمام الآخرين حتى وإن كلفت الكثير فهي تعتبر السعادة بالتباهي والإسراف الكثير حتى وإن تخللها منكرات مثل الأغاني والموسيقى». بذخ مرفوض وترفض الطالبة بجامعة الباحة وأم لطفلين مها علي، ربط البذخ والإسراف بمتطلبات الفرحة للأطفال: «كثير من الحفلات البسيطة تبهج الأطفال، وعلى النقيض هناك حفلات تكلف بها الوالدان لم تجلب الفرح والسعادة، والشيء الأساسي في الحفل أن يكون فيه ترفيه للطفل وإشباع لرغباته من ألعاب وحرية مطلقة». حفل مبسط وتشدد الممرضة في مستشفى خاص خديجة سعيد على أن مبدأ التبذير صار في كل شيء، حتى في الاحتفالات التي تدخل البهجة على النفوس: «حفلات النجاح مهمة جدا من الناحية النفسية باعتبارها مكافأة بعد تعب، وحافزا للاجتهاد والمثابرة، ولكن بعيدا عن الإسراف، وأتذكر أنني أقمت حفلة بمشاركة إخوتي في استراحة وكانت بسيطة ومفرحة للأطفال في الوقت نفسه». واقتصرت الحفلة التي أقامتها المعلمة وأم لثلاثة أبناء ابتسام محمد، على المنزل: «أدعو الجارات لمشاركتي الفرحة في المنزل، وأختصر الأمر بإعداد الحلوى البسيطة التي تسعد الأطفال، وارتداء القبعات وتوزيع البالونات، والهدايا الرمزية، ولا مجال للإسراف والتبذير نهائيا، فكل المحتويات من داخل المنزل» .