مفاوضات لإطلاق محتجزة.. حماس: إسرائيل تتلكأ في تنفيذ اتفاق عودة النازحين للشمال    دوري روشن: الخلود يقلب الطاولة على الرائد بهدفين لهدف    "دافوس": السعودية استعرضت إنجازات "رؤية 2030" وناقشت حلولاً لتحديات العالم    القبض على (4) أشخاص في القصيم لترويجهم مواد مخدرة    زيلينسكي: لا محادثات سلام ناجحة مع روسيا دون أوكرانيا    لأول مرة منذ 6 أشهر.. تراجع ثقة المستهلكين بأمريكا    روسيا: تخفيض سعر العملات أمام الروبل    الشركة تعتذر والرابطة تبحث عن جدولة جديدة    آل الشيخ يلتقي رئيس وفد مملكة ماليزيا المشارك في مؤتمر آسيان الثالث    لوران بلان يُعلن موقف كانتي وديابي من لقاء ضمك    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تُتوّج بكأس ألعاب قوى الجامعات    مدير تعليم جازان يرفع التهنئة للأمير محمد بن عبد العزيز بمناسبة تمديد خدمته نائبًا لأمير المنطقة    "على ظهور الإبل" رحّالة بريطانيين يقطعون 500 كم داخل محمية الملك سلمان الملكية    "البيئة" تؤكد وجود منظومة متكاملة لضمان سلامة اللحوم وجودتها في المملكة    محافظ صامطة يدشن ليالي المحافظة الشتوية ضمن فعاليات شتاء جازان    ضيوف الملك: ريادة المملكة عالميا فخر للمسلمين    250 زائرا من 18 دولة أفريقية يزورون مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    الفتح يسافر إلى الرياض لمواجهة النصر    «المنافذ الجمركية» تسجل أكثر من 950 حالة ضبط خلال أسبوع    عبور 54 شاحنة إغاثية سعودية جديدة مقدمة للشعب السوري الشقيق منفذ جابر الأردني    نيو للفضاء توقع مذكرة تفاهم لتعزيز الابتكار الجيوفضائي بالمملكة    الهند تحقق في مرض غامض أودى ب17 شخصاً    الداخلية : ضبط (22555) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    ختام منافسات بطولة البلوت بواحات المذنب    بأمسياتٍ روائيةٍ وتجارب تفاعلية.. الإعلان عن «مهرجان الدرعية للرواية»    تقلل خطر الإصابة لدى النساء.. ثورة واعدة لعلاج سرطان عنق الرحم    استمرار هطول أمطار على عدد من مناطق المملكة    ترمب يغيّر اسم خليج المكسيك    كائنات مخيفة تغزو جسد رجل !    مصر: التحقيق مع فرد أمن هدد فنانة مصرية    حورية فرغلي تستعد لتركيب «أنف اصطناعي»    غوتيريش يدين احتجاز الحوثيين لسبعة من موظفي الأمم المتحدة    الموسيقار العالمي هانز زيمر يبهر جمهور "موسم الرياض" في ليلة ابداعية..    130 شاحنة مساعدات تدخل لقطاع غزة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    محمد بن عبدالعزيز يشكر القيادة لتمديد خدمته نائباً لأمير جازان    «ميتا» تعتزم استثمار أكثر من 60 مليار دولار في تطبيقات الذكاء الاصطناعي    الشباب يحصل على شهادة الكفاءة المالية    "الأهلي" يكشف أساطيره في "أسبوع الأساطير"    بعد «سره الباتع».. فيلم جديد يجمع رانيا التومي مع خالد يوسف    شامخات القصيد في معرض الكتاب بالقاهرة.    الربيعي تحصل على المركز الثاني في مسابقة بيبراس للمعلوماتيه    مدرب الأهلي "ماتياس": الجميع يعمل لتدعيم صفوف الفريق    مدير عام تعليم الطائف التعليم استثمار في المستقبل وتحقيق لرؤية 2030    منح وزير الشؤون الإسلامية وشاح الطبقة الأولى للشخصية الإسلامية العالمية المؤثرة لعام 2024    محمد بن عبدالعزيز يشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمته نائبًا لأمير جازان    الأمير محمد بن سلمان يُعزي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ فاضل الصباح    أمير حائل يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تمديد خدمته أميرًا للمنطقة    40 ألف ريال تكاليف ليلة الحناء    ترمب يلغي الحماية الأمنية عن فاوتشي: «ليحمي نفسه»    القصيبي مسيرة عطاء    عبد العزيز بن سعد يشكر القيادة لتمديد خدمته أميراً لحائل    آل سمره يقدمون شكرهم لأمير نجران على تعازيه في والدهم    أكثر من 20 ألف جولة رقابية تنفذها بلدية محافظة الأسياح لعام 2024م    %2 نموا بمؤشر التوظيف في المملكة    أعطته (كليتها) فتزوج صديقتها !    ترامب يعيد تصنيف الحوثيين ك"منظمة إرهابية أجنبية"    الإرجاف أفعى تستهدف بسمّها الأمن الوطني..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعاً حقل أبي
نشر في أنباؤكم يوم 20 - 06 - 2010


يوسف المحيميد - الجزيرة السعودية
قبل عشرين عاماً، تخلّى كثير من أهالي القصيم عن أعمالهم، من لديه دكان صغير في»الجردة» أغلقه بعدما جمع تعب السنين واشترى به مزرعة، وأدار فيها الرشاشات المحورية، قائلاً لنفسه: لابد أن»أغرف» من الذهب الأصفر، سعيداً بمرأى السنابل الذهبية تهتز ثقيلة بالحبوب، ومن لديه شاحنة قام ببيعها وانصرف إلى الزراعة، بل حتى خريج المعهد المهني لم يفتتح ورشة إصلاح أجهزة أو سيارات، بل قاد الحراثة بنفسه ونبش الأرض. وكذا طالب الثانوية لم يجد في الدراسة ولا الوظيفة المتوفرة آنذاك أي فائدة، فالربح والكسب في الأرض، وفي ذهبها الأصفر لحظة أن تنثره»الحصّادات» في الشاحنات، التي تنطلق محمومة إلى صوامع الغلال على طريق حائل!
كل من أعرفه: أبي، عمّي، خالي، بعض إخوتي وأبناء عمومتي، كلهم انصرفوا إلى زراعة القمح، تماماً كما حدث مع الناس حين باعوا بيوتهم وتورطوا بالقروض بهدف شراء الأسهم والكسب السريع، فلم ينجو أحد من أقاربي، وربما كثير من أبناء وطني في مناطق المملكة المختلفة، من قروض البنك الزراعي!
أذكر أن هناك سوقاً سوداء بزغت وسماسرة ظهروا مع صيحة»القمح» قبل أكثر من عشرين عاماً، فهناك من يشتري في الحال بسعر أقل من سعر الصوامع، حتى يتكسب بالفرق على حساب المزارع»الغلبان» الذي يحتاج إلى السيولة السريعة كي يحضّر أرضه وأدواته لموسم العام القادم!
كنت من على متن الطائرة، أرى دوائر القمح الضخمة، خضراء وبديعة، تحيط بها رمال»المليداء» وتجعلني أشعر آنذاك بأن بلادي تخطط للبحث عن مصدر دخل جديد غير النفط، خاصة حين قرأت في الصحف عن الاحتفال بتصدير أول شحنة قمح إلى خارج البلاد، يا الله ما أجمل أن تكون بلادي مصدّرة للقمح، فهو أمن غذائي حقيقي.
بعد سنوات، بدأت صوامع الغلال تتأخر في تسليم المزارعين مستحقاتهم، ثم بدأت تخفض أسعار القمح التشجيعية، وظهرت آراء أصابتنا بخيبة أمل كبيرة، فالقمح يعتمد بشكل كبير على المياه، ومعظم المزارعين اكتشفوا أن منسوب المياه الجوفية يتناقص بشكل مخيف، ثم بدأت التحذيرات بأن زراعة القمح تهدد أمننا المائي، فهل هناك أهم من الماء؟ طبعاً لا.
هرب المزارعون من مزارعهم، بعضهم خرج باكراً، كما هم أذكياء سوق الأسهم الذين استشعروا الخطر باكراً، فخرجوا من السوق، وبعض المزارعين لم يزل يحلم بأن يعود الزمن، وأن تهتز رؤوس القمح الذهبية في حقله، وبعضهم تحوّل إلى زراعة الخضراوات، أو بناء البيوت المحمية، أو الزراعة الموسمية كالبطيخ وما شابه.
أما الشباب فقد عادوا يبحثون عن الوظائف بعد أن طارت الطيور»بقمحهم» فلم يعد هناك قمح ولا وظيفة، تماماً كما طار حلمي شخصياً، وأنا أرى أبي -يرحمه الله- يشعر بالسعادة حين تدور الأبراج الشامخة وهي تبث رذاذ الماء، بينما أشعر بالفخر أننا مصدّرو قمح لا نفط، وتباهينا مع تصريح يقول بأن»القصيم سلّة خبز المملكة»! تماماً كسعادتنا بالجوف مدينة»المليون شجرة زيتون» أو احتفالنا بتصدير»ورود» تبوك إلى الخارج!
الآن مع تصريح وزير الزراعة بالتوقف نهائياً عن إنتاج القمح، وتأمين احتياجات المملكة من القمح المقرر استيراده، والبالغة مليون طن من القمح، ونهاية حلم تصدير القمح، أضع هذا السؤال الصغير: لم حدث كل ذلك؟ هل كان ثمّة تخطيط ودراسات لإنتاج القمح آنذاك؟ ما دور الجهات المختصة كوزارة الزراعة؟ ووزارة المياه؟ أين كانت جهات الأبحاث والدراسات في الجامعات ومراكز الأبحاث؟ لماذا لم توقف الكارثة قبل أن تبدأ؟ وحين أقول الكارثة، لأنها كارثة مخلّة بالأمن المائي الذي هو أهم من الأمن الغذائي، ولأنها ضللت مواطنين كثر، بدّلوا أنشطتهم وأعمالهم حلماً بالثراء السريع، ثم باعوا مزارعهم بثمن بخس!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.