لا ترى منى عبد العزيز، التي تخرجت تواً في كلية العلوم في الدمام، ان إنفاق 175 ألف ريال على حفلة التخرج، «إسرافاً». ولم تدفع منى هذا المبلغ بمفردها، إذ شاركتها العشرات من زميلاتها، اللائي تقاسمن دفع المبلغ، لإقامة حفلة تخرجن «الفاخرة»، التي حضرها نحو 400 مدعوة، تلقين بطاقة دعوات «باهظة الثمن». ولكنها تعتبر ذلك «شيئاً بسيطاً، مقابل عيش فرحة العمر، بالتخرج، وهي فرحة لا تقل عما تشعر به الفتاة في ليلة زفافها، وربما تفوقها»، على حد تعبيرها. ولا يتوقف «البذخ» على حفلات خريجات الجامعات والكليات، إذ تعداه إلى بعض طالبات المدارس، اللاتي بالغ بعضهن في تنظيم حفلات تخرج، سواءً داخل منازلهن، أو في قاعات أفراح. إلا أن الغالبية اتجهت إلى حجر الاستراحات، لإقامة حفلاتهن، التي تلي حفلات مماثلة تقام في المدارس. ولكن الأخيرة لا تتميز ب «البهرجة» و»البذخ» في حفلات التخرج التي تقام خارج أسوار المدارس، بعد تشديد الإدارة العامة للتربية والتعليم في المنطقة الشرقية، على لسان مديرها الدكتور عبد الرحمن المديرس، بعدم «إثقال كاهل أولياء الأمور بكلفة حفلات التخرج»، مؤكداً على «عدم إقامة الحفلات خارج مقار المدارس، أو تجاوز الأنظمة المنصوص عليها». غير أن إقامة حفلات الطالبات لا علاقة له بإدارات المدارس، إذ تتولى الطالبات تنظيمها وإقامتها بأنفسهن، وإن حضرتها أحياناً بعض المعلمات والمديرات، ك «مدعوات»، إلى جانب الأمهات والقريبات. وتقول منى: «حضر حفلة التخرج صديقات وقريبات، شاركن في الفرحة والمرح، وتخليداً لذكرى أهم من أي فرحة أخرى، بما فيها حفلة الزفاف، إذ يغدق عدد من المتزوجين على حفلة الزفاف، وقد تصل التكاليف إلى مليون ريال، وربما أكثر. ولكن فرحة النجاح لا تضاهي الزواج، لأن الأخير حظ، ربما يصيب أو يخيب. بينما الشهادة هي استحقاق، حصلنا عليه بعد الجد والمثابرة والتعب. وستكون عوناً لنا في المستقبل الحياتي». وتشاطرها الرأي الطالبة نورة المؤمن، التي تدرس في الصف الأول المتوسط، التي أقامت حفلة تخرجها في إحدى استراحات مدينة الدمام، وأنفقت عليها نحو مئة ألف ريال، مقدمة من والدتها، لحصولها على الترتيب الأول على مستوى صفها. وتقول والدتها: «حصول نورة على المرتبة الأولى كان حصيلة تعب عام كامل، وما تم صرفه من نفقات على حفلتها أمر عادي». وترى أنه «لا يمكن أن تقل فرحة النجاح عن الزواج أو غيرها من المناسبات، فبعض الفتيات يقمن حفلات أعياد ميلاد تبلغ كلفتها أكثر من ذلك». ولم تكتف أم نورة بهذا القدر لمكافأة ابنتها. إذ قدمت لها هدية لها، بقيمة 13 ألف ريال، «قطعة ذهب كانت تتمنى ارتداءها كلما رأتها». ويبدو «البذخ» في حفلات التخرج للطالبات اللاتي يدرسن في مدارس أهلية، أكبر مما تقيمه زميلاتهن في المدارس الحكومية. كما أوضحت فايزة الخلوفي المشرفة التربوية في مدرسة أهلية. وتقول: «إن مبالغة الأهالي في الإنفاق على حفلات بناتهم، لا صلة له في إدارة المدرسة»، مضيفة «في إحدى الحفلات التي أقيمت أخيراً، طلبت إحدى الأمهات في حال ظهور ابنتها وتسلمها الشهادة، أن تلبسها عقداً من الذهب، وآخر يحوي مبلغاً قد يصل إلى خمسة آلاف ريال. وكانت هناك مظاهر بذخ عدة، منها قيام إحدى الأمهات بإهداء ابنتها التي تدرس في مرحلة رياض أطفال، عقداً وخاتم ألماس، كونها وحيدتها، وأنجبتها بعد ست سنوات من الانتظار». وأكدت الخلوفي، أن إدارات المدارس «تحاول تجنب الإنفاق على حفلات التخرج. إلا أن الأهالي يبادرون إلى إهداء بناتهم هدايا فاخرة، تعبيراً عن فرحتهم في هذه المناسبة»، مضيفة «بعد قرار منع إقامة الحفلات خارج المدارس، حاولنا تجنب حصول ذلك. وما يحدث هو شخصي. فبعض طالبات المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، يقمن حفلات، يدفع أهليهن كفلتها. ولا دخل لنا بها.