تختلف معايير الموجودات ومقاييسها في كل دولة، فجميعها عُملت بأوزان معيّنة، فما يجده المرء لائقًا فى ثقافة يجده آخر ظاهرة غريبة. ولا يمكن أن تكون هناك القدرة على إعادة تشكيل المفاهيم حتى وإن رأيناها تقلب أقصى الموازين إلى درجة القبح؛ ليصبح مصدر إلهام. ربما وسائل التواصل الحديثة لقنتنا درسًا في انتشار الجمال البلاستيكي، وأعطتنا تلك المفاهيم في وقت متأخر لنستدرك الجانب الرمادي الذي يكون أحيانًا أكثر صدقًا من البياض والسواد. على الرغم من كل هذا التقدم والتطور لم تتوحّد مواصفات الجمال في العالم حتى وقتنا الحالي، فما زالت هناك ثقافات لها مفاهيم خاصة ومتطرفة عندما يتعلق الأمر بالجمال! حتى أن البعض عاب في جسده بطريقة بشعة ليُصبح شخصية ساحرة حسب الاعتقاد السائد في بلاده. إنها مقاييس غريبة حول العالم لجمال «النساء» بشكل خاص، مهما وجدت الاختلاف فيه إلى حد الشذوذ فلن نستوعب بعضه، لذلك يبقى الحكم على جمالها خاضعًا لثقافة البلد السائدة. طبعًا لن أتحدث عن العيون الواسعة الكحيلة والأنف الدقيق والبشرة، فكلها مقاييس جمال معروفة، وفى الوقت ذاته قد تكون غريبة بالنسبة للعديد من الشعوب!! في البداية سأتحدث عن العجب في فيتنام التي تصب إيمانها بأن الأسنان البيضاء سمة من سمات الشياطين والحيوانات البرية والوحوش، بل يعتبرون الأسنان السوداء هى رمز أنوثة المرأة وجمالها، أما في بلاد الصين فهناك تعذيب للجمال، فهم لا يقدرون المرأة الرقيقة الناعمة، بل يفضلون صاحبة القدم الصغيرة، فكانت جميع نسائهم يقمن بحشر أقدامهن داخل حذاء صغير لا يتعدى طوله ال10 سنتيمترات، ويطلقن عليها «قدم اللوتس». أما المرأة الأفريقية فتتمثل أنوثتها فى سواد البشرة، فكلما زاد سواد بشرتها زاد مهرها، ويعتبرون ذلك علامة على صفاء عرقها، كما أنهم يميلون للصلعاء؛ إذ يقومون بحلق رؤوس الفتيات تمامًا (على الصفر) حتى تبدو أكثر جاذبية! نقف قليلًا عند «وجه القلب» في - كوريا الجنوبية - تعديل شكل الوجه ليُصبح كشكل القلب، أي: تكسير عظام الفك إلى ثلاث قطع، وإزالة الجزء الأوسط، ودمج القطعتين الجانبيتين لتشكيل ذقن جديد تمامًا. بالنسبة لي تكون الإسكيمو قد فازت بأغرب علامة جمال، وهي «رائحتها»، فيهتمون أشد الاهتمام برائحة المرأة، وبالذات رائحة فمها؛ لدرجة اختبار رائحة فم المرأة قبل خطوبتها، وذلك من خلال تكليف امرأة تقوم بمهمة ال«الكلب البوليسي» في شم المرأة المستهدفة. لنصل لجنوب السودان: «المخمشة» تلك الشقوق يقومون بعملها على وجه المرأة منذ ولادتها – كحماية لها- وكذلك على بطنها ويديها أحيانًا، ويعتبرون المرأة غير «المخمشة» ناقصة، وقد لا تصلح للزواج. أما قبيلة كايان في تايلاند، فتعتبر الأنثى جميلة عندما تمتلك رقبة طويلة كالزرافة، فالطفلة بمجرد بلوغها خمس سنوات ترتدي حلقات النحاس الثقيلة، ويصل وزنها إلى 22 باوندا، وكلما كبرت تزداد عدد الحلقات حتى ترتفع الرقبة، حينها تصنف المرأة من جميلات القبيلة. وفي النهاية.. الجمال موجود في كل مكان وزمان، لكن الحقيقي منه يكمن في الروح، فمهما وضعت المرأة أطنانًا من المكياج وتكاثرت صيحات الموضة ستبقى الطبيعية هي مصدر الجمال الوحيد في كل الثقافات.