يبدو أن هناك حالة من الابتهاج لدى طالبات المدارس الخاصة، على اعتبار أنهن يجدن في كل عام احتفالات مميزة، حيث تقام حفلات التخرج داخلها بعناية فائقة، ويتم التجهيز لها والاستعداد بتدريب الطالبات على أكثر الفقرات تأثيراً، كما يتم توفير عباءات التخرج الجميلة والمبهجة، والتي ترتديها الطالبة في مسيرة مميزة بحضور أسرتها التي تبارك لها انتقالها من مرحلة إلى أخرى. تلك لحظات تظفر بها طالبات وطلاب المدارس الخاصة، والتي تُعد إقامة حفلات التخرج جزءاً من منظومتها، في حين يغيب الفرح عن طالبات المدارس الحكومية، فعلى الرغم من وجود بعض الاجتهادات الفردية التي تعملها بعض المعلمات في تنفيذ بعض حفلات التخرج بشكل بسيط وغير مدروس، إلا أنه يلاحظ بأن حفلات التخرج تلك ليست مشروعاً حقيقياً في أجندة إدارة التربية والتعليم، لتُصرف عليه الأموال وتخصص له الميزانيات، وتمده بالمتخصصات في الأنشطة الطلابية بما يعود على الطالبات بالنفع والفرح الذي هو جزء من حقهم في نهاية كل عام دراسي، فلماذا غابت ثقافة الفرح والاحتفال المدرسي المدروس وفق هيكلة حقيقية تعتمد عليها إدارة التربية والتعليم في تنفيذ حفلاتها السنوية؟، والتي تعطي الطالبات تحفيزاً لعامهن الجديد، بل وتساعدهن على الاستفادة من مواهبهن الكبيرة والوصول إلى أعلى درجات الطموح. للأسف أفراح آخر العام تُبنى على «إجتهادات فردية» لا تتناسب مع تفوق الخريجين اقتراح الطالبات تقول "أم ريناد": تغفل المدارس الحكومية كثيراً الاهتمام بالجانب النشاطي والترفيهي بشكله الحقيقي في التعليم، حيث يُلاحظ بأن المدارس الحكومية حتى وإن بذلت اجتهاداً شخصياً في إقامة "حفلات التخرج" لبعض المراحل التعليمية، فإن ذلك يخرج بمستوى غير لائق، وكأن هناك رغبة لدى بعض المدارس في تسجيل الحضور في إقامة الحفلات المدرسية، موضحةً تجربتها في قياس مستوى الحفلات التي حضرتها لابنتيها، حيث تلقت دعوة من مدرسة ابنتها الحكومية، والتي تدرس في المرحلة الثانوية، بأن هناك حفلاً تعده المدرسة من اقتراح الطالبات، حيث رفعن خطاباً للمديرة بالسماح لهن بالاحتفال بتخرجهن، حتى جاءت الموافقة في حدود ضيقة جداًّ، مشيرةً إلى أنها رحبت بمشاركة ابنتها لتلك الحفلة التي تشهد انتقالها إلى المرحلة الجامعية، إلا أنها تفاجأت بالمستوى "الرث" الذي كان عليه ذلك الاحتفال، فقد وضعت مقاعد الفصول غير المتساوية في الحجم واللون في فناء المدرسة المكشوف، واستغلت إحدى الممرات كمسرح تقدم عليه الفقرات، ومع تزايد عدد الأمهات المدعوات أشتدت موجة الحرارة مع تصاعد ألسنة الشمس الحارقة في ذلك الصباح. التهام الكلمات وأضافت: بدأت الطالبات بتوزيع الماء على الأمهات، ثم شيء من القهوة والتمر المغلف، حتى بدأ برنامج الحفل الذي كان يقدم من مذياع، اتخذ من التقطيع والتهام الكلمات والطنين المزعج الصادر منه شعاراً له، حتى شعر الأمهات بالسأم، مبينةً أنه نظراً للظروف المناخية السيئة تم تقليص برنامج الحفل وتسريع مسيرة الطالبات اللاتي كن ينزلن من "درجات" كانت تتوسط مقدمة الفناء، ويدخلن في فصل يقع في نهاية الممر، حتى ازدحمت الحشود فيه، الأمر الذي تسبب بالشعور بالاختناق، فقرر الكثير من الأمهات الإنسحاب بعد أن اصطحبن بناتهن معهن، لتصويرهن بعباءة التخرج لمجرد الذكرى بعد فشل الحفلة. د.خديجة: نحتاج الى «ميزانية» و «برنامج» يغذي ثقافة الفرح تجربة مختلفة وأوضحت أن تجربتها مع أبنتها الصغيرة -مدرسة خاصة- تختلف عن ابنتها في المرحلة الثانوية، حيث دخلت المدرسة لتجد عاملتين ترتديان زي شعبي جميل وقبعات بيضاء، الأولى تقدم القهوة والأخرى تمد صحن الحلويات الفاخر، إلى جانب التكييف المريح في المدرسة، مضيفةً: "ما أن وصلت لنهاية الممر حتى وجدت مديرة المدرسة والإداريات يسقبلن الأمهات بعد أن يدعوهن إلى الدخول لقاعة الاحتفالات التي بُهرت بمستواها، حيث إنها مجهزة بكامل الأجهزة الصوتية وشاشات عرض وستائر حمراء شامخة، إلى جانب مقاعد مريحة على شكل مدرجات، والطالبات يرتدين الثياب الجميلة الموحدة بقبعات فاخرة كلٌ بحسب مرحلته الدراسية بثقة وسعادة، فيما رائحة الزهور الطبيعية الملونة تملأ المكان لتضفي أجواء مبهجة، برفقة لوحات ترحيبية كانت تمر بشكل ملفت على شاشة العرض". وجبة غداء وذكرت أنه بدأ الحفل وأختتم بوجبة غداء فاخرة تم خلالتها توزيع الهدايا على الأمهات احتفاء بحضورهن، ثم على الطالبات مع التقاط صوراً جماعية للأطفال، موضحةً أن التجربتين كانتا مختلفتين، على الرغم من أن المدرسة الخاصة أرسلت خطاباً للأم تطلب رسوم الحفل التي وصلت إلى (250) ريالاً، إلا أنها تشعر بأن ذلك المبلغ لا قيمة له أمام التنسيق المميز الذي عاشته في لحظات تتويج تخرج ابنتها وانتقالها إلى المرحلة التي تليها. دفع الرسوم وعلى الرغم من إتفاق "سميرة القحطاني" معها إلا أنها ترى بأن المدارس الأهلية تستغل رغبة أولياء الأمور في حضور مثل تلك الحفلات التي تعد للطالبات، بإلزامهن بدفع مبالغ لاداعي لها، كرسوم عباءة التخرج ورسوم "الصور الفوتوغرافية"، وكذلك رسوم بطاقة حضور أحد من أقارب الطالبة، بخلاف الأم والتي تصل قيمة البطاقة إلى (50) ريالاً للشخص الواحد، لتكون تلك الحفلة مكلفة على الرغم من أثرها الكبير، متمنيةً فيما لو تم اعتماد تلك الحفلات المدرسية للتخرج بمختلف مراحلها للطالبات بشكل منظم ومدروس، وأن تضع إدارة التربية والتعليم ضمن خططها السنوية إقامة تلك الحفلات. فاطمة: إدارة التربية والتعليم تكتفي بوضع ضوابط دون دعم ! مبنى خاص وأوضحت أن التنسيق لابد أن يبدأ من توفير المكان اللائق، وفي حالة عدم وجود مسرح في تلك المدرسة يتم استئجار مسرح في إحدى القاعات، مطالبةً أن تتبنى الوزارة المشروع بشكل جاد، ليوجد في المدارس مبنى يسمى مبنى الاحتفالات المدرسية، يتم من خلاله إقامة الاحتفالات الهامة للمدارس في المنطقة الواحدة، وتقام فيه حفلات التخرج المدرسية في كل عام من قبل مختصين في إبراز الأنشطة الطلابية والمواهب، ذاكرةً أنه من الممكن أن يكون ذلك التخرج جماعي بين مختلف المدارس في المنطقة الواحدة، على أن يكون ذلك المسرح يستوعب تلك الأعداد، حتى تستشعر الطالبة قيمة ذلك المهرجان المهم في تتويج تفوقها ونجاحها، بدلاً أن تقام تلك الحفلات بشكلها العشوائي والردئ في المدارس الحكومية، والتي يصل بعضها إلى حد الطرافة والفكاهة والسخرية لفرط العشوائية، والاستخفاف الذي بها. الاحتفال المدرسي يزيد من معنويات الطالبات الخريجات يساء استغلالها ورأت "د.خديجة بادحدح" -وكيلة جامعة الملك عبد العزيز- أن هناك رؤية فيما يتعلق بتحديد الميزانية لحفلات التخرج المتعلقة بالمدارس الحكومية، حيث يُخشى في حالة تم تخصيص لها ميزانية وأقرت في المدارس بشكل رسمي أن يساء استغلالها، موضحةً بأنه لا يتم عادة الاهتمام بحفلات التخرج الخاصة بالمدارس؛ لأن هناك مرحلة دراسية أخرى ستتبعه، فالانتقال هنا في المراحل انتقال تتابعي، بخلاف الحفلات الجامعية التي تخصص لها ميزانية ويهتم بها كثيراً لأن بعدها نقلة كبيرة للطالبات، وذلك ما جعلها مقرة من وزارة التعليم العالي بخلاف مراحل الثانوية وغيرها، مشيرةً إلى أن هناك حفلات تقام في المدارس الحكومية إلا أنها تأتي من واقع الاجتهادات الشخصية من قبل إدارة المدرسة. مال الآباء وأضافت عن الجانب الإيجابي الكبير الذي سيتركه تدعيم ثقافة الفرح في نفوس الطالبات، من خلال اعتماد ذلك النوع من الحفلات المدرسية، حيث إن هناك شعوراً بالاهتمام بهن وتقديمهن إلى مرحلة تعليمية ثانية، مع الحرص على ربط ذلك بالقيم الأخلاقية الإنسانية، والتعبير عن شعور الافتقاد لهن، مبينةً أن تجربة المدارس الخاصة "الأهلية"، والتي تقيم حفلات التخرج المميزة لطالباتها، إلا أن تلك الحفلات غالباً ما تؤخذ من جيوب أولياء الأمور، حيث يتم إلزامهم بدفع مبلغ لمصاريف حفلة التخرج لطالبة، ذاكرةً أنه من الصعب ضبط ذلك في واقع التعليم الأهلي، لأنه حتى إن وضعت الضوابط واللوائح التي تجبر المدارس الأهلية بعدم أخذ تكاليف حفلات التخرج المكلفة من جيوب أولياء الأمور، فإن المدارس الخاصة قد تلتف على ذلك القرار برفع رسوم المدارس، حيث ستأخذ قيمة ما يُدفع للحفل وتزيده على قيمة الرسوم الدراسية. إدخال السرور وأوضحت أنه لا يوجد خلاف على اهتمام المدارس الخاصة بحفلات التخرج التي تعد لها قبل انتقال الطالبات بشهر أو أكثر، بالإضافة إلى وجود بعض المسارح الضخمة والمجهزة في المدرسة والمدعمة بالأجهزة الحديثة، ليُقدم حفل التخرج بشكل لائق، وهناك من المدارس من تحرص على استئجار القاعات لإقامة حفل التخرج في حالة عدم توفر ذلك المسرح المجهز في المدرسة، حتى تظهر بالمستوى المطلوب، كذلك إدخال السرور في نفس الطالبات والأمهات اللاتي يأتين ليشاهدن لحظة انتقال بناتهن إلى المرحلة التي تليها، حتى تعكس صورة إيجابية عن المدرسة، خاصةً حينما يكون الحفل منظم وناجح، فإن ذلك يدل على وجود إدارة متميزة خلف ذلك التنظيم، وذلك ما يدفع المدارس الخاصة للاهتمام بحفلات التخرج. ثقافة غائبة وطالبت أن يكون هناك تدعيم أكثر لثقافة الفرح لدى الطلاب والطالبات في المحيط التعليمي، خاصةً بأنها أصبحت غائبة، متحدثةً عن تجربتها في حرصها على إقامة حفل تخرج لطالباتها مختلف عن الحفل الذي تعده الجامعة، حيث يتم الإعداد لمسيرة الطالبات في القسم وتكرم على المسرح وتبرز المتفوقات منهن بتكريمهن أمام الأسرة، كما يتم إعداد حفل خاص في نهاية العام للوقوف على انجازاتهن ومعرفة التحولات الحياتية التي حدثت لهن في تلك السنة، مبينةً أن تلك الاهتمامات تترك أثراً بالغاً في النفوس سيترك أثره الاجتماعي، كما أنها توثق العلاقات بين المؤسسة الواحدة، فحينما لا تقام مثل تلك الحفلات فلن تتوثق العلاقات بين أعضاء التدريس والطالبات، فذلك الاهتمام ينعكس بشكل إيجابي على واقع أي مؤسسة حينما يتم فيها الاهتمام بالجانب الاجتماعي. وضع الضوابط وأوضحت "فاطمة الجبر" -رئيسة قسم الأنشطة الطلابية بإدارة التربية والتعليم سابقاً- أنه لا يوجد هناك سياق محدد لإقامة الحفلات المدرسية المتعلقة بالتخرج للطالبات، فهي تعتمد في المقام الأول على نشاط المدرسة ومدى استعدادها لذلك، إلا أن إدارة التربية والتعليم يتلخص دورها في وضع الضوابط التي لابد أن لا تخرج عليها حفلات التخرج تلك، والتي من أهمها منع استخدام الدفوف والموسيقى بأنواعها، كذلك عدم لبس الثياب المتبرجة، مشيرةً إلى أنه يحدث هناك شيء من المخالفات من بعض المدارس، إلا أن تلك المخالفات تحسب على تلك المدرسة ويتم محاسبتها، بخلاف واقع المدارس الخاصة التي تمتلك مساحة كبيرة من الحرية في تنظيم وإعداد حفلات التخرج لطالباتها، موضحةً أن هناك اهتمام من قبل قسم النشاط الطلابي بإقامة حفلات التخرج في المدارس الحكومية، والمناداة على إشراك الطالبة في تقديم الفقرات الخاصة بالحفل دون الاعتماد على المعلمة، والسعي لتنمية مواهب الطالبات. تعتمد على العشوائية وأكدت على أن هناك عوائق من قبل إدارة التربية والتعليم في التعاطي مع حفلات التخرج المدرسية، حيث يلاحظ بأنه لا تحدد ميزانية مخصصة لمثل هذه الحفلات، فالطريقة التي تقدم بها تعتمد على العشوائية والمبادرات التي تأتي من إدارة المدرسة والطالبات، بخلاف المجال الثقافي والاجتماعي الذين تحرص إدارة التربية والتعليم على تخصيص ميزانيات لها، مطالبةً بالاهتمام بإقامة حفلات التخرج وتخصيص الميزانية لها، على اعتبار أنها جزء من ثقافة الفرح التي لابد أن تدعم على جميع المستويات خاصة المستوى التعليمي، إلا أنه لم يتم الالتفاف لمثل هذه المطالبة، مضيفةً أن هناك الكثير من الأفكار النشاطية الجيدة التي ضمت مع فكرة الاعتناء بحفلات التخرج، إلا أن تلك الأفكار كثيراً ما كانت تُرفض من قبل المسؤول الأعلى في الرتبة، حيث لا يجد أهمية في ذلك. ميزانية محددة وتحدثت عن الأثر الإيجابي الذي ستتركه في نفوس الطالبات فيما لوتم اعتماد حفلات التخرج في المدارس الحكومية بدلاً من تركها للمبادرات الشخصية، حيث إن مواهب الطالبات ستنمى، خاصةً بأن هناك مواهب كبيرة ومهمة لم تراعى بعد، متمنيةً لو تم اعتماد مشروع إقامة حفلات التخرج في المدارس الحكومية بشكل رسمي، بحيث تضع إدارة التربية والتعليم الضوابط في ذلك، وتترك مساحة من تنفيذ وتطبيق تلك الضوابط على تلك الحفلات بميزانية محددة.