انخفضت القوة الشرائية للنقود الورقية بنسبة تجاوزت 50% في معظم دول العالم خلال العشر سنوات الماضية، وأصبح من الواضح أن على الأجيال القادمة دفع فاتورة الأزمة المالية العالمية التي أفرزها التوسع في منح الائتمان وضعف الجوانب التشريعية والرقابية على الأنظمة المالية. ويختلف حجم التكاليف التي تتحملها الأجيال القادمة من دولة لأخرى بحسب حجم مواردها وقوة هياكلها الاقتصادية. كما أن التكاليف قد تكون على شكل تدهور أسعار صرف عملاتها وارتفاعات مستمرة في المستويات العامة للأسعار، أو ارتفاعات مستمرة في معدلات البطالة، أو عجز مزمن في الميزانيات العامة يؤدي إلى تقويض قدرة الحكومات على توفير الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم للأجيال القادمة. القوة الشرائية للنقود الورقية تنخفض 50% في معظم دول العالم ويصعب قياس حجم التدهور في القوة الشرائية للعملات الرئيسة التي أفرزته الارتفاعات القياسية في أسعار السلع الأساسية (لاسيما عام 2008م)، وسياسة التيسير الكمي التي اتخذتها البنوك المركزية لتخفيف حدة الأزمة المالية العالمية على قطاعاتها المالية، إلا أن سعر الذهب المُقوّم بالعملات الرئيسة العالمية يعطي إشارات واضحة حول حجم التفاوت الكبير في انخفاض القوة الشرائية للنقود الورقية في مختلف دول العالم. ولم تستطع أي عملة عالمية الحفاظ على قوتها الشرائية لاسيما مقابل الذهب خلال العشر سنوات الماضية، حيث أظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي ارتفاع أسعار الذهب مقابل العملات الرئيسة بنسب تجاوزت 100% خلال الفترة من عام 2004 إلى 2013 (أي تلاشي أكثر من 50% من القوة الشرائية للعملات الرئيسة مقابل الذهب). ووفقاً لمجلس الذهب العالمي، سجل الفرنك السويسري أقل معدل انخفاض في قيمته مقابل الذهب خلال العشر سنوات الماضية، حيث ارتفع سعر الذهب من 508 فرنك للأونصة في عام 2004 إلى 1309 فرنكات0 في عام 2013م، أي بنسبة ارتفاع بلغت 157.6%. وجاء الدولار الكندي في المرتبة الثانية من حيث انخفاض قوته الشرائية، حيث انخفضت قيمته مقابل الذهب بنسبة 172.9% خلال نفس الفترة، ثم الين الياباني الذي انخفض بنسبة 210.1%، اليورو 223.2%، ثم الدولار الأمريكي بنسبة 244,9، ثم الجنية الإسترليني بنسبة انخفاض بلغت 304.6% (الجدول والرسم البياني المرفق). وارتفع مؤشر أسعار الذهب (G5) في الأسواق العالمية بنسبة 233.6% خلال الفترة من عام 2004 إلى عام 2013، وهي الفترة التي شهدت مستويات عالية من الارتفاع. ومؤشر أسعار الذهب (G5) هو المتوسط المرجح بالناتج المحلي الإجمالي لسعر الذهب بالدولار الإمريكي، واليورو، والين الياباني، والجنية الإسترليني، والدولار الكندي، والفرنك السويسري. ويقوم مجلس الذهب العالمي بحسابه لاستبعاد أثر تقلبات أسعار الصرف على أسعار الذهب العالمية. ويلاحظ من بيانات مجلس الذهب العالمي انخفاض قيمة الريال السعودية مقابل الذهب بنسبة 244.9% خلال الفترة من 2004 إلى 2013، وهي نفس نسبة انخفاض الدولار الأمريكي مقابل الذهب نتيجة تثبيت سعر صرف الريال مقابل الدولار.