معاناة لا تنتهي تواجهها بعض الأسر مع بداية العام وحتى يوم الحصاد، مطالب متجددة تضيف ثقلا آخر على كاهلهم، بدواعي المتطلبات الدراسية المعتادة. ولكن تظل حفلات التخرج، هي المأزق الأكبر، والتحدي الصعب بين الأسر وأبنائها، فهم يقعون بين فخ مساواة أبنائهم مع زميلاتهم، وبين الأزمات المالية التي تنهش بعضهم من حين إلى آخر. تتسابق خريجات الثانوية العامة مع نهاية قرب العام بإقامة حفلات التخرج في أفخم الفنادق والقاعات للتباهي، والضغط على الأسر لدفع مبالغ طائلة لتلك الحفلات وكأنهن حاصلات على البكالوريوس أو الدكتوراه، ظاهرة اجتماعية باتت سمة من سمات المجتمع في الآونة الأخيرة. تقول الطالبة غفران محمد بالمرحلة الثانوية «فرحة التخرج من الثانوية العامة كبيرة فبعد عناء وتعب وسهر نحصل على الشهادة التي تنقلنا نقلة كبيرة للحياة الجامعية واعتقد أن شهادة الثانوية مهمة بالنسبة لكل طالب فمهما تعلمنا تظل المرحلة الثانوية في المقدمة لذا فرحتها كبيرة. وتضيف نورا علي بالمرحلة الثانوية «حفلات التخرج حلم كل طالبة فشهادة الثانوية تاريخ جميل في حياة كل طالب لكن التباهي والغلو في إقامتها مشكلة كبيرة قد تصل مشاركة الطالبة إلى ستة آلاف ريال حسب مستوى القاعة أو الفندق وكأنه حفل عرس كبير، والطالبة التي لا تشارك بهذا المبلغ لا تحتفل بالمناسبة وبعض أولياء الأمور يرفض دفع تلك المبالغ لأن دخله لا يسمح لذا اقترح أن تقوم إدارة المدرسة بعمل تلك الاحتفالات بشكل مختصر، وبأسعار رمزية حتى تستطيع جميع الطالبات أن تفرح وتسعد بهذه المناسبة. وتقول لمى الغامدي أيضا بالمرحلة الثانوية «فرق كبير بين إقامة حفلات التخرج في المدارس الخاصة والحكومية لأن مشاركة طالبات المدارس الحكومية أقصاها 1500 ريال لكن المشاركة في المدارس الخاصة فتكلفة مشاركة الطالبة كبيرة فقد دعيت إلى حفل في أكبر قاعة بجدة، وشاركت كل طالبة بتسعة آلاف ريال وكان الحفل كالمهرجان، وبرنامج كبير ومنشدة وزفة، وهدايا، وورود وتقليعات وكأنه حفل تخرج للدكتوراه وليس خريجات ثانوية عامة، فهذه الحفلات قد تسبب أزمات نفسية عند بعض الطالبات غير القادرات على دفع تلك المبالغ. وتنوه والدة الطالبة هوازن على أن حفلات خريجات الثانوية أصبحت في السنوات الأخيرة ظاهرة موجودة في كل المدارس وكلما ارتفعت تكاليف الحياة والتزاماتها زادت المناسبات والمصاريف ويكفي أن المدارس الخاصة تكلف الكثير، لأن غالبية مصاريفها مرتفعة بالإضافة إلى دفع بعض الدروس الخصوصية، وحين يقترب العام الدراسي على الانتهاء نتنفس الصعداء لكثرة المصاريف فحين تكلف حفلة خريجات طالبات الثانوية في قاعات الخمس نجوم تصل إلى الآلاف. وطالبت أم هوازن أن يكون هناك توعية من إدارة المدارس وعدم إقامة هذه الحفلات في قاعات أو فنادق، بل تقوم بها إدارة المدرسة وبأسعار رمزية من الطالبات أو يتم الاحتفال في نفس المدرسة حتى لا تصبح تلك الحفلات مسلم بها، وضرورة لكل طالبة في نهاية العام. وتشدد والدة الطالبة غفران أن حفلات خريجات الثانوية اجمع مبالغ فيها ليس فقط دفع الطالبة تلك الرسوم بل شراء ثوب غالي الثمن وأكسسوارات وأحذية وكأنها عروس في ليلة زفافها شيء جميل أن تشعر الفتاة بتلك الفرحة ولكن ليس بتلك المبالغ وذلك الاحتفال وهذا العبء الكبير الذي يقع على الأسرة وبالذات إذا كانت هناك أكثر من ابنه وفي سنوات متقاربة فعند إقامة حفلة تخرج ابنتي دفعت مبلغ 2000 ريال لأن القاعة أربع نجوم بالعشاء والزينة، وغير ذلك وهذا سوف يشمل الابنة الثانية حين تقبل العام القادم على الثانوية العامة وكأنه فرض على الأسرة أن تدفع لهذه الحفلات غير التصوير والورود وجميع متطلبات الحفل وبالذات أننا أسرة من محدودي الدخل. وتؤكد أخصائية علم الاجتماع الدكتورة أريج داغستاني أنه تكثر حفلات التخرج لمرحلة الثانوية العامه في الأماكن باهظة الثمن وتعلوا الأصوات والشكوى عن الكساد الاقتصادي، عندما يبدأ الأبناء بمطالبة الأهل أن ينفذوا لهم ما هو محقق لإصدقائهم غير مبالين بوضع الأسرة الاقتصادي، أو الضائقة المالية للأسرة من وراء سعي الأولاد لحفلات التخرج الباهظة التكاليف. مشيرة إلى أن حفلات التخرج قد تسبب ضايقة مالية داخل الأسرة، فهم يتحملون تكاليف إضافية فوق طاقتهم وتؤثر بشكل مباشر على الميزانية الاقتصادية للأسرة. الجدير بالذكر أن وزارة التربية والتعليم أصدرت مؤخرا ضوابط موحدة للحفلات المدرسية الختامية للبنين والبنات، منها أن يقام الحفل داخل أسوار المدرسة صباحا، وأن يكون قبل بداية اختبارات نهاية العام الدراسي بثلاثة أسابيع، وأن لا يؤدي إقامة الحفل إلى إخلال باليوم الدراسي، من إلغاء بعض الحصص الدراسية، أو غياب الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات، سواء قبل الحفل أو بعده.