قبل فترة ارتفع سعر الدولار بشكل مفاجئ في مصر وتبعا لذلك اخذت اسعار الكثير من السلع في الازدياد, وتعود الناس على هذه الزيادة التي تحدث بين فترة واخرى. الا ان ارتفاع اسعار بعض الخدمات جعل البعض يتساءل عن سر ارتفاعها رغم انها لا ربط لها حسب اعتقادهم باسعار الدولار. ومن ضمن هذه الخدمات الحلاقة حيث ابدت مجموعة من الناس استنكارهم تجاه هذا الارتفاع المفاجئ لسعر الحلاقة لا تتجاوز المقص والمشط. وقد تبدو المسألة عبثية الى حد ما, عندما تنتهي من قص شعرك وتضع يدك في جيبك وتتجه بنظرك الى الحلاق, فاذا به يطالبك بضعف ما دفعت الشهر الماضي, هكذا مرة واحدة دون مقدمات, والسبب ارتفاع سعر الدولار لكنك تسال في سذاجة: حتى الحلاقة تلك الخدمة التي تعتمد على مهارة الحلاق ليس اكثر دون النظر الى تقلبات السوق واسعار الصرف والاستيراد والتصدير. وقبل ان نتوجه الى الزبائن فضلنا ان نسأل عم صلاح الحلاق الذي قال: للاسف الناس تنظر الى الحلاقة باعتبارها مهنة لا تكلف صاحبها شيئا, وزمان كانوا يقولون ان راس مال الحلاق مشط ومقص, لكن الامور اليوم تغيرت تماما واصبح الحلاق يحتاج الى محل تجاري ورخصة واستهلاك يومي للكهرباء والماء والشامبو وكريم الشعر وكلها اشياء يحصل عليها الحلاق بمقابل مادي تجعله يسدد شهريا مئات الجنيهات, بالتالي يضطر الى زيادة اجرة الحلاقة مثل غيرها من المهن والسلع المعرضة لتقلبات السوق. ويضحك عم صلاح قائلا: انا لا اعرف بالضبط حكاية الدولار هذا مضيفا انا رجل موجود في السوق وما ينطبق على غيري ينطبق علي, وانا في النهاية خارج هذا المحل رجل مستهلك مثلك تماما, اشتري احتياجاتي من الاسواق بأسعار ارتفعت هذا الشهر بشكل ملحوظ, الشيء الذي كنت اشتريه بجنيه اصبح بجنيه ونصف فكيف يكون اجري مقابل الحلاقة بنفس القيمة السابقة, ضروري ان ارفع انا ايضا اجري حتى اتمكن من شراء احتياجاتي. انخفاض الجنيه ويقول المحلل الاقتصادي اسماعيل بدر: المسألة باختصار شديد ان ارتفاع سعر الدولار يعني انخفاض سعر الجنيه المصري, بالتالي تصبح القوة الشرائية للجنيه هذا الشهر مثلا اقل من قوته الشرائية الشهر الماضي, وهذا ينطبق على كل السلع والخدمات في المجتمع مستدركا لكن بشكل عام السلع ترتفع اسعارها اكثر من الخدمات والحلاقة خدمة ضرورية لكن ليس بالضرورة ان يرتفع مقابل الحلاقة كما ترتفع الاسعار بنفس الدرجة, لان في السوق ارتباطا مباشرا وغير مباشر مع سعر الدولار, لو ارتفع ترتفع فورا اسعارها, بينما السلع المحلية من المفترض ان ترتفع بشكل اقل بكثير من المستورد, وكذلك في الخدمات, لكن هناك ارتباطا غير مباشر بسعر الدولار يؤثر في ارتفاع الاسعار بدرجة اقل, منها كما يقول الحلاق اسعار الشامبو وكريم الحلاقة وفاتورة الكهرباء بالتالي فان اجرة الحلاق قد ترتفع من 20 الى 30% فقط, بينما يعتبر استغلالا اذا ارتفع في اشارة الى السعي اكثر من ذلك للتربح من وراء الازمة الاقتصادية التي يمر بها المجتمع. مرة واحدة في الشهر @ وماذا عن الزبائن.. كيف استطاعوا مواجهة ارتفاع اجر الحلاق؟ * يقول مصطفى محمد (موظف): ما باليد حيلة هذه خدمة لا يمكن الاستغناء عنها مع امكانية اطالة فترة التردد على الحلاق, وزمان كنا نذهب لقص الشعر مرتين شهريا, الآن مرة واحدة تكفي واعرف بعض الزملاء في العمل يقصون شعر اولادهم في البيت توفيرا للنفقات. زين عبدالله (عامل): الحمدلله ان الموضة الآن هي الشعر القصير جدا, وهذا يوفر الكثير من مستلزمات العناية بالشعر مشيرا الى ان اجرة الحلاقة تختلف في القاهرة من حي الى آخر فمازالت الاحياء الشعبية بخير والاسعار هناك في متناول اليد والجيب. ممدوح دسوقي (مهندس): الملاحظة المثيرة للانتباه ان هناك بعض فئات المجتمع تدفع بسخاء غريب وهناك بعض رجال الاعمال يدفعون اكثر من مائة جنيها لقص شعرهم عند حلاق مشهور في احد الفنادق, وهذا في اعتقادي بذخ شديد يجعل الحلاق العادي يرفع سعره الى 20 جنيها ولا يرى عيبا في ذلك لان زميله في الفندق يحصل على اضعاف هذا الاجر, لذلك ارجو من القادرين ماديا في المجتمع الا يبالغوا في الصرف على الخدمات التي يحصلون عليها, لان هناك فئات اخرى في المجتمع لا تقدر على ذلك بل ويعيشون على حد الكفاف.ويؤكد ذلك ياسر محمد علي قائلا: ان بعض القيم الاجتماعية التي تمارسها الفئات الاكثر ثراء وبذخا تعود على الفقراء ومحدودي الدخل بالضرر البالغ مشيرا الى اهمية عدم اشاعة مثل هذه القيم واذا لم تستطع منعها فلا اقل من الحد منها حتى لا تستشري وتصبح ظاهرة سواء في خدمة مثل الحلاقة او غيرها, اذ ان المسألة قيمية اكثر من كونها مرتبطة بالحلاقة او غيرها من الخدمات. مؤكدا ان المجتمع بحاجة الى التماسك امام المشاكل الاقتصادية التي تعصف به.